هم لاقاليت بالكلام بعد حديث الادميرال جانتوم الذي أكد عزمه علي الصعود علي ظهر النسافه كارير وبها سوف يشعل حربا صغيرة امام البوارج الإنجليزية حتي يشغلها عن اللحاق ب مويرون, ضمن انهم سيتيحون لها فرصة الهرب كان يريد ان يقول: ان مويرون بطيئة ولن تستطيع الاستفادة كثيرا من فرصتك لكنه اخفي ذلك, كتمه, اختنقت الكلمات, لا يدري كيف لاحظ بونابارت ذلك هل يقرأ الافكار, من صفحة وجهه, جذبه من ردائه قائلا: انت رجل حي الضمير يالافاليت لكنه لن تغدو جنديا كبيرا, ليس لديك ثقة في امكانياتك وتقف عند الصعاب, هؤلاء الجنود أهل لأن يأتو بالخوارق؟؟! عند هذا المقطع توقف, سرح في مشهد الهروب, شجاع وأم الهروب ام لا لوم عند تقدير المواقف, دون ان يشعر حرك الصفحات سريعا, وقع عينه علي مكان الوصول, نجي بوناربارت ومن معه في رحله الهروب من حصار الإنجليز لشط مصر وكأنه كان يقرأ السماء, هنا قال جانتوم مشيرا إلي الشاطئ: ايها الجنرال لقد قدتك إلي قدرك الذي ينتظرك, وانك لترسو كما رست( إينيه) علي الشواطئ التي وعدتها الجبابره. تراخي تحفزه الواضح للعيان ومن يراقب تأمله وجلسته تلك تحت ضوء المصباح الشاحب الصادر من مولد في كهنوت الصحراء, الفرار الان قرار صائب, لن يلحقه العار, عد المرات القليله التي اتخذ فيها قرارا بالمواجهة اكمل العشرة, اكتفي, الرضا عن النفس راحه, كل شئ معد, الاقامة, المنامه, طارد خيالات الدخان في الهواء ظلت ساكنه تتبدد ببطء حتي الفجر, مع الشروق تدلي إلي البئر العميقة وقف النوبيان علي القهوة ينزلانه ببطء شديد وحذر, احدهما كان ممتلئ الجسم كسم الملامح وجه لا يشي بانفعالات الإثاره, الاخر كالرمح النافر المتحفز, تدلي المصباح معه ينير الثلث الاخير, فك الحبال التي تحيط بخاصرته ورفع المصباح عاليا فهذه المره الاربعين لن تكون كسابقتها فقد ألم بتفاصيل المكان وانطبع في تلافيف فهمه, تطلع إلي العلامات في مشواره, اليمامه, التمساح, عين حورس الحارسه, انها ممرات تفضي إلي أماكن بلا ابواب, آبهاء تقود إلي المجهول, هنا في هذا المكان بالذات سمع أصواتا كما الترانيم الكنسيه بلغه لم يألفها, غريب هو الانسان ابن الأرض والفلوات, لديه القدرة علي استخدام كل الاصوات, طنين, ازير, أوزير يظهر علي الحائط المخفي في الركن اتحاه المسير يشير لرحله ما, ربما بوابه فوضع الأرجل والصولجان يشيران لحركة, هناك بوابعة في مكان ما تؤدي حتما إلي شئ, الصوره عند القدماء كتابه يفهم منها, تحلي بالصبر, استند الحائط واخرج من الطيات كتابا, اضاءت الصفحات وعكست الضوء كما المراءة, استغرب الظاهرة فلطالما علق المصباح علي رأس الكتاب في الخيمه وتحت النخل, حرك الكتاب فإذا به يحدث ظلالا لامعه علي الحائط, الوهج واضح للعيان وكأنه يصطدم برقائق من المعدن قفزت الفكره في رأسه, سلط الضوء المباشر علي الحائط وتحسس بالاصابع خشونته اخرج بعض الادوات