فى الذكرى 52 لانتصار أكتوبر 1973، نتذكر مع أبطالنا روعة النصر مع اللواء طيار سمير عزيز، أحد أبطال القوات الجوية المصرية الذين سطروا بدمائهم وجهدهم ملاحم الشرف والبطولة، و يستعيد معنا لحظات فارقة عاشها فى سماء المعركة، وتفاصيل الضربة الجوية الأولى، وأسرار التفوق المصرى الذى حطم أسطورة «الجيش الذى كان لا يُقهر»!! كيف بدأت رحلتك مع الطيران قبل حرب أكتوبر؟ أنا من جيل تخرج فى الكلية الجوية 1963، كنا نحمل على عاتقنا ثأر الوطن كله، التدريبات كانت شاقة جدًا، نطير ساعات طويلة فوق الصحراء والبحر، ونعيد نفس المناورات عشرات المرات حتى نصل إلى أقصى درجات الدقة، لم يكن أمامنا خيار سوى الاستعداد لمعركة قادمة لا محالة. ماذا تتذكر عن صباح السادس من أكتوبر1973؟ كان يومًا مختلفًا بكل المقاييس. استيقظنا فجراً ونحن نعرف أن ساعة الصفر قد حانت، لم يكن هناك صوت سوى صوت المحركات وهى تستعد للإقلاع. عندما جلست فى الطائرة، شعرت أنى أحمل حلم النصر لمصر كانت مهمتنا واضحة: ضرب مراكز القيادة الإسرائيلية، وتدمير مطارات العدو، وإسكات بطاريات الدفاع الجوي، وعمل مظلة للقوات ساعة العبور. كيف تم تنفيذ الضربة الجوية الأولى؟ بدقة مذهلة. أكثر من 220 طائرة مصرية أقلعت فى توقيت واحد، وحلّقت على ارتفاع منخفض جدًا لتفادى الرادارات. خلال دقائق، نجحنا فى تدمير أهداف حيوية للعدو، عندما عدنا إلى قواعدنا، أدركنا أن الكرامة التى فقدناها فى 1967 بدأت تعود إلينا وأن التدريب الجيد والثقة بالنفس كان مفاجأة إسرائيل وفوقها رغم التفوق الإسرائيلى فى عدد الطائرات وأحدث الطائرات وأعداد الطيارين الذين كان لكل طائرة 3طياريين ورغم ذلك تفوقنا وانتصرنا. هل مررت بمواقف خطيرة أثناء القتال؟ كثيرة جدًا، أذكر أن طائرتى أصيبت بشظايا عدة مرات، وفى إحدى الطلعات عدت والوقود يكاد ينفد، لكن العناية الإلهية أنقذتنى، لم يكن فى بالى سوى أن أعود لأكمل المهمة مرة أخرى، وأتذكر أيضًا أننا فقدنا زملاء أعزاء، كانوا يحلقون بجوارنا ثم نفقد الاتصال بهم فجأة، هذه اللحظات محفورة فى القلب. كما أتذكر أننى وجدت طائرة إسرائيلية قريبة جدًا فقررت فجاة أن أخرج مسدسى وأطلق عليها طلقات الرصاص لعلها تقتل الطيار الأحمق وهو ما جعله يندهش ويختفى من أمامى ثم يعود فجأة موجها نيرانه نحوى وأسرعت هربًا منه ولا أعرف كيف نجوت من الموت. ما هو سر التفوق الجوى المصرى فى تلك الحرب؟ أولاً الإيمان بالقضية، وثانياً عنصر المفاجأة والتخطيط الدقيق، كنا نتدرب على كل سيناريو ممكن. الطيار المصرى كان يقاتل وهو يعلم أن روحه ثمن لانتصار وطنه. بجانب ذلك، كانت هناك إرادة سياسية واضحة ودعم شعبى غير مسبوق، وهو ما أعطانا دفعة معنوية فاقت كل الحدود. كيف ترى ذكرى أكتوبر اليوم بعد مرور أكثر من نصف قرن؟ ستظل ذكرى أكتوبر عيدًا للكرامة. لقد أثبتنا للعالم أن الجندى المصرى لا يُهزم إذا تعلق الأمر بالأرض والعرض. حرب أكتوبر ليست مجرد ذكرى عسكرية، بل هى درس متجدد فى الإرادة الوطنية. ما الرسالة التى تود توجيهها للأجيال الجديدة؟ أوصيهم أن يدركوا أن ما يعيشونه اليوم من استقرار وأمان كان ثمنه دماء الشهداء وتضحيات الأبطال. وعليهم أن يحملوا الراية فى ميادين العلم والعمل بنفس الروح التى حملناها فى ميدان القتال، وليعلموا أنه لا مستقبل لأمة تنسى تاريخها. 1