اثنان وأربعون عاما... ونحن نحتفل كل عام بنصر أكتوبر العظيم.. اثنان وأربعون عاما ونحن ننتظر ونبحث عن فيلم أو عدد من الأفلام تحكي للأجيال تفاصيل هذه الملحمة المصرية... لتتعرف عليها الأجيال في مصر.. كما عرفتها الأجيال في دول العالم.. كل العالم.. كانت الملحمة المصرية.. العبور العظيم من أوائل اهتماماتها.. بل وتدرس للعسكرية العالمية فنون وأسرار نجاح هذه العملية العسكرية المدهشة.. ولماذا نخترل حرب أكتوبر في فيلم واحد حتي الآن. إن لكل قائد.. وأسرة.. وجندي.. وشهيد مصري دور يستحق فيلما عالميا.. وقصص البطولات جاهزة.. لاينقصها إلا السيناريو.. فهل تستطيع السينما أن تعبر أزماتها بأفلام العبور.. أفلام الحروب التي تعرض حتي الآن حققت للسينما العالمية المليارات.. والتجهيزات السرية التي أدت لنجاح العبور تستحق أفلاما تاريخية!!. انتظرنا اثنين وأربعين عاما أن تنهض السينما من صمتها.. وسكونها وتقدم هذا السيل الجارف من البطولات التي قدمها جنود من شباب مصر.. وقادة من علماء مصر.. وشعب من شعب مصر.. الكل اشترك في هذه الملحمة حتي حقق العبور.. والنصر التاريخي الذي لم يحدث للعدو الإسرائيلي طوال حياته. وهز عرش التعالي والغرور.. ودفنه تحت تراب مصر أيام النكسة.. والتي اغتصبت في غفوة تاريخية... واستطاعت مصر بعدها فورا بحرب استنزاف رائعة والتي كانت بداية الطريق للعبور.. والتخطيط له بأحدث الوسائل العلمية وأغربها من الردارات العلمية إلي الردادات البشرية من الجنود المصريين الرابضة خلف تبات ومواقع العدو.. ترصد مواقعه وتحركاته طوال أيام وصلت إلي مائة يوم بقيادة النقيب سامي بركة... وتساندها حرب الاستنزاف دون انقطاع. وقيام أبطال الصاعقة.. بدورها التاريخي في إغلاق فتحات الأنابيب التي جهزت في عمق مياه البحر من خلال خط برليف الحصين الذي أعلن أنه لن يهدم إلا بالقنابل الذرية.. وكان القصد من هذه الأنابيب هو اندلاع النيران منها عند حدوث أي عبور علي سطح مياه البحر.. فتم سدها بنوع خاص من أخشاب بعض الأشجار التي أجريت عليها كثير من الأبحاث والتجارب... واستطاعت خراطيم المياه القوية أن تهزم خط برليف المنيع بعد أن أزالت مياه الخراطيم القوية.. وفتحت ثمانين فتحة عبور علي خط برليف من خلال سلاح المهندسين ومن ذلك المهندس المقدم باقي زكي... الذي استغل أسلوب جرف التراب بقوة طلمبات المياه من النيل أيام بناء السد العالي.. وكان أحد رجال بناء السد وتم القيام بهذه الفكرة لجرف تراب خط برليف الحصين من خلال طلمبات وأنابيب تضرب تراب خط برليف الحصين لتعبر قواتنا بكل أسلحتها إلي أرضها المحتلة.. طبعا قام سلاح المهندسين بأكثر من ثلاثمائة تجربة أثبت نجاح الفكرة وأزالت ثلاثة ملايين متر مكعب من التراب والأتربة. وبدأت الملحمة بسلاح الطيران.. قامت 222 طارة بأول طلعة ودمرت عددا من مواقع مطارات العدو.. وعددا كبيرا من محطات الرداد.. ومواقع المدفعية بعيدة المدي تحت ستار طلقات 2000 مدفع علي طول الجبهة المصرية بالقصف لمدة 53 دقيقة بمعدل 175 دانة في الثانية.. وعادت الطائرات بعد نجاح طلعتها الأولي..... وكان اختيار موعدها مفاجأة للعدو.. وللعالم