جاءت تصريحات الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة, بأن الحكومة غير مسئولة عن تسويق محصول القطن للموسم المقبل وأنه لا يتم صرف دعم للفلاحين كما حدث الموسم الماضي , وأن الفلاح هو المسئول عن تسويق محصوله مثلما هو مسئول عن زراعته كثير ردود فعل غاضبة وسط مزارعي الدقهلية الذين هددوا بعدم زراعة المحصول. يقول صلاح عبده منصور من اصحاب الاراضي, إن رفض الحكومة إقامة حلقات تسويقية للقطن مخالف للدستور الذي أقر في مادته92 بمسئولية الحكومة عن تسويق المحاصيل الزراعية اللازمة للإنتاج. وأضاف أن الحكومة بتعنتها ستدمر زراعة القطن نهائيا لأن الفلاح لن يقبل خسارته كما حدث العام الماضي موضحا أن المساحة المزروعة من القطن هذا العام انخفضت عن العام الماضي بمقدار الثلث, ويتوقع أن يمتنع الفلاح عن زراعة القطن بعد موقف الحكومة من تسويقه. وأكد ابراهيم حسن أن ما حدث جاء عكس ما توقع الفلاحين بعدما قام الرئيس بدعمهم الموسم السابق ب0041 جنيه للفدان, مشيرآ إلي أن القرار صدم الفلاحين, لافتا إلي أن الضحية الوحيدة لهذا القرار سيكون الفلاح وستختفي زراعة القطن للأبد وبالفعل تراجع العديد من الفلاحين عن زراعته منذ أن أهملته الحكومة وبعد هذا القرار سيمتنعون عن زراعته تماما. وأضاف أن زراعة القطن مكلفة جدا; وبهذه القرارات لن يتمكن الفلاح من استرداد تكاليف زراعته وبالطبع فهو لن يقبل الخسارة كما حدث العام الماضي. والذي تراكم فيه محصول القطن دون بيع. وقال محمد حسن مزارع هو الفلاح بيزرع قطن لنفسه, دا بيزرعه عشان الحكومة هما ليه بيعملوا فينا كده.. عموما هم الخسرانين مش احنا.. ومش هنزرع قطن السنة الجاية, مشيرا إلي أن محصول القطن كان بالنسبة للفلاح هو المحصول الأساسي الذي يعتمد عليه في تزويج أبنائه وسد احتياجاته, ولكن الآن بعد تلك القرارات أصبح محصول خراب البيوت ولذا لن يقوم بزراعته. أما عبده أحمد فلاح من قرية كفر الأمير التابعة لمركز تمي الأمديد فقال: الفلاحون ينتظرون موسم القطن عشان أملهم في الربح لكن ده تحول لحمل كبير علي أكتافهم, مشيرا إلي أن سعر قنطار القطن في العام الماضي بلغ0021 جنيه وأصبح الفلاحون في مواجهة مع التجار. فيما أشار الدكتور زيدان شهاب الدين بمركز البحوث الزراعية إلي أن البعض يري القرار في صالح الاقتصاد المصري وأنه قرار علاجي, وفي المقابل يري آخرون أن القرار بمثابة تخلي الحكومة عن الفلاح المصري, مطالبين بالتراجع عنه. كما إن زراعة القطن المصري وخاصة طويل التيلة مكلف جدا, ولم يعد هناك إقبال عليه في الأسواق الدولية ولا المحلية, فالعديد من المصانع والمغازل المصرية لم تعد تشتري القطن المصري رغم ضغوط الدولة بعد حصولهم علي أقطان أخري رخيصة. ومن جانبه, اعتبر تامر الديب تاجر أقطان أن قرار الحكومة بإلغاء الدعم عن محصول القطن من أكثر القرارات التي تأتي في صالح الاقتصاد المصري. وقال إنه علي الرغم من هجوم الرأي العام علي هذا القرار, إلا أنه يعتبر علاجا صعبا تقبله في البداية, ولكنه له فائدة كبيرة ستعود علي الصناعة والزراعة. وأضاف أن القطن لم يتم تطوير أسلوب زراعته منذ01 سنوات علي الرغم من الدعم الذي يحصل عليه الفلاح, كما لم يتم مواكبة تطورات الدول الأخري في جمع القطن والتي دخلت مرحلة الجمع الآلي والري بالتنقيط بدلا من إهدار المياه دون وجه حق, مبينا أن الجمع العادي يستهلك أكثر من05 بالمئة من تكلفة الإنتاج, في حين أن الجمع الآلي الحديث يستهلك01 بالمئة فقط من التكلفة الإجمالية, وهذا ما يجعله مرتفع التكلفة. وأكد السيد محب احد العاملين بمصنع الغزل والنسيج بالمنصورة, أن هناك انخفاض في الإقبال علي القطن طويل التيلة دوليا ومحليا, لأنه فائق الطول والاستهلاك ويهدر منه كميات كبيرة عند الاستخدام ولذلك أصبح متوسط التيلة أكثر استخداما. مشيرا إلي أن قطن جيزة88 والذي يعد من أفخر الأنواع لم يتم تصدير أي كمية منه خلال الموسم بسبب سوء صفاته الوراثية والتي تسبب فيها الفلاح.