الاعتداءات الأثيمة على الجنود بتنوع رتبهم فى الجيش والشرطة المدنية، من أبشع وأفظع وأشنع الجرائم لما فى ذلك من "إرجاف" و"تخذيل" محرمان مجرمان بالنصوص الشرعية، والقواعد الفقهية. أولا: الإرجاف ضد الجنود: الإيضاح: الإرجاف: مفهومه: التماس الفتنة، وإشاعة الكذب والباطل للاغتتمام به (تفسير القرطبى الآية 60 من سورة الأحزاب، حاشية الجمل على شرح المنهاج4 - 59، المعنى 8 - 153) الحكم التكليفى: حرام شرعا، وتركه واجب لما فيه من الإضرار بالمسلمين، وفاعله آثم مستحق لعقوبات دنيوية منها: - النفى والإبعاد للمعتدين على الجنود. - اللعن من الله - عز وجل - بحق المناوئين للجنود. انفاذ القتل على المحاربين للجنود. الأصل فيما ذكر: من القرآن الكريم: قول الله - سبحانه وتعالى - "لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا معلونين أينما ثقفوا" (الآيتان 60 وما بعدها من سورة الأحزاب) وجه الدلالة: المرجفون فى المدينة وما سبق من أوصاف لهم (النفاق، وفى قلوبهم مرض) طائفة كانوا يرجفون بأخبار السوء عن سرايا (جمع سرية) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكسر قلوب المؤمنين، وتأتى العقوبات الرادعة وهى: - التسليط عليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كل ما يناط به الأمن العام للمجتمع والاستئصال بالقتل والتشريد والنفى والإبعاد واستحقاقهم اللعن الإلهى فى الدنيا والآخرة. ولذلك عقب - جل شأنه : "سنة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا" (الآية 26 من سورة الأحزاب). من السنة النبوية: روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن ناسا يثبطون الناس عن الجهاد فى سبيل الله - عز وجل ، فبعث إليهم نفر من أصحابه، وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت، ففعل طلحة بن عبيد الله - رضى الله عنه - ذلك (السيرة النبوية لابن هشام 2 - 4715، معين الحكام ص 120). من دليل المعقول: أن مضار"الإرجاف" نشر الاضطراب بين الناس، لصدهم عن الرباط والجهاد، وترك البلاد عرضة لاحتلال الأعداء. الإيضاح: التخذيل: تزهيد الناس فى حراسة البلاد وأمن العباد، وترك الجندية، والتخذيل كالإرجاف فى العدوان الأثيم على الجيش (أحكام القرآن لجصاص 3 - 854، عدة أرباب الفتوى 28) الحكم التكليفى: حرام وتركه واجب، وفاعله آثم. الأصل فيه: قول الله - عز وجل - "ولكن كره الله أنبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم مازادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين " الآيتان 64 وما بعدها من سورة التوبة. وجه الدلالة: المخذلون للجيش منافقون يدبرون مكائد للتخذيل وهؤلاء المخذلون للجيش ظالمون، ويؤخذ من الآيتين مفاسد المخذلين للجيش: أ) زيادة الاضطراب والفوضى فى صفوف الجيش. ب) إشاعة الوشايا والشائعات الكاذبة والنميمة بين صفوف الجيش. ج) حرص المخذلين للجيش على تفريق الكلمة، والتشكيك فى العقيدة القتالية (تفسير ابن كثير 2 - 465، تفسير الألوسى 10- 111، تفسير القاسمى 8 - 7 - 316، حاشية الجمل على الجلالين 2 - 17، التفسير الوسيط أ. د. محمد سيد طنطاوى 6 - 176 وما بعدها - بتصرف ) عقوبات المعتدين على الجنود: المعتدون على الجيش من مسلمين "صيال" ومفهومه: الاستطالة على الغير بغير حق (حاشية الباجورى 2 - 256، مغنى المحتاج 4 - 194، حاشية الجمل 5 - 165). حكم الصيال: حرام شرعا لأنه اعتداء على الغير، لقوله - سبحانه وتعالى - "إن الله لا يحب المعتدين" (الآية 190من سورة البقرة)، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه" - سنن الترمذى 4 - 325 حكم دفع الصيال عن النفوس وما دونها: المعم والمفتى به ومما تقرر شرعا: وجوب دفع الصيال على النفس الآدمية وما دونها، ولا فرق بين أن يكون الصائل مسلما أو غير مسلم، عاقلا أو مجنونا، بالغا أو صغيرا، معصوما أو غير معصوم الدين، والأدلة الشرعية منها: قول الله - عز وجل : "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهكلة" - الآية 195 من سورة البقرة "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة" - الآية 39 من سورة الأنفال ، وقول النبى صلى الله عليه وسلم : "من أشار إلى أخيه بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه" - مسند أحمد 6 - 266، "من قتل دون دمه فهو شهيد" - سنن الترمذى 4 - 30- وبدليل المعقول: ومنه: كما يحرك على المصول عليه قتل نفسه، يحرم عليه إباحة قتلها، ولأنه قدر على إحياء نفسه، فوجب عليه فعل ذلك كالمضفر لأكل الميتة ونحوها (حاشية ابن عابدين 5 - 351، أحكام القرآن للجصاص 2 - 487، جواهر الأكاليل 2 - 297، مواهب الجليل 6 - 323). حكم قتل الصائل وضمانه: إن قتل المصول عليه الصائل دفاعا عن نفسه ونحوها فلا ضمان عليه بقصاص ولا دية ولا كفارة ولا قيمة، ولا إثم عليه، لأنه مأمور بذلك، أما إذا تمكن الصائل من قتل المصول عليه فيجب عليه القصاص (المراجع السابقة، حاشية الدسوقى 4 - 357، كفاية الأخبار 2 - 120، كشاف القناع 6 - 154) ودفع الصيال فى الفقه الإسلامى هو الدفاع الشرعى الخاص فى غيره. تأسيسا على ما سلف ذكره: المعتدون على الجيش والشرطة المدنية مرجفون مخذلون صيال مستحقون لعقوبات دنيوية مقررة بنصوص شرعية: - القتل (جزاء وفاقا) واللعن الربانى فى الدنيا والآخرة - والنفى والإبعاد حسب نظر ولى الأمر عن الجيش ومواطنه. وفى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن جريمة (التكفير) من أخطر بواعث جرائم الاعتداءات على الجنود، وآراء شاذة من اشياخ الفتنة مثل التحريض السافر على الجنود ضد الرتب والرموز الوطنية (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بالسعودية ص 149 - 2 - 150) وللأسف خصت الجيش المصرى بالذات (فتاوى علماء البلد الجرام إعداد خالد بن عبدالرحمن بن على الجريسى ط أولى 1420 ه 1999. م الرياض فتاوى لآبن باز، وابن عثيمين وابن جبرين وابن فوزان) والقاعدة الفقهية (المتسبب كالمباشر) فبواعث التحريض لا تقل إثما عن مباشرة الأفعال الإجرامية ذاتها.