أنا بطلة رسالة طليق زوجتي التي نشرت الأسبوع الماضي, فأنا زوجة صاحب الرسالة وفي البداية أشكرك يا سيدتي علي فهمك لما بين السطور ولما وجهتي زوجي إليه قبل حتي أن تسمعيني فالحقيقة أنني أنا من يعاني رغم أنه هو كاتب الكلمات فقد تزوجت وأنا في العشرينيات من زميل أحببته وأحبني ووافقت علي الارتباط به رغم أنني كنت استشعر طيشه وعدم تحمله للمسئولية الذي كان يدفعه للتخلي عن كل شيء عند حدوث أي مشكلة, ولم تخب توقعاتي بعد الزواج وإنجابي طفلي الوحيد إذ كان زوجي يترك المنزل عند كل سوء تفاهم ولا يعود إلا بعد استرضائي له بشتي الطرق, ولم تستمر حياتي معه طويلا بعد أن استجاب سريعا لطلبي الطلاق, وحاولت بعده الحفاظ علي علاقة سوية بينه وبين طفلي لكنه كان يفسدها بالمشاحنات والمشاكل معي حتي لا يتحمل مسئوليته, وفي هذه الأثناء تعرفت علي زوجي الحالي الذي شدني إليه تفهمه لما أعانيه ووقوفه إلي جواري بالنصح والمشورة والدعم رغم عدم مسئوليته عني وقتها وهو ما افتقدته في زيجتي الأولي, لذلك لم أتردد طويلا عندما صارحني برغبته في الارتباط بي خاصة أن ظروفه الاجتماعية تكاد تماثل ظروفي, وكان طليقي وقتها قد اختفي من حياتي وكف عن مشاكستي فتزوجت واعتقدت أن الدنيا ابتسمت لي من جديد وعشت بالفعل عدة سنوات من أجمل أيام حياتي بعد أن تأكدت من حب زوجي الجديد لطفلي الوحيد واتفقنا علي عدم الإنجاب وسارت الحياة هانئة حتي ظهر طليقي من جديد وبدأ في الاتصال بي لرؤية ابنه التي لم أمنعه عنها يوما, ثم عادت المشكلات للظهور لاختلافنا علي ترتيب حياة ابننا ومستقبله, وظننت أن زوجي سيدعمني مثلما كان يفعل قبل الزواج بل وأكثر بعد أن أصبحت زوجته, لكنني فوجئت بأنني أتعامل مع شخص مختلف تماما! فقد أصبح زوجي عصبيا لا يتحمل سيرة طليقي, يغضب إذا رويت له ما يحدث ويغضب إذا أخفيت عنه ما يحدث أيضا: ولم يكتف بعدم دعمي بل أصبح يطالبني بقطع علاقتي تماما بطليقي دون مراعاة لحق ابني, وبدأت تلميحاته بتخييري بينه وبين محاولاتي للحفاظ علي علاقة ابني بأبيه الذي يعتقد أنه يحاول استعادتي ولا أدري من أين جاءه هذا الاعتقاد. سيدتي: إنني أحب زوجي الحالي ولا أفكر ولا أرغب بالعودة إلي طليقي.. لكنني لا أستطيع التخلي عن حقوق طفلي وأولها أن يكون له أب حقيقي, وكل ما أخشاه أن تأتي اللحظة التي يخيرني زوجي بينه وبين هذا الحق, وأعتقد أنها باتت قريبة جدا خاصة بعد رسالته إليك.. فماذا أنا فاعلة؟ عزيزتي الزوجة الحائرة والأم الحنونة دعيني ألفت نظرك لحساسية موقفك وموقفي وأنت تقرئين الرد علي زوجك الأسبوع الماضي فهناك من الجوانب بالنسبة له ما كان ينبغي اطلاعك عليها, فهذه جعبته النفسية التي يجب أن يتعامل معها قبل أن يتعامل معك أو يقرر بشأنك, علي العموم سأتجاوز تلك الحساسية وأجيبك بأنني ألمس من كلماتك أنك تحاولين خلق توازن بين علاقتك بزوجك وبين علاقتك بوالد ابنك, وأنك مصدومة من تحول موقف زوجك من الدعم إلي الهجوم في مواجهة هذا الصراع يبدو لي أيضا أنك تمتلكين من الثبات والصلابة ما جعلكي تساندين والد طفلك وتلعبين معه دور الأم التي تسترضيه رغم أخطائه التي انتهت بطلاقك منه عندما سئمت لعب هذا الدور بلا طائل, والآن أنت شريكة لزوج كريم بتحبي وبتتحبي لأول مرة بشكل يرضيكي لذا لا ترغبين في تهديد هذه العلاقة بأي شكل لكن إحساسك بالأمومة ومسئوليتك تجاه طفلك يفرضان عليك الحفاظ علي حقه في التمتع بأبيه البيولوجي أنا معك يا سيدتي في حق ابنك في الحصول علي علاقة منضبطة مع والده لكن دعيني أسألك عن حقك أنت في علاقة هانئة وشراكة حقيقية مع زوجك المحب الغيور عليك لدرجة أنه لم يرغب في إنجاب أطفال آخرين واختارك وحدك وأحب ابنك و كان له أبا فعليا بناء علي رسائلكما أنتما الاثنين, أتصور أن صدمتك من تغير موقف زوجك لا تقل عن صدمته في سماحك لوالد طفلك باقتحام صفو حياته وتعكير هناء علاقتكما, فمن وجهة نظره احنا ما اتفقناش علي كده وهذا موقف مغاير تماما لموقفك قبل الزواج حيث أحطتيه علما بوضعك واختار طواعية أن يدعمك, أما الآن فأحذرك من أن طليقك قد اعتاد علي قيامك معه بدور الأم التي تسترضيه مهما فعل, وإن لم يكن يرغب في استعادتك فهو ربما يفتقد هذا الدور في حياته, وأخشي أن يلهيكي غضب زوجك تجاهك عن السيناريو المستهلك الذي يفرضه عليك أبو الولد ويمكن أن يكلفك سعادتك واستقرارك الزوجي! انتبهي عزيزتي, فلكل علاقة تفاصيلها وحناياها وخباياها وعليك بحماية نفسك وطفلك هذه المرة من الطفل المستهتر غير المسئول المقتحم, بإدراك حقك علي نفسك وحق زوجك الذي أحب طفلك وارتضاه ابنا وربما يجرحه إصرارك علي أنه ليس الأب الحقيقي, ربما لو تفهمتي مشاعر غضبه من جراء الوضع الذي يرفضه ويؤجج مشاعره لاستطعتي احتواءه واكتساب دعمه الذي تتوقين إليه مرة أخري, وأظن أن التفكير في إنجاب أخ لابنك من زوجك الحالي إذا كنتما تستطيعان ذلك ماديا ونفسيا واجتماعيا يمكن أن يثبت سفينتكما أمام الرياح التي لا تشتهيها أنفسكما.