الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان الجمهورية سابقا وصاحب المقولة الشهيرة الفساد في المحليات وصل للركب اسمه كاملا زكريا حسين محمد عزمي من مواليد منيا القمح بمحافظة الشرقية بدلتا مصر في2 يونيو1938, تخرج في الكلية الحربية في عام1960 وبدأ حياته ضابطا في سلاح المدرعات, وفي عام1965 انتقل إلي الحرس الجمهوري, وفي نفس الوقت حصل علي ليسانس حقوق من جامعة القاهرة ثم حصل علي دبلوم في العلوم الجنائية من كلية الحقوق عام1970, ودبلوم في القانون الدولي عام1972, ودكتوراة في القانون الدولي حول موضوع حماية المدنيين في النزاع المسلح. وفي عام1973 أصبح رئيسا للشئون السياسية بمكتب رئيس الجمهورية لشئون الأمن القومي, وعضوا في سكرتارية الرئيس للمعلومات, وكان عضو الحزب الوطني الديمقراطي والأمين العام المساعد لشئون التنظيم والعضوية والمالية والإدارية في الحزب. ووصفه رجال السياسة والمثقفون بأنه رجل غير عادي.. في منصب غير عادي أيضا, وقالوا إنه رجل يجمع في كيان سياسي واحد نموذجا لرجل الدولة في مصر الذي يعرف متي تقف حدود سلطاته التنفيذية ليبدأ دوره كنائب عن الأمة ومتي يخلع رداء رجال السلطة التشريعية ليعود إلي موقعه التنفيذي كرئيس ديوان رئيس الجمهورية المخلوع حسني مبارك, ثم متي يجمع الصفتين معا حين يتصدي لمسئولياته السياسية والتنظيمية داخل الحزب الوطني. وهناك عدد من الأسباب مهمة تكمن وراء وصول عزمي لهذه المكانه يقع علي رأسها أنه يعد الرجل الوحيد الأقرب الي قلب الرئيس مما دعمه للوصول لهذه الدرجة من التأثير في صناعة القرارات, وهو الرجل الأكثر إطلاعا علي أداء الحكومة, وهو الرجل الأكثر تأثيرا ضمن دائرة صناعة القرار في الحزب الوطني, وهو الرجل الأكثر ذكاء ضمن نواب الأغلبية في الحزب, يعرف متي يتكلم ومتي يصمت ومتي يصك مصطلحا شهيرا تعيش عليه صحافة الحكومة والمعارضة لسنوات طويلة, مثلا مصطلح الفساد للركب الذي لا يزال مستخدما في السياسة وفي الصحافة حتي اليوم في توصيف المحليات فكيف إذن لا يكون له مثل هذا التأثير؟ وبحكم هذا التأثير السياسي والتنفيذي صار عزمي هو الملجأ الأخير للمضربين والمعتصمين, كما صار أيضا هو الجسر الذي يعبر من خلاله قيادات المعارضة إلي مكتب الرئيس مباشرة, ففي الركن الشهير للدكتور زكريا داخل مجلس الشعب يتحلق حوله رجال المعارضة في مصر في مشهد متكرر خلال الدورات البرلمانية المتعاقبة, هنا تنتهي المشكلات السياسية بين الأغلبية والأقلية في المجلس, وهنا أيضا تنتهي الأزمات بين المشاغبين من المعارضة, والغاضبين من نواب الحزب الحاكم, وهنا أيضا يمر الهمس الخفي حول من قال, ومن اقترح, ومن تجاوز, ومن يستعد بتشريع جديد, أو بمبادرة قانونية, أو بمغامرة سياسية طارئة. كان النواب يتعاملون مع هذا الركن باعتباره البوابة إلي صانع القرار الأول, والوزراء يتعاملون مع هذا الركن باعتباره العين التي تري وتسمع, وكأن الدولة بسلطانها استقرت هنا الرئاسة و الحزب والبرلمان وصناعة القرار في كيان واحد تحت القبة