لا يوجد مجرم بالفطرة بل المجتمع هو من يخلق الجناة! تلك هي الحقيقة التي يجب ان يدركها الكل, فقد تعددت النظريات وآراء الفقهاء حول طبيعة المجرم فمنهم من قال إن هناك مجرما بالفطرة وهذا بالطبع محال فالله سبحانه وتعالي خلقنا جميعا بالفطرة أبرياء ثم يبدأ الطفل بالتعلم بالتلقين فكل شيء يتعرض له هو مصدر من مصادر تعليمه سواء أكانت تلك المصادر داخلية متمثلة في الاسرة, ام عوامل خارجية اي من البيئة المحيطة به الشارع والمدرسة. قصدت بذلك ان أوضح كيف كان الفن قديما محل لمشاكل المجتمع وكيف كان رسالة اي يلقي الضوء علي مشكلة او ظاهرة في المجتمع وكيف كان مصدرا من مصادر التشريع! شاهدنا جميعا فيلم جعلوني مجرما للبطل فريد شوقي ولكن هل يعلم الجميع ان هذا الفيلم كان سببا في صدور قانون ينص علي الإعفاء من السابقة الأولي في الصحيفة الجنائية حتي يتمكن المخطئ من بدء حياة جديدة! قصة الفيلم تدور حول فتي توفي والده, وضمه عمه إلي كنفه ليحسن تربيته ولكن استولي عمه علي ثروته, فأصبح الفتي ضائعا في الطريق, فيقوم عمه بطرده ويودعه إصلاحية الأحداث ويحاول أن يجد عملا شريفا بعد خروجه من الإصلاحية ولكنه يفشل! قصة الفيلم كتبها فريد شوقي بنفسه وهي مأخوذة عن قصة حقيقية واقعية لفتي خرج من الإصلاحية وواجهته ظروف قاسية في الحياة بعد خروجه. هكذا كانت السينما صانعة قوانين, كانت رسالة, كانت تلقي الضوء علي مشاكل المجتمع كما هو الحال في فيلم اريد حلا للفنانة القديرة فاتن حمامة التي القت الضوء علي المشاكل التي تعانيها منها المرأة, وايضا افلام الممثل القدير عادل امام التي جسدت حال مصر علي مر العصور, هناك العديد من الظواهر الاجتماعية والجرائم التي زادت في الفترة الأخيرة, فمن الممكن ان تتجه الدولة لحل جميع مشاكل الوطن والمجتمع عن طريق الدراما كما كان الوضع من قبل,بل من الممكن ايضا تحسين صورة مصر عن طريق الدراما! ففي الخارج لا يعرفون مصر الا من الدراما كما ان البعض منا لا يعلم عن الدول الغربية الا ما يشاهده عبر الافلام, فالدراما كما هي اليوم خالقة للمشاكل من الممكن ان تكون كما كانت من قبل سببا في حل مشاكل الوطن والشعب, فالقانون هو الذي يقرر القواعد التي تحدد حقوق أي شخص والتزاماته وهو الذي يضع الجزاء وكيفية تطبيقه من قبل الحكومة علي كل من يخالف القواعد التي وضعت,ويظهر كيفية تطبيق الحكومة لتلك القواعد والجزاءات. وبالرغم من ذلك, يمكن للقواعد التي تطبقها الحكومة أن تتغير..ففي الواقع, تعدل القوانين بصورة متكررة لكي تعكس المتغيرات التي تطرأ علي حاجات المجتمع واتجاهاته, فمن يتمعن في تعريف القانون يجد انه قابل للتغيير وفقا لمتغيرات المجتمع, ولا يوجد قواعد ثابتة وبالتالي ليست هناك ايضا استثناءات ثابتة فهي قابلة للتغيير,والتغيير يأتي مع ظهور تغيرات في المجتمع مثل انتشار ظواهر غريبة, جرائم جديدة, ولا يتأتي ذلك الا من خلال الدراما التي تعكس تلك الجرائم والمشاكل المجتمعية وقصص واقعية وتحولها الي دراما, وليس من قبيل الخيال بل من الواقع, من الممكن ان تكون الدراما أداة لحل المشاكل والتقليل من عدد المجرمين بأن تأتي بالمشكلة ومعها الحل كما كانت الدراما قديما.