ماذا ننتظر بعد كارثة الإسكندرية..وإلي متي سنظل نشير إلي فساد المحليات دون أن نتخذ خطوة واحدة لتطهيرها؟ أليس الإنسان هو أغلي وأثمن كنوز الوطن. .كيف نطالبه بأن ينجز ويبدع وهو يقطن في أحياء تحولت بفعل التراخي والفساد وضياع هيبة القانون إلي ورش كبيرة؟ الكلمة العليا فيها للإزعاج وسطوة البلطجة فيما يغمض الجميع عينيه وأذنيه وفمه تطبيقا لمقولة لا أري لا أسمع لا أتكلم..فإذا كانت الإسكندرية قد غرقت بفعل الإهمال في شبر ميه وأسقطت ورقة التوت الأخيرة عن عورة المحليات..فحي صقر قريش المنكوب مازال يغرق في أزماته وتتجسد كل معاني الإهمال ويظهر فيه كم هو الإنسان رخيص في أعين المسئولين الذين اختاروا النوم في العسل هربا من مواجهة مسئولياتهم وأداء المهمة التي يجلسون علي مقاعدهم الوثيرة لتنفيذها. في مقالي هذا سأتحدث عن قاهرة المعز..ليس عن الأحياء الشعبية بها حتي لا اتهم بالاصطياد في الماء العكر ولكن عن حي مدينة نصر الراقي وبالتحديد عن مساكن صقر قريش خلف السويسري ب التابعة لحي شرق مدينة نصر..هذا الحي الذي بات جحيما مقيما لمن قادهم حظهم العاثر للسكني فيه..وأذكر أنني قبل سنوات قليلة زرت صديقا لي بالحي وحسدته علي ما يستمتع به هو والسكان من هدوء..نعم كانت توجد محال تجارية..لكنها عبارة عن بقالة واكسسوار سيارات أو قطع غيار أو محلات مأكولات إلخ..وحتي المقاهي كانت نادرة. لكن حينما عاودت زيارته قبل أيام كانت الصاعقة..فقد تحولت مساكن صقر قريش إلي منطقة حرفيين كبيرة بكل ما تحمل الكلمة من معني حيث انتشر سرطان الورش ليلتهم الأخضر واليابس ويستولي علي الأرصفة ويهدم منها ما أراد دون خوف عقب أو اعتبار لشيء. ومن يريد أن يري المأساة بنفسه يتوجه للعقار رقم30 بلوك58 حيث قام صاحب ورشة ميكانيكا بالأسفل بهدم الرصيف والاستيلاء عليه كاملا بل الاستيلاء علي جزء من الشارع الرئيسي نفسه غير عابئ بشيء ناهيك عما يحدثه من ضجيج وتلوث ليل نهار تستحيل معه الحياة والويل لمن يقترب منه. وقد حاولت عبثا الوصول للسيد رئيس حي شرق أو الاستغاثة بشرطة النجدة لكن دون جدوي..إنها بالفعل مأساة..فلماذا السكوت علي هذا العبث؟ وإلي متي ستبقي شكاوي السكان وصرخاتهم في ملف مهمل بالحي يبقي إلي يوم القيامة ينتظر من ينظر إليه دون مجيب؟ لقد تفنن أصحاب هذه الورش في الضرب بكل القوانين وعلي رأسها قانون البناء الموحد لسنة2008 الذي يحظر منح ترخيص لأي ورشة داخل المناطق السكنية عرض الحائط مستغلين نوم المحليات والأحياء في العسل..وتراخي يد المحافظة عن إزالة هذه المخالفات والرد الجاهز دائما..هو عدم وجود قوات من شرطة المرافق تكفي للتصدي لهذا الكم الهائل من المخالفين. والسؤال الأهم من الذي سمح لهذا السرطان أن ينتشر بهذه السرعة؟ ومن منح هؤلاء تراخيص فتح ورش في الأحياء السكنية بالمخالفة للقانون؟ وإذا كان الرد الجاهز دائما..أن هذه الورش غير مرخصة..فلماذا السكوت عليها..وتركها تعذب السكان بضجيجها كل يوم حتي مطلع الفجر؟..وهل السيد رئيس حي شرق يستطيع أن يسكن في هذا الحي المنكوب وينام الليل هانئا ويقوم نشيطا ليؤدي عمله علي أكمل وجه؟ أم أنه سيصاب بالصرع كسكان هذا الحي المنكوب المحرومين من أبسط حقوقهم الآدمية في العيش بمسكن هاديء يمنحهم أمانا نفسيا يعينهم علي العمل من أجل رفعة الوطن ويساعد أبناءهم علي استذكار دروسهم والحلم بمستقبل أفضل..آلاف السكان يستغيثون بالسيد رئيس الوزراء والسيد وزير التنمية المحلية والسيد محافظ القاهرة..أغيثوا هذا الحي المنكوب..فهل هذا مستحيل؟. .. وللحديث بقية.