المعارضون ايضا أجمعوا علي هذه الحالة. التصور الشائع عن عزمي ورئيس الوزراء المصري عصام شرف قصة طويلة فقد أقسم ممدوح إسماعيل مالك العبارة السلام98 التي غرقت في فبراير2006 وراح ضحيتها1033 مواطنا, أن يطيح بعصام شرف من الوزارة في أكتوبر2005 وذلك عندما رفض تدخله وتدخل عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية في طمس حقيقة اصطدام العبارة السلام95 بسفينة بترول قبرصية في السويس, وأراد أن يغير دفة التحقيقات حتي يهرب من التعويض ويحمل السفينة القبرصية التعويض. وطلب من اللواء حسين الهرميل والذي كان يرأس هيئة السلامة البحرية استمرار التحقيقات ورفض الاستجابة لتدخلات عزمي, وتحققت مقولة ممدوح إسماعيل وخرج عصام شرف في ديسمبر.2005 وبعد أن خرج عصام شرف من وزارة النقل غادر البلاد متجها إلي أبوظبي ليشارك هناك في تخطيط الإمارة بدعوة من الحكومة هناك, ولم يتم تكريمه أو منحه أي مناصب مثل بقية الوزراء الذين خرجوا. ويكشف وزير النقل الأسبق في لقاء جمعه بمحرري النقل عن أن وزارة الداخلية قامت بسحب شرطي الحراسة من أمام منزله في الدقي فور خروجه من التشكيل الوزاري, وعاد وزير النقل لمصر في عام2008 ليشارك في الحياة الاجتماعية, وأبدي اهتماما شديدا بكوارث حوادث الطرق وأنشأ جمعية خاصة بهذا الشأن وعين مشرفا علي نقابة المهندسين. في الرحلة العلاجية الأخيرة للرئيس حسني مبارك في ألمانيا, ثبت بالدليل القاطع أن زكريا عزمي- رئيس ديوان رئاسة الجمهورية- هو أهم رجال الرئيس وأخطرهم علي الإطلاق, وسقطت للمرة الأولي مقولة رجال الرئيس بشكل عملي ومذهل في آن واحد, بحيث لم يعد هناك سوي رجل واحد هو زكريا ذلك لأنه الرجل الذي لا بد أن تقع عليه عيون الرئيس عندما يستيقظ من نومه وقبل أن يدخل إلي مكتبه, كما أنه آخر المحيطين بالرئيس ذهابا إلي سرير النوم وأولهم حضورا وأكثرهم انضباطا. ومن بين كل من تعاقبوا علي منصب رئيس ديوان الرئاسة, سيظل عزمي اسما لا يمكن تجاوزه ولن تمحوه السنوات بسهولة, فهو نجح في أن يحفر اسمه حول الرئيس في كل شئ. ولم يكن غريبا أن يعلن الدكتور أحمد الطيب- شيخ الأزهر الشريف- أن زكريا هو أول من أبلغه بقرار الرئيس مبارك بتعيينه في منصبه الجديد, خلفا للدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله.. وكما قال الدكتور جهاد عودة عضو أمانة السياسات بالحزب الحاكم فإن زكريا عزمي ركن ركين من أركان النظام وأحد رجال النخبة الإستراتيجية للرئيس, لافتا إلي الدور المحوري والحيوي الذي لعبه إلي جانب آخرين في الحياة السياسية المصرية. وبرواية دبلوماسي غربي مخضرم في القاهرة فإن عزمي هو البوابة الرئيسية مبارك وبمعني أدق الباب الملكي والمفتوح لمكتب الرئيس. علي مدي السنوات الأخيرة أثبت الدكتور زكريا أنه أقوي من محاولات النيل منه, لاسيما أنه تمكن من إقناع الجميع بأن لا علاقة له بصاحب عبارة الموت الشهيرة. وكان المشهد الذي جرت وقائعه تحت قبة مجلس الشعب يوم الثلاثاء مايو عام2006, خير دليل علي قوة الرجل, عندما رفض المجلس طلبا