انتشر الفساد فى تركيا حتى استشرى فى عهد حكومة رجب طيب اردوغان وازداد فى السنوات الاخيرة بعدما تكشفت عمليات غسيل الاموال والفساد الادارى لمسئولين فى النظام الحاكم وأبنائهم، وقد نشرت صحيفة زمان التركية ونقلها موقع "أمد" الالكترونى تحقيقات أكبر عمليتى اعتقال للمتورطين من الأسماء المقربة من الحكومة فى قضايا الفساد والرشوة فى تاريخ الجمهورية التركية. حيث ذكرت التحقيقات بأن حجم الفساد المتهم فيه أبناء بعض الوزراء ورجال أعمال مقربين من الحزب الحاكم يومى 17 و25 ديسمبر الماضي، يصل إلى عشرات الملايين، وبدأ الرأى العام يسمع عنها من سلسلة البلاغات التى بدأت فى سبتمبر 2012، وبعدما أصدر كل من المدعى العام جلال كاره فى 17 ديسمبر 2013، والمدعى العام معمر أككاش فى 25 ديسمبر 2013 قرارات بحبس المشتبه فيهم. وقام فريق مديرية شعبة مكافحة الجرائم المنظمة والمالية بمديرية الأمن بإسطنبول بتحقيقات ديسمبر 2013 بتعليمات من نيابة الجمهورية العامة بإسطنبول، اتهم فيها كل من رجل الأعمال على أغا أوغلو والمدير العام لبنك "الشعب" التركى سليمان أصلان والعديد من موظفى الحكومة وأربعة من الوزراء بالحكومة السابقة (61) وأبناء بعض الوزراء، بتهمة الرشوة وإساءة استخدام المنصب والتزوير والتهريب فى عطاءات الدولة. واستطاعت الشعبة المالية فى إسطنبول أن تحدد علاقة فريق رضا ضراب بملف الفساد فى تفاصيل الواقعة، وكانت النيابة العامة فى إسطنبول قد بدأت يوم 17 سبتمبر 2012 جهودها فى المتابعة الفنية ذات الصلة بادعاءات تشكيل منظمة بهدف ارتكاب الجرائم والتهريب وغسيل الأموال والأصول المكتسبة من الجرائم وصلت 87 مليون يورو وأنه وزع رشوة على موظفى الدولة بما فيهم بعض الوزراء تقدر بمبلغ 139 مليون ليرة تركية (نحو 69 مليون دولار). جاءت تفاصيل التحقيقات التى أدارها يعقوب صايجلى المدير الأسبق لشعبة مكافحة الجرائم المالية بإسطنبول، وتولاها كل من المدعى العام معمر أككاش وجلال كاره، على النحو الآتي: "أعدت لجنة التحقيق فى الجرائم المالية التركية عام 2008 تقريرًا مكوناً من 50 صفحة أفادت فيه بأن رجل الأعمال التركي، من أصل إيراني، رضا ضراب ورجاله يمارسون فعاليات غسل الأموال، وبعد ذلك عثرت سلطات مطار موسكو يوم 21 ديسمبر 2010 على 14.5 مليون دولار و4 ملايين يورو فى حقائب أربعة أشخاص، 3 منهم من أذربيجان والآخر إيراني، كانوا على متن رحلة جوية من إسطنبول إلى روسيا". وكشفت التحقيقات عن أن وزير الداخلية السابق معمر جولار حصل على رشوة من رجل الأعمال رضا ضراب بواسطة نجله باريش جولار بعدما ساعده فى الحصول على الجنسية التركية، وأن وزير الاقتصاد السابق ظفر تشاغلايان حصل هو الآخر على رشوة من ضراب بواسطة نجله "كغان تشاغلايان" من أجل التستر على مخالفات رجل الأعمال الإيرانى فى تجارة الذهب، وأن وزير شئون الاتحاد الأوروبى الأسبق إيجمان باغيش حصل على رشوة من ضراب من أجل تسهيل أعماله، وأن وزير البيئة والتخطيط العمرانى السابق أردوغان بايراقدار ورئيس بلدية فاتح فى إسطنبول مصطفى دمير غيّرا مخططات البناء بطريقة مخالفة للقانون فى مقابل الحصول على رشاوى. وعثرت فرق الشرطة على مبلغ 4.5 مليون دولار مخبأة داخل صناديق الأحذية فى منزل المدير العام لبنك الشعب التركى "خلق بنك"، الذى اعتقل فى إطار التحقيقات. كما عثرت على مبلغ 1.5 مليون دولار فى 7 خزائن مصنوعة من الفولاذ فى منزل باريش جولار نجل وزير الداخلية معمر جولار، فضلًا عن التفاصيل المثيرة والخطيرة التى تضمنتها التسجيلات الصوتية التى انتشرت على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وفى الصحف عقب بدء التحقيقات وإطلاق حملات الاعتقال. وأظهرت الصور والفواتير أن رجل الأعمال الإيرانى رضا ضراب أهدى ساعة بقيمة 700 ألف ليرة (300 ألف دولار) وقدم 25 مليون دولار نقداً إلى وزير الاقتصاد السابق ظفر تشاغلايان كرشوة. كما انتشر مقطع مصور على الإنترنت يظهر ضراب وهو يقدم الرشوة بنفسه إلى وزير شؤون الاتحاد الأوروبى السابق إيجمان باغيش، كما تم إعداد ملفات من قبل النائب العام بشأن الوزراء الأربعة الواردة أسماؤهم فى التحقيقات، غير أن الحكومة حالت دون تمرير هذه الملفات إلى البرلمان، وحاولت التستر على الفساد وتغييب الحقائق. وأظهرت الوثائق المقدمة فى التحقيقات أن الشركة التى تتولى مشروع "البسفور 360" الذى كان مخططا إنشاؤه على الأرض التابعة لأكاديمية الشرطة، حيث كان أصحاب الشركة ونجل أردوغان شريكاً لهم سيحصلون على الأرض بقيمة 460 مليون دولار، فى حين أن ثمنها الحقيقى يبلغ 1 مليار دولار. إن الأراضى التى سيتم عليها إنشاء الفيلات من أجل رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وأسرته على الواقعة فى منطقة "زيتينلي" على حدود مدينة إزمير غرب تركيا، أخذت بطريقة غير سليمة، حيث تم الإنشاء على الأراضى المحمية عليها على الرغم من القانون الذى يمنع أى انشاءات عليها، وتم دفع رشوة لتغيير وضعها القانوني. وقد شهد عطاء خط مترو "مجيديه كوي - محمود بك" أعمال فساد، حيث قام رجال الأعمال المقربون من أردوغان المشاركون فى العطاء بتحديد سعر للمشروع ورسى عليهم العطاء بالسعر الذى طلبوه. وفى إطار متصل، تم نقل 14 محطة توليد طاقة حرارية كان مخططا لخصخصتها إلى شركة "البوسفور 360" وبلال أردوغان شريك لها، فى الوقت الذى تدخل فيه وزير المواصلات بن على يلدرم للحصول على مناقصة تشغيل البوفيه والكافيهات التى سيتم إلحاقها بمحطة "ينى كابي" ضمن مشروع مترو مرمراى الذى يربط الشطرين الأوروبى والأسيوى لمدينة إسطنبول.