ولفت إلي أن غلة الفدان الواحد في مصر لا تزيد علي7 قناطير, في حين أن وصلت في دول العالم إلي51 قنطارا, فأصبحت زراعته غير مجدية. مطالبا بفتح الاستيراد من الأسواق العالمية دون قيود أو فرض رسوم إغراق علي الاستيراد أمام المستوردين بسبب المنافسة الداخلية والخارجية علي الأسواق. علي النقيض, اعتبر شريف عبدالمنعم عضو اتحاد الصناعات أن اتخاذ هذا القرار ليس بمثابة التخلي عن الفلاحين مؤكدا إن رؤية الحكومة في هذا الشأن غير واضحة وليست مكتملة, فبدلا من تصريحات الوزير بالتخلي عن الفلاح وتركه وشأنه كان يجب أن توجهه الحكومة وتبحث عن حل لمواجهة المشكلة, حيث إن القطن المصري منتج له تاريخ وسمعة في العالم ومن أهم المحاصيل التي تعطي لمصر مساحة في السوق العالمي. كما كان يجب علي الحكومة أن تقوم بدورها في رسم استراتيجية التوسع في أنواع أخري مثل متوسط التيلة, ولأن الحكومة هي المصدر الأساسي لمحصول الفلاح علي البذرة, كان يجب أن تحدد مساحات معينة تسمح بزراعته, مع استنباط سلالات جديدة. وتابع أن اتخاذ هذا القرار بهذه الطريقة خلقت لبسا في المجتمع الزراعي والصناعي, وأثار القلق والبلبلة لدي الفلاح, ومن الممكن أن يتسبب في عزوف الفلاح عن زراعة القطن نهائيا. كما أن الدعم الذي تتحدث عنه الحكومة ليس دعما حقيقيا بل هو دفع تمن أخطائها في السياسة الزراعية, حيث أنه يتم إنتاج5.3 مليون قنطار قطن طويل التيلة تحتاج منهم مصر فعليا2 مليون قنطار للإنتاج المحلي وللتصدير, و5.1 مليون قنطار مهدرة داخل المخازن ولدي التجار تحصل عليها شركات القطاع العام بسعر أقل, وهو ما يكبد الحكومة خسائر تقدر بنحو526 مليون جنيه سنويا. وأشارت الدكتورة ميرفت فتوح استاذ المحاصيل إلي أن تطبيق هذا القرار جعل الفلاح خارج أجندة الحكومة, فمعظم مزارعي القطن من بسطاء الفلاحين في محافظات الوادي والدلتا, وهؤلاء المزارعون لا ينتمون إلي اتحادات أو نقابات أو مؤسسات تقوم بتسويق إنتاجهم, ولم ترجع إليهم الحكومة في تحديد مصيرهم. وأكد أن الخسائر التي تتحدث عنها الدولة بسبب دعمها للقطن, هي السبب فيها نتيجة عدم حمايتها للمنتج عن طريق وضع خطط تسويقية وترويجية واضحة لتسويقه وعدم معاونة الفلاح في كيفية مواكبة الطرق الحديثة والمتطورة في الزراعة. وأضوحت أنه بتطبيق هذا القرار تدخل مصر في مشكلة أكبر نظرا لامتناع معظم الفلاحين عن زراعة القطن, واتجاههم لزراعة محاصيل أخري مثل الأرز الذي يستهلك نسبة مياه أكثر من القطن. وتابعت وعلي الرغم من القدرة التنافسية التي يتميز بها القطن المصري وسط الأسواق العالمية منذ منتصف الثمانينيات, وارتفاع سعر الملابس المصنوعة من القطن المصري, إلا أن هذه القرارات ستؤدي إلي الاعتماد علي الأقطان المستوردة من الأسواق الأخري. ومن جانبه, قال الدكتور الشبراوي امين وكيل وزارة الزراعة بالدقهلية, إن سوق القطن طويل التيلة يتراوح ما بين3% و6% من سوق الاحتياجات, وأنه من غير المعقول أن تستمر الدولة في زراعة محصول لا يوجد عليه طلب. وأضاف قائلا, أن القرار لا يعني أن مصر ستتوقف عن إنتاج الأقطان طويلة التيلة, مطالبا المزارعين إبرام عقود مع مغازل القطن قبل البدء في زراعته لضمان تسويقه وعدم كساده بالأسواق. وأكد, أنه تم استطلاع رأي المغازل والفلاحين قبل الإعلان عن تقنين زراعة القطن طويل التيلة, مشيرا إلي أنه سيتم تحديد أماكن بعينها لزراعته حتي لا يختلط القطن المصري بالأقطان الأخري. وأضاف أن الدولة تحملت أعباء الفلاحين لهذا العام بأكثر من526 مليون جنيه كدعم مباشر لهم لزراعة القطن, ولذلك الوزارة قررت تحديد الاحتياجات للمصانع والتصدير, وبالتالي المزارع يضمن بيع محصوله, من خلال خريطة استرشادية ستضعها وزارة الزارعة.