أيام تفصلنا عن اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التى تكمن أهميتها ليس فقط فى مناقشة الوضع الاقتصادى العالمى الذى يشهد ضبابية شديدة وتحوطًا أثر على مؤشرات الاقتصادات الكبرى ومن ثم الاقتصادات الناشئة منها مصر. حركة الاستثمار الأجنبى تتباطأ وسط ضغوط عالمية ولكن الاجتماعات بالنسبة لمصر ستشهد وضع النقاط على الحروف بين الوفد المصرى وصندوق النقد الدولى فى مرحلة الجميع يؤمن بأهمية الإصلاحات ولكن الضغوط الإقليمية تتزايد، لذا فإن الكثير من النقاش سيكون فى الكواليس على هامش الاجتماعات السنوية. مساعٍ مصرية حثيثة لاستكمال مسار الإصلاحات ودفع جهود الدولة فى شتى المجالات وتعزيز قدرة القطاع الخاص على قيادة القطاعات الاقتصادية ولكن التحديات قد تُعرقل المسار لبرنامج مصرى خالص نؤمن جميعًا بأن العلاج سيؤدى لنهضة شاملة قوامها الصناعة والاستثمارات المتدفقة من هنا وهناك. روز اليوسف أجرت حوار الساعة مع د. محمد معيط وزير المالية السابق، المدير التنفيذى وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولى للتعرف على مسار المناقشات وكيف ينظر الصندوق للاقتصاد المصرى، وماذا بعد؟ يأتى حديث معيط فى توقيت مهم، قبيل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين فى واشنطن، والتى ينتظر خلالها مناقشة المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى مع الصندوق. أكد الدكتور محمد معيط أن الاقتصاد المصرى نجح فى تحقيق مؤشرات إيجابية من حيث النمو وتراجع التضخم وسعر الصرف، لكن التحديات الجيوسياسية التى مرت بها المنطقة دفعت بحالة كبيرة من تزايد المخاطر لضمان استدامة ما تم تحقيقه خاصة فى ظل ارتفاع درجة التقلبات فى الأسواق العالمية. تحديات وقال معيط: إن قناة السويس مازالت متأثرة ورغم نمو الإيرادات من قطاعات أخرى ما ساهم فى امتصاص أثر تراجع إيرادات قناة السويس ولكن يعد ذلك أحد التحديات التى تراها الحكومة بشكل واضح. وأضاف: إن ارتفاع تكلفة البترول والغاز وكذلك ارتفاع تكلفة المواد الأساسية يزيد من فاتورة الاستيراد ومع انخفاض معدلات نمو الاقتصاد العالمى وتأثر التجارة الدولية يحتاج الاقتصاد المصرى إلى جهود لجذب التدفقات الاستثمارية الأجنبية وزيادة الصادرات ودفع السياحة. تحسن فعلى وأوضح أن معدل التضخم فى مصر انخفض على أساس سنوى ليسجل 12 % فى أغسطس 2025، فيما ارتفع صافى الاحتياطيات الأجنبية إلى مستوى قياسى جديد وبلغ فى أغسطس 2025 نحو 49.2 مليار دولار، كما سجل الائتمان المحلى الموجه لقطاع الأعمال الخاص الحقيقى نموًا إيجابيًا (7.35 %) فى عام 2024/ 2025، كما حققت الصادرات غير البترولية معدل نمو سنوى قدره 13.7 %. كما ارتفعت تحويلات العاملين بالخارج بنسبة 66.2 % خلال العام المالى 2024/ 2025، كما ارتفع الفائض الأولى ليبلغ 629.2 مليار جنيه، ما يعادل 3.6 % من الناتج المحلى الإجمالى، وهو الأعلى على الإطلاق. وسجلت الإيرادات السياحية ارتفاعًا بنسبة 14.5 % لتصل إلى 12.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالى 2024/ 2025، وحققت الإيرادات الضريبية نموًا قويًا بلغ 35 % خلال العام المالى نفسه. رؤية الصندوق وفيما يتعلق برؤية صندوق النقد قال معيط: إن مؤشرات استقرار الاقتصاد الكلى المصرى تسير فى اتجاه إيجابى، ولكن من المهم ضمان القدرة على استدامة هذا الاستقرار خصوصًا فى حالة تعرض الاقتصاد لأى صدمات جديدة ما يعنى أن الفترة المقبلة تتطلب السير فى عدة مسارات أهمها مسار النمو حتى يكون الاقتصاد قادرًا على مواجهة أى صدمات محتملة « لا قدر الله». وأضاف معيط: إن مسار تعزيز قدرة القطاع الخاص وزيادة مساهمته وتنفيذ وثيقة ملكية الدولة كنقطة مهمة جدًا فى المرحلة الراهنة من برنامج الإصلاح الاقتصادى. وكانت كريستالينا جورجييفا المدير التنفيذى صندوق النقد الدولى أكدت على أن مشاركة القطاع الخاص بشكل أوسع فى الاقتصاد دون منافسة الدولة سيُتيح حماية قوية للاقتصاد وتحمل أى صدمات، وتشغيل أيد عاملة. تقريب وجهات النظر وأوضح معيط أن وفدًا مصريًا سيتواجد الأسبوع الجارى فى واشنطن على هامش اجتماعات الخريف السنوية وعلى مدار أسبوع سيجرى الوفد المصرى نقاشات حثيثة حول النقاط الخلافية وتقريب وجهات النظر بشأن المرحلة المقبلة. وأشار إلى أن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين سوف تبدأ الأسبوع