في اليوم الذي توجهت فيه انظار العالم لمتابعة وقائع الاستفتاء علي انفصال جنوب السودان ليتحول البلد الأكبر مساحة في افريقيا إلي دولتين متناحرتين, كانت الندوة التي اقامتها لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة لمناقشة ابداع الأديب الراحل ادريس علي تشير بقوة إلي المحاولات الجارية لاثارة الفتن داخل مصر ضاربة المثال بقضية النوبة التي شغلت الأديب الكبير الراحل الذي ولد بالنوبة وعايش احداث التهجير وإعادة توطين اهلها قبل بناء السد العالي. وطالبت الندوة التي اقيمت مساء الأحد الماضي بان تلتفت وزارة التربية والتعليم لكون النوبة جزءا أصيلا من أرض مصر, وتاريخها وحضارتها, وان يتم تدريس ثقافة وتاريخ النوبة ضمن مناهج الوزارة باعتبارها جزءا من الميراث الحضاري المصري الثري, وكذب المتحدثون بالندوة الكتابات التي اتهمت ادريس علي بأنه من دعاة الانفصال والمناداة بتكوين دولة نوبية غير خاضعة للسيادة المصرية, فالتمايز الذي يظهر في كتابات ادباء النوبة إنما ينطلق من خصوصيتهم الثقافية والتاريخية التي هي مكون ضمن مكونات التاريخ والثقافة المصرية, وعرضت الندوة تسجيلا مصورا للأديب الراحل يؤكد فيه كذب دعاوي الاضطهاد الذي يتعرض له ابناء النوبة, ومؤكدا أن البعض قرأ روايته النوبي بشكل متعسف. كان المجلس الاعلي للثقافة قد احتفل بالمبدع الراحل تحت عنوان ابداع ادريس علي والشخصية النوبية بحضور الدكتور عماد ابوغازي أمين عام المجلس وعدد من المبدعين وافراد اسرة الكاتب الراحل. في الجلسة الأولي أكد د. يسري عبدالله في دراسته مساءلة الواقع في اللعب فوق جبال النوبة أن سؤال الحرية سؤال مركزي في تلك الرواية المعبرة عن ثراء المنجز الإبداعي لكاتبها وعن خصوصية الثقافة النوبية, وطالبت د. مي جمال الدين الباحثة بجامعة السوربون وزارة التربية والتعليم بالاهتمام بتدريس تاريخ وتراث النوبة كجزء مهم من تاريخ مصر. وعلق فؤاد قنديل بأن ادريس علي تميز بتوازن في الرؤية الخاصة ببلده ولم يكن من مؤيدي خلع النوبة من مصر وانما من مؤيدي إعادة بنائها وامتداد يد التنمية اليها, وطالب قنديل بأن يقدم مسلسل تليفزيوني عن حياة ادريس علي لثراء حياته واحتشادها بالمآسي والغرائب بينما طالب الباحث في تاريخ النوبة عبدالرحمن عوض باستحداث جائزة سنوية تقدمها جمعية قرشة قرية الأديب الراحل باسمه. وفي دراسته العالم الروائي عند إدريس علي أكد د. مدحت الجيار ان الأدب النوبي ظلم لانه حسب علي المكان بينما هو ليس أدب نوبيا وإنما أدب النوبيين كما ظلم سياسيا لأن أناسا من أصول نوبية يعيشون خارج الوطن حولوه لوسيلة من وسائل الانفصال عن مصر, وفي شهادته أكد الروائي خيري شلبي ان انعدام حركة نقدية رشيدة في بلادنا هو ما جعل الروائي الراحل ادريس علي لا يوضع بالمكانة التي يستحقها. بينما اكد الروائي يحيي مختار ان إدريس علي لم يقرأ رواية الشمندورة الا في الثمانينيات وأن هذا يؤكد عدم تأثره بها موضحا ان ردود الفعل العنيفة التي قوبلت بها النوبي كانت بسبب تزامنها مع المؤتمر الذي عقده سعد الدين ابراهيم في قبرص عن الأقليات كما أوضح كيف ان ادريس علي كان يتقدم لجوائز اقل من قيمته الأدبية لحاجته للمال.