كله.. وغيرت المواعيد المتعارف عليها في الحروب التي عرفت بأنها إما أن تكون ليلا.. أو فجرا... وكان موعد بداية الملحمة الحرب المصرية الساعة إثنين وخمس دقائق يوم السبت السادس من أكتوبر.. في عز النهار. وانطلقت القوات بمراكبها المطاطية.. وندائا الرائع الله أكبر وهي تبدأ صعودها علي تراب بارليف الحصين وهي تحمل كل مصداتها.. وبدأ أكثر من ثمانية الف مقاتل في الصعود إلي قمة تراب برليف.. ثم بعد دقائق وصل العدد إلي ثلاثة وثلاثين الف مقاتل استخدموا سبعمائة وخمسين قاربا.. وعدد ألف وخمسمائة سلم للصعود إلي القمة.. ورفع العلم المصري علي أعلي قمة من أرض مصر التي عادت وفي الأيام الثاني والثالث والرابع.. كان الجيش المصري قد نجح نجاحا... مدويا أدي إلي إنهيار الجيش الإسرائيلي.... الذي تم تدميره.. وتحطم عدد كبير من الطائرات الإسرائيلية.. وتركت بسقوطها علي أرض سيناء.. تركت السماء للطيران المصري ليقوم بمهامه ومساندة جنوده المصريين البواسل.. الذي يستحق كل فرد فيه عمل فيلم سينمائي عالمي حري بالسينما المصرية القيام بتقديمه لأجيال عصرنا, وكانت نتيجة الهزيمة علي إسرائيل لها صرخات من رؤسائها في القيادة العسكرية والسياسية تطلب من أمريكا المساعدة.. وجعلت الهزيمة لبكاء جولدامائير وهي تطلب من هنري كسينجر وزير خارجية أمريكا.. أن ينقذها هي وإسرائيل من الضياع.. ورد عليها بجملته الشهيرة التي قالها لجولدامائير.. ياوجولدامائير.. لقد خسرت الحرب.. وسوف نقوم بإسعافك وفعلا قدمت أمريكا مساعدات عسكرية بإرسال دبابات جديدة بكامل طاقمها.. وعناصر أخري عسكرية لمساندة إسرائيل.. وظل الجيش الثاني والجيش الثالث.. يتحكم بإنتصاره في أرض سيناء أرضه.. وجزء مهم من وطنه والذي نجح في عودتها إلي مصر!!. وبعد هذه الرحلة السريعة مع ملحمة العبور العظيم.. وبعض التفاصيل المبهرة... والمذهلة... والتي يمكن أن تقدم أفلاما رائعة أبطالها وقصص بطولتهم.. وشهداؤهم.. وأسرهم. وتحقيق إنتصاراتهم المبهرة للعالم.. كل هذه الأشياء لم تقدمها السينما بأفلام سينمائية عن هذه الحرب المذهلة وبطولات رجالها جنودا.. وقادة!! وإن كانت هناك قد ظهرت بعض الأفلام عن حرب أكتوبر لم تكن للأسف علي مستوي هذه الملحمة الكبري.. فهل تستطيع السينما بعد اثنين وأربعين عاما عاشتها في صمت.. أن تعبر من صمتها في انتصار العبور الكبير لسينماها.. وتقدم أفلاما لتتعرف عليها الأجيال المصرية كما عرفتها الأجيال في دول العالم... والسينما العالمية مازالت تعرض أفلاما عن الحرب العالمية.. الأولي.. والثانية.. والثالثة... التي تدور أحداثها في العالم هذه الأيام!! وهل يمكن للسينما تحقيق أفلام الملحمة.. والقوات المصرية المسلحة لن تدخر وسعا للمساعدة الفعالة في تسهيل إخراج هذه الأفلام علي المستوي الخاص بالانتصار.. دون المساس طبعا بأي أسرار تظهر.. تحافظ علي سريتها القوات المسلحة.. من أجل أمن مصر!!. وأظن أن السينما المصرية ترغب في الانتظار لمدة إثنين وأربعين عاما أخري.. بمجرد الاحتفالات بذكري انتصار اكتوبر دون أن تفيق.. أظن ومتأكدا أن السينما ستحقق انتصارا لسينماها.. بأفلام الملحمة العظيمة!! س.ع