تعد صناعة كسوة الكعبة وأبوابها وأعمال الخشخان ومقام سيدنا إبراهيم من أقدم الأعمال اليدوية التي تفوق فيها أبناء المنوفية وخاصة في قرية شما حيث تتميز بالفن الرفيع والنقوش المبهرة والتي بدأت صناعتها منذ عهد محمد علي في القرن التاسع عشر. وتعتبر تلك القرية نموذجا في العمل اليدوي لكل أعمال اللوحات المطرزة خاصة الخطوط القرآنية التي تحاك علي التابلوهات إلا أن القرية تتعرض منذ فترة لأزمة كبري تهدد هذه الصناعة بالإنقراض فالصناعة حائرة لا يخدمها طريق ومعالم واضحة وأهلها حائرون بين كساد منتجهم وانتشار المقلد الوارد من سوريا وبين غياب دور الدولة في دعم هذه الصناعة وإقامة معارض تسويقية لها في الداخل والخارج. يقول أحمد خليل أقدم من عمل في تلك الحرفة منذ أوائل الثمانينيات وصاحب ورشة مشغولات يديوية يعمل بها نحو52 شابا إن حرفتنا هي فن الذوق الرفيع الذي بدأ في مصر بصناعة كسوة الكعبة وهي مهنة ورثناها عن أجدادنا حيث تعلمنا منها الصبر ودقة التطريز والألوان. وأضاف خليل نخشي أن تنقرض هذه الصناعة الحرفية القديمة نتيجة كساد المنتج, ونبيع منتجاتنا بشكل محدود لا يغطي احتياجات العاملين في هذه الصناعة ورغم المعاناة الشديدة التي نتكبدها إلا أننا لن نترك تلك المهنة, ونطالب أجهزة الدولة المعنية بالتدخل السريع لإنقاذ هذه الصناعة. ويوضح خليل بدأنا الحرفة في الثمانينيات في تصنيع بادجات وكابات لتوريدها للجيش. وفي الآونة الأخيرة اتجهنا إلي الآيات القرآنية, وكان محدودا في البداية عبارة عن باب الكعبة والخشخان ونوردها لخان الخليلي وكان مكسبها كبيرا ومع الأزمة العالمية التي شهدها العالم هجرها الشباب لقلة العائد منها ونعتمد حاليا علي ربات البيوت في المنازل. ويقول سمير علي عطية أعمل في تلك الحرفة منذ9 سنوات عقب تخرجي في كلية التربية الرياضية وكان عددنا في البداية نحو3 آلاف شاب في ورش القرية تقلصنا إلي400 فقط الآن بسبب عدم الاهتمام بنا من الدولة ويضيف الصندوق الاجتماعي يشترط علينا لكي نشارك في معارضه سحب قرض بفائدة تكون كبيرة ثم نشارك في معارض في أطراف معرض القاهرة الدولي لا يصل إليها زبون ثم يحاسبوننا علي المواصلات وسعر المتر ب300 جنيه في المعارض فكيف نستمر في تلك المهنة؟!. ويشير محمد أبو العينين إلي صعوبة التصدير مباشرة من القرية للخارج حيث توجد العديد من العراقيل لخروج البضاعة من مصر ولو استطعنا الخروج بها يكون السؤال في البلاد العربية عن مراجعهتا اسلاميا وطلب شهادة من الأزهر والسجل التجاري وبطاقة ضريبية فيكون الخيار الوحيد أمامنا بيعها للتجار في خان الخليلي حيث وصل سعر لوحة باب الكعبة حاليا لنحو150 جنيها بعد أن كنا نبيعه في التسعينات ب600 جنيه ناهيك عن الضرائب الباهظة التي تفرض علينا. وبداخل كل منزل بالقرية سيدة تعمل في كتابة الآيات القرآنية علي التابلوهات حيث تقول سارة سعد حاصلة علي دبلوم صنايع اضطررت للعمل في الخشخان بكتابة الآيات القرآنية لعدم وجود عمل آخر ارتزق منه, وأضافت أن اللوحة الواحدة تتكلف نحو35 جنيها ونبيعها ب40 جنيها في حالة إذا كان الإنتاج لمصلحتنا وفي حالة العمل لدي الموردين والمصدرين يكون ثمن صناعتنا نحو11 جنيها ونتحمل اللوحات المرفوضة من التجار. ويقول معتز خليل أعشق مهنتي.. وأحبها, ولازم أطلعها سليمة.. مينفعش أطلع حرف ناقص من آيات الله, فأنا من صغري وأنا في المهنة, أحبها جدا ولا أعرف غيرها, ممكن اشتغل10 أيام في القطعة الواحدة. ويضيف أقوم بمراجعة القماش بعد عودته من الخطاط, لقراءة نصوصه المخطوطة حرفا حرفا, ثم أبدأ في تحديدها وإبراز حروفها باستخدام الأسلاك الذهبية, ويستخدم في شغل السيرما عدة أنواع من القماش مثل الشموازت بدرجاته والحرير والصوف ويتم تطريز الحروف بالقصب المطلي من الذهب- وهو أغلي الأنواع.