مقدما من21 عضوا بإحالة الدكتور زكريا إلي المدعي الاشتراكي لصداقته لممدوح إسماعيل صاحب شركة السلام والعبارة الغارقة. يومها قال فتحي سرور إن ما جاء عن صداقة زكريا عزمي لممدوح إسماعيل لا يعد اتهاما له وأنه ليس مسئولا عن أعمال غيره. لكن براعة زكريا وقدراته القانونية بدت بجلاء عندما وقف في المجلس ليقول إنه من واجب الإنصاف والعدالة أن يتفضل من يشاء بالتقدم ببلاغ إلي سلطات التحقيق مباشرة حتي يتحمل مسئوليته عنه, مشيرا إلي أنه سوف يطارد بالحق والقانون هذا التجني والتشهير حتي آخر العمر. وما حدث أخيرا لتهدئة الأجواء الطائفية التي كانت محتقنة في منطقة الأميرية التي شهدت مقتل شاب مسلم وإصابة زوجته وطفلتها علي يد شقيق زوجته المسيحي يومها فاجأ زكريا والد القتيل بعد صلاة الجمعة وقدم له واجب العزاء, وأكد أن حقه لن يضيع, وأن زوجته وطفلته ستعالجان علي نفقة الدولة. في هذا المشهد لعب زكريا دور أطفائي الحرائق الطائفية وكسب حضورا متميزا في الشارع الذي كانت عيونه دائما عليه وهو يردد قبل سنوات مقولته الكلاسيكية الشهيرة الفساد بقي للركب. في خدمة الأولاد هنا ملمح آخر وأخير للرجل الكتوم الذي يلعب أهم الأدوار ويمارس أخطر المناصب حول الرئيس, فلا هو بهامان ولا بكاهن للمعبد,في كشف خطير يوضح كيف كانت تدار مصر ظهر محمود صبرة المدير العام السابق في مكتب للرئيس المخلوع حسني مبارك علي برنامج الحياة اليوم ليروي العديد من اسرار مبارك ومن حولة وكشف صبرة ان زكريا عزمي رئيس الديوان كان متحكما في عقل مبارك ويمنع اي شخص من الاقتراب عنه وعرف كيف ينفذ ذلك منذ حضوره كمقدم في الحرس الجمهوري فراح يقوم بمتابعة اولاد مبارك وتقديم الخدمات اليهم منذ الصغر فاهتم بهم في المدارس وكان يقوم بقضاء اي احتياجات لابنيه علاء وجمال. واوضح صبرة ان الرئيس لم يكن يحب القراءة فكان لايقرأ الصحف وكان يستقي كل معلوماته من زكريا عزمي فيما يخص كل شئون البلاد واضاف ان زكريا كان مصدره الوحيد للثقة فيما يخص كل مؤسسات الدولة سواء كان مجلس الوزراء او البرلمان او اي جهة ووصف صبرة مبارك بان اذنه كانت لعزمي فقط. واضاف صبرة ان زكريا عزمي كان يخشي من اقتراب اي احد من الرئيس حتي انه رفض استخدام د. مصطفي الفقي لمنصب سكرتير الرئيس للمعلومات بالرغم من انه كان يتولي هذا المنصب بالفعل وغضب بسبب نشر وكالة رويتر تصريحا للفقي مصحوبا بهذا المنصب حتي ان الفقي طلب من صبرة ان يرفع هذة الصفة في اي اخبار للوكالات حتي لايغضب عزمي. واكد صبرة ان الرئيس عين حسين كامل بهاء الدين وزيرا للتعليم ثم وزيرا للصحة لانه كان يشرف علي علاج نجلي الرئيس. وفجر صبرة موقفا كوميديا يكشف عن ضعف الفهم الفني لمؤسسة الرئاسة فقال انه في وقت توتر علاقة مصر بتركيا وقع زلزال في تركيا فرآها فرصة لاصلاح العلاقة بين مصر وتركيا ونصح الرئيس بالاتصال برئيس الوزراء التركي وارسال مساعدات وهو ما حسن العلاقة بين مصر وتركيا ففوجيء صبرة بمسئولين في الرئاسة يطالبونه بسرعة ارسال اي اخبار عن زلازل في اي منطقة!!