أعتقد أن مكافحة الإرهاب أصبحت ضرورة عالمية ملحة للغاية في ظل التهديدات الإرهابية الكبيرة في العالم, وبعد الحوادث التي شهدها العديد من العواصم والمدن الكبري, فقد أصبح الإرهاب لا يهدد دولا بعينها فقط بل بات يهدد أمن واستقرار العالم كله ولا يفرق بين منطقة وأخري أو دولة وأخري, ولذا فإن القمة العربية الإسلامية الأمريكية والتي عقدت الأحد الماضي بالعاصمة السعودية الرياض وشارك بها أكثر من55 رئيس دولة وحكومة ومندوبا ومشاركة مصر بوفد رفيع المستوي برئاسة الرئيس السيسي وبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أولي زياراته الخارجية بعد توليه منصبه جاءت في توقيتها تماما وما حدث بها من وقائع يؤكد إدراك العالم لخطورة ما يحدث وضرورة مواجهته. والمؤكد أن الرؤية الاستراتيجية التي طرحها الرئيس السيسي أمام القمة لكيفية مواجهة الإرهاب كشفت العديد من النقاط المحورية في تلك المواجهة, بل إنها أزاحت الستار عن العديد من النقاط الخفية والتي يجب أن ينتبه إليها المجتمع الدولي وفي مقدمتها كيفية العمل علي تحقيق التوافق والمقاربة بين الأبعاد والإجراءات الأمنية والعسكرية والسياسية والأيديولوجية والتنموية وكيفية وضعها علي أرض الواقع بما يخدم الجهود الدولية المخلصة لمواجهة الإرهاب والتصدي للحركات والتنظيمات بكافة أنواعها. ولذا فإن مواجهة الإرهاب بشكل حقيقي وعملي تتطلب كما قال الرئيس السيسي في كلمته- مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز.. فلا مجال لاختزال المواجهة في تنظيم أو اثنين.. فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية.. تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم.. تشمل الأيديولوجية.. والتمويل.. والتنسيق العسكري والمعلوماتي والأمني.. ومن هنا.. فلا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات واحد دون آخر.. وإنما يقتضي النجاح في استئصال خطر الإرهاب أن نواجه جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن علي جميع الجبهات. ورغم أن مصر تخوض حربا شرسة ضد الإرهاب ارتفعت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة خاصة في شمال سيناء إلا أن العالم لم يدرك ذلك إلا مؤخرا, حيث تحدث الرئيس الأمريكي ترامب عن الدور المصري في مواجهة الإرهاب, مشيدا به ومؤكدا تقديره لإمكانيات ودور الرئيس السيسي في مواجهة الإرهاب في المنطقة وبالتالي فإننا أمام إشكالية كبيرة تتمثل في إدانة العالم كله للإرهاب وسعي الجميع للتبرؤ منه ومن تهمة دعمه أو الوقوف بجانبه بأي صورة من الصور. والسؤال الهام والذي يطرح نفسه بقوة علي الساحة الدولية, من يقف خلف الإرهاب ومن يدعم تلك التنظيمات الإرهابية بكل ما تملكه من سلاح ومعدات وأجهزة ومعلومات بالاضافة إلي عمليات التدريب والتأهيل لكوادر تلك التنظيمات؟ بل إن الأهم هو من يمول تلك الجماعات الإرهابية سواء بالسلاح أو المعلومات أو الأموال؟ وبالتالي علي العالم أن يقف أولا وبكل قوة أمام من يساعد الإرهاب بكافة أشكاله وصوره قبل البدء في اقتلاع جذوره لأن أي محاولات للتصدي له والقضاء عليه لن تنجح في ظل وجود دول وأجهزة استخبارات أعتقد انها معروفة للجميع مستمرة في دعمها للإرهاب رغم كل ما يحدثه من خراب ودمار في العالم. ويقينا فإن ما شهدته القمة العربية الإسلامية الأمريكية من مشاورات ومحادثات بشأن ضرورة تكاتف العالم للتصدي للإرهاب تؤكد خطورة الموقف الدولي وتصب في خانة التحركات التي تقودها مصر والسعودية ودول المنطقة الأخري, لتنسيق الجهود مع واشنطن, اللاعب الرئيسي في العالم, لكيفية التصدي للإرهاب وتجفيف منابعه ثقافيا وفكريا, ثم مواجهته أمنيا وسياسيا حتي تكون هناك نتائج حقيقية لتلك الجهود بعيدا عن المخربين والداعمين للتنظيمات الإرهابية. [email protected]