تضافرت نصوص شرعية محكمة, وقواعد فقهية راسخة, وإجماع آئمة العلم الذين يعتد بعلمهم, علي شرف الجندية للدفاع عن الأرض والعرض والمال وأناط بهم واجبات من الرباط والجهاد معا, فأما الرباط معناه المعاصر ملازمة الحدود لحمايتها وصيانتها, قال الرباط والجهاد معا, فأما الرباط معناه المعاصر ملازمة الحدود لحمايتها وصيانتها, قال الله عز وجل :( اصبروا وصابروا ورابطوا) جزء آية200 آل عمران وأطبق آئمة العلم علي المراد بالرباط في الآية القرآنية المحكمة: الملازمة في سبيل الله تبارك وتعالي , وأنه أصل الجهاد وفرعه:( تفسير القرطبي323/4, المغني354/8, فتح القدير278/4) وقال سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم :( رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها...) أخرجه البخاري فتح الباري85/6 , وأفضل الرباط: أشد الثغور خوفا, لأن مقامه به أنفع, وأهله أحوج: مطالب أولي النهي509/2, المغني355/8 ومما يلحق بالرباط: الحراسة, وكلاهما يتحققان في الجيش والشرطة. وأما الجهاد ومفهومه فيما نحن بصدده: مجاهدة العدو الظاهر بالقتال والدفاع للذود عن البلاد والعباد, وفضله عظيم, وحاصله: بذلك الإنسان نفسه ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتقربا بذلك إليه, ويتحقق في الجهاد المشروع, أما جرائم البغي, الحرابة, الصيال فليست جهادا ولا رباط, بل هي جرائم مخلة بالأمن العام والدماء والأعراض والأموال ولها عقوباتها الدنيوية المفصلة في التشريع الجنائي الإسلامي بصفة عامة, وأبواب: الحدود والجنايات علي النفوس, والدفاع الشرعي الخاص والجيش والجندية جهاد مشروع في الدين الحق, قال آئمة العلم: الذين يقاتلون الأعداء, قد بذلوا مهج أنفسهم والنصوص الشرعية في فضل الجندية( القوات المسلحة) كثيرة منها: قول الله عز وجل :( وفضل الله المجاهدين علي أجرا عظيما) الآية95 من سورة النساء,( إن الله اشتري من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة),( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) الآية169 من سورة آل عمران. من السنة البنوية: قول الرسول صلي الله عليه وسلم : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم, وتوكل الله للمجاهد في سبيله, بأن يتوفاه أن يدخله الجنة, أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة أخرجه البخاري: فتح الباري6/6 , وروي أن رجلا جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: دلني علي عمل يعدل الجهاد؟ قال: لا أجده, ثم قال: هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن يدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر, وتصوم ولا تفطر؟ قال: ومن يستطيع ذلك؟ فح الباري4/6 إذا علم هذا: فإن من أبشع وأفظع الجرائم الاعتداء علي الجند بتنوع رتبهم ومهامهم لما في ذلك مما قرره الفقهاء من إرجاف و تخذيل مما يسبب مفاسد عظمي تلحق سلامة البلاد وأمن العباد: التوضيح: الإرجاف: مفهومه الشرعي الاصطلاحي: التماس الفتنة, وإشاعة الكذب والباطل للاغتنام به( تفسير القرطبي للآية60 من سورة الأحزاب, وحاشية الجمل علي شرح المنهاج95.4, المغني351/8). وحكمه الشرعي: حرام شرعا, وتركه واجب لما فيه من الاضرار بالمسلمين وفاعله آثم, قال الله تعالي :( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا معلونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا) الآيتان60 وما بعدها من سورة الأحزاب . وروي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بلغه أن ناسا يثبطون الناس عن الجهاد في سبيل الله, فبعث إليهم نفر من أصحابه, وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت, ففعل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ذلك( أخرجه ابن هشام في السيرة517/2, معين الحكام ص210). ومضار الإرجاف: نشر الاضطراب بين الناس, لصدهم عن الرباط والجهاد, وترك البلاد عرضه لاحتلال الاعداء. التخذيل: تزهيد الناس في حراسة البلاد وأمن العباد, وترك الجندية والتخذيل كالإرجاف في العدوان الأثيم علي الجيش ومضاره منع الناس من النهوض للقتال, وترك الحراسة والجهاد( أحكام القرآن للجصاص458/3, عدة أرباب الفتوي ص82). ويجب صد ومنع ومقاومة المرجفين والمخذلين, وقد ذمهم الشرع المحكم, قال الله تعالي :( ولكن كره الله انباعثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادكم إلا خيالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة) الآية46, وكذا47 من سورة التوبة وعلي ضوء ما سلف: يحرم الاعتداء علي الجند بالإرجاف والتخذيل والاشاعات والاباطيل لآثاره الخطيرة في أمن البلاد والعباد. ويحرم الاعتداء عليهم بالجناية علي النفس وما دون النفس, لما هو معلوم من عصمة الدماء والأموال والأعراض, الثابتة بالنصوص الشرعية المحكمة العامة والمطلقة ولا تخفي إلا في متعامي أو متغابي! ومما يدعو إلي الغرابة والنكارة تفوه قواد جماعات وفصائل الإرهاب والإرعاب ومنظري العنف المسلح, وقواد مليشيات قطع الطرق( الحرابة) وتهديد السلاح الاجتماعي والعام للبلاد( البغي), والتعرض للدماء والأموال والأعراض( الصيال) باستهداف واستحلال دماء ومنشآت الجيش والشرطة, ومعروف أن الاستحلال: تحليل ما حرمه الشرع المحكم ومؤداه إنكار ما يثبت ضرورة أنه من دين الإسلام وفي ذلك تكذيب له صلي الله عليه , وأشد الاستحلال: القتل( الشرواني علي التحفة87/9, المواق علي خليل280/6, الزرقاني علي خليل65/8). خلاصة ما ذكر: الجندية بتنوع رتبها في الجيش والشرطة شرف عظيم, ومقام كريم لها في الدين توقير وإجلال. وجوب إعانتهم وتأييدهم ومساعدتهم علي شتي المستويات الفردية والأهلية, الجماعية والحكومية. تحريم وتجريم إضعافهم وتخذيلهم لأضرار جسيمة تلحق بسيادة الدولة, وأمنها الخارجي والداخلي بإشاعات وأباطيل كالإرجاف والتخذيل. تحريم وتجريم الاعتداء علي الجند مطلقا سلما أو حربا جهازا أو رباطا سواء علي أبدانهم أو منشآتهم ومؤسساتهم. يجوز للجيش والشرطة مقاومة المعتدين عليهما بكل سبيل بالقتل والتدمير( سبق إيراد واقعة طلحة بن عبيد الله). المعتدون علي الجيش والشرطة مرتكبون لجرائم ثلاث: الحرابة, البغي, الصيال مستحقون أي المعتدون العقوبات الدنيوية الزجرية. رابط دائم :