المقبل، وأن الوفد المصرى سيكون متواجدًا فى واشنطن على مدار الأسبوع وستكون فرصة لمناقشة كل تلك الموضوعات بين الوفد المصرى وبعثة وإدارة الصندوق خلال الاجتماعات. وقال معيط: «إن كثيرًا من التفاصيل سوف تتضح خلال المناقشات ولكن برنامج الطروحات ومزيد من الإجراءات لزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد نقطتان غاية فى الأهمية». وأضاف: إن الإصلاحات الهيكلية وتحسين مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات، خاصة الإقليمية والأجنبية، وزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد، إلى جانب العديد من العوامل الأخرى، تُعد عناصر أساسية تُساعد فى استدامة النمو وزيادة القدرة على التعامل مع، وامتصاص الصدمات وتعزيز صلابة الاقتصاد المصرى. الاستثمار وخفض الدين وأشار معيط إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى وجهود الحكومة تتركز فى زيادة تدفقات السياحة وتدفقات رؤوس الأموال، وكذلك على تكلفة الطاقة وتدفقها وتكلفة السلع الأساسية وانسياب حركة التجارة العالمية مما يعزز الإيرادات العامة. وأكد أنه عالميًا هناك مخاوف بشأن قدرة الدول على الاستمرار فى النمو وتمويل التنمية فى ظل ارتفاع مستويات الديون وتكاليف خدمتها خاصة مع معدلات التضخم مرتفعة نسبيًا تحد من قدرة الدول التى تسمح بإطلاق موارد الدول لتمويل التنمية، خصوصًا فى مجالات الصحة والتعليم وخلق فرص العمل وخفض معدلات الفقر. المراجعة الموحدة وأكد أن نجاح المراجعتين سيُتيح صرف دفعتين جديدتين من القرض بقيمة تقديرية تصل إلى 2.4 مليار دولار والتى تركز على تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية، ودعم المنافسة، وتحسين الشفافية فى إدارة الأصول العامة، فى حين أن التحديات الأساسية تتمثل فى تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص، وتخفيف تدخل الدولة فى النشاط الاقتصادى، وهناك تقدم فى مساهمة القطاع الخاص ولكن التوسع فى برنامج الطروحات سيكون محور نقاش مهمًا الفترة المقبلة.
10 شركات ضمن المرحلة الخامسة من برنامج الطروحات الحكومية قالت مصادر حكومية ل «روزاليوسف» إن الحكومة تعد ملفًا قويًا لاجتماعات هذا الأسبوع مع صندوق النقد الدولى فى واشنطن، يتضمن النجاحات التى استطاع الاقتصاد المصرى الوصول لها رغم التحديات والتوترات الجيوسياسية التى أحاطت بالمنطقة التى عرقلت المضى قدمًا فى عدد من الملفات أهمها الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورغم ذلك حقق الاستثمار الأجنبى فائضًا غير مسبوق بلغ 10 مليارات دولار وحقق فى شهر يوليو فقط صافى تدفقات بلغت 8.5 مليار دولار. وتابعت المصادر: إن تراجع أسعار النفط وتأمين الحكومة احتياجات مصر بأسعار ثابتة ومنخفضة عن السعر العالمى لنحو 5 سنوات سيقلل من تأثير تقلبات الأسعار العالمية بالإضافة إلى استمرار تحقيق الجنيه المصرى ارتفاعًا مقابل الدولار ما يعكس تعافى الاقتصاد. وأكدت المصادر أنه تم تحديث وثيقة ملكية الدولة وبرنامج الطروحات بما يتلاءم مع الأوضاع الاستثنائية الراهنة حيث تم تعيين بنوك استثمار ومستشارين قانونيين ل 10 شركات ضمن المرحلة الخامسة من «برنامج الطروحات الحكومية» وجار العمل على إنجاز الطروحات من قبل الجهات المعنية وفق أوضاع السوق. وتتضمن قائمة الشركات وفق الإصدار الثالث لوثيقة ملكية الدولة بعض أسماء الشركات من المرحلتين الثالثة والرابعة، حيث تشمل القائمة: شركة أمل والشريف للبلاستيك ومصر للأدوية وشركة سيد للأدوية، وميدور وصافى ووطنية لتوزيع المواد البترولية والوطنية للطرق وسيلوفودز للصناعات الغذائية وتشيل آوت لمحطات الوقود. وتوقعت المصادر نموًا كبيرًا فى الاستثمارات مع بدء طرح تلك الشركات عبر البورصة المصرية. الإصدارات الدولية وقالت المصادر: إن مصر نجحت فى إصدار 1.5 مليار دولار فى الأسواق الدولية الأسبوع الماضى وقدم المستثمرون الأجانب 9 مليارات دولار ما يعكس قوة مصر فى الأسواق الدولية وهو ملف مهم فى المناقشات المرتقبة مع صندوق النقد الدولى. أكد وزير المالية أحمد كجوك أن نسبة النمو فى مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد بلغت 73% العام المالى الماضى ما يعكس نتائج الإصلاحات الهيكلية بالإضافة إلى الحياد التنافسى والتيسيرات الضريبية وكلها إصلاحات هيكلية ستعزز من المناقشات مع صندوق النقد الدولى