لماذا هذه الصفحة ؟ لاحديث إلا عن تطوير الخطاب الديني أو تجديده أيا كان المسمي الذي تتحرك تحت مظلته جهود الدولة ومؤسساتها الدينية, تبقي هناك زاوية ربما لم يتطرق إليها الكثيرون من رعاة هذا الملف الشائك والحيوي في ظل إرهاب يهدد العالم بأسره ويحسب علي ديننا الحنيف ألا وهي الفكر أو التفكير الذي أصبحت هناك حاجة ملحة لتجديده لأسباب متعددة منها تلبية حاجات الإنسان وحل المشكلات وإيجاد البدائل ومواجهة خطر العولمة..... وهذا التجديد المطلوب لا بد له من ضوابط حاكمة وهي مراعاة الاختصاص والتمسك بالأصول والثوابت الإسلامية وأن يكون القصد من التجديد إصلاح التفكير الديني لدي الأمة والتحذير من بناء الحكم الشرعي اعتمادا علي نص واحد وإغفال بقية النصوص الدينية التي وردت فيه. وللوصول بالخطاب الديني الإسلامي للمستوي الذي يتواكب مع مقتضيات العصروالتطور المستمر في الحياة بعد الأفكار المغلوطة التي عملت الجماعات المتطرفة علي زرعها كان لابد من إعادة قراءة أحكام الشريعة وفقهها للتأكيد علي صلاحيتها لكل زمان ومكان, كما كان لابد من التجديد في فهم الأصول, والتيسير في الفروع, وهو ما تطرحه هذه الصفحة. انتهجت الجماعات المتطرفة نهجا جديدا خلال الفترة الماضية يكمن في تجنيد الأطفال وإعداد مدارس لتأهليهم فكريا واعتناقهم للفكر التكفيري تمهيدا لبداية حملهم للسلاح والقيام بعمليات إرهابية ولا شك ان مرحلة الطفولة هي أخطر مرحلة في حياة الإنسان إذ أن لها مردود ا في تكوين الشخصية وأثرا علي طول الحياة والعمليات الإرهابية التي حدثت في سيناء الفترة الماضية كان فيها أكثر من ثلاثة عشرة فتي صغيرا عمرهم ما بين الثانية عشرة والثالثة عشرة مما يجعلنا نبحث عن كيفية معالجة ذلك وحماية الشباب والفتيان من أفكار وعمليات الجماعات المتطرفة. قال الدكتورعبد الله محيي عزب أستاذ العقيدة والفلسفة ووكيل كلية أصول الدين: لكي نحقق هذا الأمر نحتاج إلي تضافر جهود جميع المؤسسات في المجتمع كل يقوم بدوره بدءا من الأسرة والإعلام والتعليم بل كل المؤسسات والأفراد, فيجب علي الأسرة القيام بتوعية الأبناء ونصحهم ومتابعتهم في كل تصرفاتهم وتربيتهم منذ نعومة أظفارهم علي التنشئة الدينية, وأن يعلموهم أن يستقوا فكرهم الديني من المؤسسات الدينية المعتدلة المعترف بها محليا ودوليا, وأن لا يسمعون لأمثال هؤلاء الإرهابيين الذين يريدون تدمير الوطن باسم الدين, والدين منهم براء, والحقيقة أن دور الأسرة في غاية الأهمية وهذا الدور مسئولية دينية, سيحاسب عليه الوالدين أمام الله يقول النبي صلي الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته, فالأمير الذي علي الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم, والرجل راع علي أهل بيته وهو مسئول عنهم وامرأة الرجل راعية علي بيت زوجها وولدها وهي مسئولة عنهم. وأوضح أنه علي الإعلام دور بوسائله المختلفة المسموعة والمقرؤة والمرئية التي يجب أن تبرز فكر الجماعات المتطرفة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية ومناقشتها وبيان مفاسدها وخطورتها علي الفرد والمجتمع, وبيان والطرق التي يجذبون بها الفتيان والشباب وتحذير كل المشاهدين من وقوع أبنائهم فريسة لهذه الجماعات الضالة المضلة, وتبين في المقابل الأفكار المعتدلة التي تنبذ وتناهض هذا الفكر المتطرف, بل وتبين العقوبات المغلظة التي وضعها القانون لمجابهة فكر وعمليات الجماعات الإرهابية وهذا يعد بمثابة التنوير والإنذار لكل من تسول له نفسه أن يعتنق فكر هذه الجماعات أو الالتحاق بهم. وأشار وكيل كلية أصول الدين أنه كذلك يجب علي مؤسسات التعليم بمراحله المختلفة توعية الفتيان والشباب بنبذ وبيان خطورة الأفكار المتطرفة التي يسقط فيها بعض الشباب فريسة للجماعات المتطرفة دون وعي منهم وبيان خطورة هذا السلوك علي الفرد والمجتمع, وبيان الفكر المعتدل الذي يجب الالتزام به, وكذلك كل المؤسسات الدينية يجب علي العاملين فيها احتواء الشباب بتبصيرهم وغرس القيم الدينية والوطنية فيهم وإبراز مظاهر التسامح والمحبة, وبالجملة يجب علي كل أفراد المجتمع أن تتضافر جهودهم بمناهضة ونبذ مثل هذه الأفكار المتطرفة التي ينكرها الشارع الحكيم, وهذا واجب ديني علي كل مسلم من باب تغيير المنكر قال تعالي:{ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} وقال صلي الله عليه وسلم من رأي منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع