فى شهر الانتصارات، تعود مصر لتكتب فصلاً جديدًا فى سجلات أمجادها. ففى أكتوبر، الذى ارتبط فى ذاكرة الأمة بنصر العزة والكرامة عام 73، يأتى انتصار آخر من نوع مختلف لكنه يحمل نفس المعنى ونفس الفخر. فى الشهر الذى حررت فيه مصر أرضها من العدوان، حررت أيضًا حلمها الكروى من سنوات الانتظار، وأعلنت للعالم أنها عائدة من جديد إلى المونديال بعد غياب، لتفتح صفحة جديدة من المجد والفرح. فقد نجح منتخب مصر فى حسم تأهله رسميًا إلى كأس العالم 2026 بفوز تاريخى على جيبوتى، لتشتعل الشوارع بالأعلام والهتافات، وتعود البهجة إلى وجوه المصريين الذين انتظروا هذا اليوم طويلاً. فالصعود جاء فى توقيت رمزى يعيد للأذهان روح أكتوبر، ويؤكد أن مصر لا تعرف المستحيل، وأنها قادرة فى كل زمان على تحقيق النصر مهما طال الغياب. هذا الإنجاز الكبير لم يكن وليد الصدفة، بل جاء ثمرة عمل شاق وجهد متواصل من جيل جديد من اللاعبين وجهاز فنى يقوده حسام حسن، الذى أعاد للمنتخب روح القتال والانضباط والإصرار. فقد نجح الفراعنة فى تصدر مجموعتهم الإفريقية عن جدارة بعد مشوار طويل ملىء بالتحديات والضغوط، لكن عزيمة اللاعبين وثقة الجماهير كانت أقوى من كل العقبات. فاليوم مصر تحتفل بعودة منتخبها إلى المونديال، والعالم كله يشهد أن الكرة المصرية استعادت بريقها وروحها من جديد. أجواء الفرح وبينما يعيش الشارع المصرى أجواء الفرح والفخر، فإن الطريق أمام حسام حسن لا يزال طويلاً، لأن ما بين كأس الأمم الإفريقية القادمة وكأس العالم عدة شهور فقط، ستكون هى الفاصل الحقيقى بين الحلم والاستعداد. فالبطولة الإفريقية التى ستقام فى المغرب نهاية هذا العام ستكون بروفة كبرى قبل المونديال، واختبارًا جادًا لقدرات المنتخب وجهازه الفنى. فنجاح المنتخب فيها يعنى أنه يسير فى الاتجاه الصحيح نحو مونديال مشرف، أما الإخفاق فقد يكون جرس إنذار قبل الحدث الأهم فى تاريخ الكرة المصرية. حسام حسن يُدرك جيدًا أن كأس الأمم القادمة ليست مجرد بطولة قارية، بل هى امتحان شامل يقيس مدى جاهزية الفريق على المستويين الفنى والبدنى. وهى فرصة لاختبار فكر الجهاز الفنى وتنفيذ خططه أمام منتخبات قوية مثل المغرب والسنغال ونيجيريا والكاميرون. فالبطولة ستكشف مدى انسجام الفريق وقدرته على الصمود تحت الضغط، وقد تكون فرصة لبروز جيل جديد من اللاعبين الذين سيمثلون مستقبل المنتخب فى كأس العالم. فكل مباراة ستكون تجربة، وكل لحظة ستضيف درسًا جديدًا، لأن الوقت قصير والفارق بين الحلم والتطبيق لا يتجاوز بضعة شهور. مصير العميد ولأن الفرحة لا تعنى التوقف، فإن الاتحاد المصرى لكرة القدم أكد دعمه الكامل للجهاز الفنى بقيادة حسام حسن حتى نهاية مشواره فى المونديال، موضحًا أن الاستقرار هو الأساس، وأنه لن يتعامل معه بالقطعة كما حدث فى تجارب سابقة. إلا أن الاتحاد فى الوقت نفسه يرى أن نتائج كأس الأمم الإفريقية المقبلة ستكون مؤشرًا حقيقيًا على مستقبل الجهاز الفنى. فالأداء فى البطولة سيحدد مدى ثقة الشارع فى المنتخب وقدرته على المنافسة القارية والعالمية. ومن كواليس الاجتماعات الأخيرة داخل الاتحاد، كشفت مصادر مطلعة أن الإدارة أبلغت حسام حسن بوضوح أن الجماهير هى من اختارته، وهى نفسها التى تملك الكلمة الفصل فى استمراره. فالشارع المصرى هو من طالب بتدريبه المنتخب بحماسه وصدقه ورفضه للمجاملات، وهو أيضًا من سيحكم على بقائه إذا جاءت النتائج دون التوقعات. لذلك، فالمعيار الحقيقى للبقاء ليس فقط الدعم الإدارى، بل رضا الجماهير التى اعتبرت حسام حسن رمزًا للحماس والانتماء والعمل الجاد. وأكدت إدارة الاتحاد لحسام حسن أنها ستوفر له كل ما يحتاجه لإنجاح مهمته من معسكرات ومباريات ودية وإعداد بدنى قوى قبل البطولة الإفريقية، وأنها تدرك أن النجاح فى كأس الأمم سيمثل دفعة معنوية هائلة قبل خوض المونديال، لأن البطولة القارية ستكون بروفة واقعية تكشف نقاط القوة والضعف، وتعطى الجهاز الفنى الفرصة الأخيرة لتصحيح الأخطاء قبل التحدى العالمى الكبير. مرحلة جديدة وهكذا، تقف مصر اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، بين فرحة الصعود وتحدى الاستمرار، وبين نصر أكتوبر العسكرى الذى كتب تاريخ الوطن، ونصر أكتوبر الكروى الذى كتب فرحة جديدة فى قلوب المصريين. فالفارق بين النصرين أكثر من خمسين عامًا، لكن المعنى واحد، وهو أن مصر حين تريد تنتصر، وأن روح أكتوبر لا تموت، بل تعود فى كل جيل لتؤكد أن هذه الأمة قادرة دائمًا على تحقيق أحلامها فى الميدان وفى الملاعب وفى كل ساحة من ساحات العزة والفخر. 2