مرت السنوات الواحدة تلو الأخري ولم يتعظ إسحاق الأربعيني من ضبطه في أكثر من قضية سابقة خرج منها بحيل قانونية عن طريق محاميه صاحب الخبرات الكبيرة في الثغرات وعورات القانون. كانت بداية إسحاق في إحدي القري المعروف عنها فقرها الشديد داخل مركز كوم أمبو, مما جعل شبابها يلجأون إلي أي عمل من أجل الحصول علي متطلباتهم ورغم نشأته المتواضعة داخل أسرة يكاد عائلها أن يوفر قوت أولاده اليومي بصعوبة ومشقة, إلا أنه كان الشاذ الوحيد بين أشقائه الذين حصلوا علي قدر معقول من التعليم, فأرهق بتصرفاته والده الذي حاول تقويمه مرات عديدة بالنصح تارة وبالعنف تارة أخري دون جدوي. بعد أن كان والده يصطحبه إلي مدرسته يوميا للاطمئنان علي انتظامه في الدراسة كان الابن العاق لا يعود إلي المنزل في نهاية اليوم الدراسي, سارحا في أنحاء القرية والقري المجاورة مع أصدقاء السوء مما جعل الأب الحريص علي تربية أبنائه, يضربه علقة ساخنة, لكن الضرب كان يزيد الابن تمردا.. وهكذا ظل إسحاق يلاعب أباه كل يوم لإجباره علي الرضوخ لرغبته في ترك المدرسة وهو ما جعل الأب يفكر في إلحاقه بالعمل في إحدي الورش الصناعية, غير أنه كان يفتعل المشكلات مع زملائه الذين تجنبوا تصرفاته ليصبح ممقوتا وينتهي به الأمر إلي الطرد. خرج إسحاق من الورشة إلي الشارع, خاصة بعد أن أدمن البانجو ولم يستطع الصبر علي فراقه, فتلقفته أياد إجرامية أخري حولته إلي وحش كاسر يتاجر في أي شيء غلا ثمنه أو رخص وكانت المخدرات هي الخطوة الأولي في تجارته المحرمة التي نجا من عواقبها بعد ذلك ليسقط في قبضة رجال الأمن بسلاح خرطوش. ومع تعدد البلاغات التي كانت يتلقاها مأمور مركز كوم أمبو عن جرائم إسحاق, أحال المأمور هذه البلاغات إلي رجال المباحث الذين كثفوا من جهودهم لضبطه, خاصة أن التحريات والمعلومات المؤكدة كانت تشير إلي أن إسحاق قد سبق ضبطه واتهامه في7 قضايا متنوعة وأفلت منها مؤقتا فأصدر اللواء مجدي موسي مساعد وزير الداخلية ومدير الأمن توجيهاته لضبط إسحاق الذي كان يختفي نهارا ويظهر علي الساحة ليلا في انتظار تنفيذ عملية ما بالمشاركة أو التخطيط, وبالفعل وبعد أن أكدت التحريات وجوده بإحدي القري متسترا حول مجموعة من الناضورجية, تسلل عدد من رجال المباحث السريين إلي القرية متخفين في زي صعيدي, حيث خدعوا ناضورجيته بأنهم يرغبون في مقابلته لأمر مهم يتعلق بصفقة مربحة وبينما وفي نفس الوقت الذي كان إسحاق يلتقي بهم, كان فريقا من رجال المباحث يقوده العميد أشرف زكريا الأمير مفتش فرقة الوسط يرصد المشهد عن بعد, حتي جاء موعد اللحظة المناسبة التي كانت بمنزلة مفاجأة صادمة أذهلته تماما, ليتم ضبطه بسلاح ناري عبارة عن بندقية خرطوش, وبينما كان رجال الأمن يقتادونه إلي مركز الشرطة لتحرير المحضر اللازم الذي حمل الرقم3362 إداري تمهيدا للاقتصاص منه فيما سبق, انهار إسحاق نادما علي ما فعله في حق نفسه والمجتمع وأسرته.