بلسانه, فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان وكذلك مجابهة هذا الفكر واجب ديني من باب النصيحة قال صلي الله عليه وسلم الدين النصيحة, قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم فالمسالة ليست هينة بل تحتاج إلي تضافر جهود الجميع كل يقوم بالدور المنوط به حفظ مصر حفظ الله الوطن من عبث العابثين. ومن جانبها أكدت الدكتورة نيفين مختار الداعية بوزارة الأوقاف أن هم فلذات اكبدانا وجيل المستقبل وأولادنا هم شغاف قلوبنا وقرة أعيننا وخير خلف لنا من بعدنا يأخذون عنا مانريد أن يأخذوه منا,فاذاأحسنا اعدادهم وأخلصنا لله في تربيتهم وتنشئتهم علي الأخلاق الفاضلة والسلوك القويم وفق المعايير العلمية والنفسية والبيئية والفكرية,وهي المعايير التي أعارها الدين عنايته التي فاقت كل عناية. وأضافت الدكتورة نيفين مختار أن أهم تلك الأمور العناية العقلية فالعقل ملكة بها يفكر الانسان في نفسه وفيمن حوله,وبها يتدبرويتذكر وبها يؤمن ويكفر,ويصير انسانا بكل ماتعنيه الكلمة وبدونه يكون كالأنعام بل هو أضل سبيلا,موضحة أن التربية العقلية لايقوم بها الامن أوتي عقلا مستنيرا وعلما غزيرا لذا لابد أن نعلم أبناءنا التلقين والتحليل بالقدر الذي يناسب كل طفل,حتي نقدم للمجتمع رجالا يصنعون الأوطان بكفاءتهم العقلية مستقبلا زاهرا مليئا بالكفاءات العلمية والعملية ويشب الطفل علي هدف يسعي لتحقيقه فلايكون عرضه للوساوس والتطرف الفكري وقالت انه ليس هناك غذاء عقلي أعظم من العلم فهو عماد الفكر فمن أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم قال تعالي يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات},قائلة ليس التعليم المطلوب هو الإملاء والتلقين فحسب وانما لابد من التوعية والتنوير والتي تتمثل في تعليم الطفل وتنشئته علي الصفات الحسنة التي يجب أن يلتزم بها ويبتعد عن الصفات السيئة علاوة علي تعليمه ما يفيده وما يضر مجتمعه الذي يعيش ويحيا فيه لأن العلم النافع الصغر ينفع صاحبه في الكبر لأنه ينطبع في عقله مطالبه بأن يكون المربي قدوة للأطفال وأن يكون بين الأباء وأبنائهم ارتباطا وثيقا مبنيا علي الحب والثقة لا علي الخوف أوالطمع لحمايتهم من براثن الارهاب ومن جانبه قال الدكتور أحمد عشماوي زيدان أستاذ التفسير وعلوم القرآن من علماء الأزهر إن توجيه الأطفال في تلقينهم المعلومات هو الأخطر علي الإطلاق فكلما كانت المعلومات التي تلقي إليهم صحيحة خرج الأولاد إلي عالم المجتمع في صحة وطهارة وبراءة ونفع وبركة وكلما كانت المعلومات التي تلقي إليهم مشوهة غير سليمة خرج الأولاد إلي عالم المجتمع بأمراض نفسية تنال من المجتمع بأسره وما ذلك إلا لما قاله الإمام علي كرم الله وجهه( إن العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه) وهذا الكلام يعكس لنا أثر المعلومة وأنها تنزل من المتلقي منزل العقيدة والدين. وأشار الي أنه لابد أن نتيقظ لما يتلقاه أولادنا من معلومات خاصة معلومات الدين لأننا إذا تركنا أطفالنا لكل شارد ووارد ممن يدعون أنهم أهل علم بالدين فلربما لقنهم التعصب والتطرف وكره المجتمع بل وربما حرضهم علي تفجير أنفسهم باحزمة ناسفة كما يفعله الداعشيون الآن بالأطفال ولا عجب فلهؤلاء مداخل يستطيعون بها جذب الأطفال وتجنيدهم واستخدامهم كقنابل موقوته في وجه المجتمع وتجهيزهم لحمل الراية من بعدهم في الأفكار والمعتقدات وهذا ينذر بكارثة كبري وعلي أولياء الأمور وعلي أجهزة الدولة أن يتصدوا لهذا الأمر الخطير علي كل النواحي فعلي الأسرة أن تولي الأطفال عناية كبري من خلال مراقبة سير الحركة التعليمية من حيث شخص المدرس ونوعية أفكاره ومن حيث الزملاء والأصدقاء لأطفالهم وفي حديث نبي الرحمة صلي الله عليه وسلم( المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل). وأوضح أنه علي الأبوين عدم ترك الاولاد في التواصل مع الوسائل التواصل الاجتماعي لخطورتها في تكوين الفكر والاعتقاد وأكثر معلومات هذه الوسائل قائمة علي الكذب والخداع والتضليل مطالبا الدولة بضرورة إنتقاء المدرس ووجود مراقبة دورية ومتابعة لأفكار المدرسين لضمان سلامة ما يتلقاه الأطفال من معلومات ووضع مقرارات تتناسب مع المراحل العمرية والاستعانة بعلماء الأزهر والأوقاف في محاضرات يومية او أسبوعية في أوقات استثنائية لتفهيم الأطفال سماحة ووسطية الإسلام ولتعليمهم ثقافة الإختلاف وحب واحترام الآخر مهما كان الاختلاف.