وكشط عينه وضعها في انبوب, ابتسم وهو يحادث نفسه لابد ان هذا هو ما فعله العالمان الالمانيان وهم يكشطون خرطوش خوفو العظيم لا يختلفان عنا كلصوص آثار, كان سلك المصباح قد اضحي مشدودا وخشي من انقطاع الكهرباء, عاد ادراجه إلي فهوة البئر مناديا النوبيات شواح واضافية وعاد ادراجه إلي حيث الحوائط العاكسه, سوف يعرف الان ما وراءها تحديدا, وصل وكأنه يدرك ما ينبغي فعله راح يدق الحائط بشاكوش الاهتزاز الشوكي الموصول بجهاز الموجات الصوتية باحثا عن فراغ وراء الحائط أو فجوه وسرعان ما وجد ضالته في قراءات العداد. تبادل النوبيان النظرات وعلامات الاستفهام بعد فراغهما من امداده بمزيد من كابل الكهرباء, حرصا علي ابلاغه انهم لن يغفلوا عن المولد أو الاتصال ومراوح شفط وتجديد الهواء, لم يكن لديهم سوي الانتظار فقد اعتادا عليه طوال الثلاثة اشهر, اشار شواح لاخيه أن ابتعد قليلا عن فهوة البئر فهم انه يريد ان يحادثه سرا, احذر أن يكون في طريقه للصعود متسلقا كما فعلها مره وفاجأنا!,: اطمئن فلابد أن يخرج كابل الكهرباء اولا,: هل تراه اكتشف شيئا هذه المره؟: أظن ذلك, فلم يطلب ارخاء الكابل أولا اكتشف ممرا اخر.. استمرا في حديثهما الهامس, فم البئر في ضيق الحلق لكنه يحمل تلك الهمسات ويضخمها كالمذياع, ماذا يحمل ذلك المجنذر الغامض ماذا في شنطته السوداء, اجاب رواح: خرائط اماكن وتفاصيل وقياسات بالانجليزية التي يجهل اننا نتقنها وكتاب في تاريخ الكشوف والحروب يعود للجملة الفرنسية يطالعه من وقت لاخر لا اعلم ما نغعه بالنسبه له, جمل مقطوعه لا معني لها واسماء غريبه كما الحيات اظنه يستخدنها في التعزيم؟؟ ابستم من تحت الارض ولمعت عيناه ببريق غريب مجنون, كانت حتي اصوات لعبهم بالحصي تصل اليه كما لو انه علي بعد حجر من انظارهم, الصدفة هي ما جعلته يكتشف ان الفتحة التي مرق منها تعمل عمل اجهزة الانذار المبكر فتسمع وتحس بصوت القادم وتميزه بالبديهة, حين تم افرغ الممرات من الرمال والبقايا الحفريه منعهم من النزول مجددا بحجه الا تتلبسهم ارواح الماضي الحارسة لبيت خزائن فرعون, نعم انها أعتي من الجن والعفاريت استجابا رغم امتعاضهما الواضح: هذا المكان اورثنا إياه ابونا الراحل وقال لنا ان به كنزا وهو من حقنا كيف لا ننزل معك لنبحث عنه؟؟ ضحك وقتها فقد كان يعلم انها مجائره فارغه والخوف وليس عدم العلم باصول البحث هو ما دفعهما إلي الاتيان به, ورغم ذلك رد: ابو كما لم يعطكما سره ولا استخرجه بنفسه!! في لحظاته الاخيره, تذكر اميته الغريبه وكأنه حزمه من اصوات متطايره تصدح فيها اعماق ودفائن ذاك الزمن الامرد الاجرد يستخرج قطعه صخر بلوريه من الثغره التي افتعلها في الجدار اللازوردي, لم يصدق كيف مرق الهواء من تلك الفتحه كما لو كانت زفره انفاس من فتحة أنف عملاقه, طفرت منه كلمة( ياللهول) فقد استمرت في التتابع علي دفعات تشتد وتبطئ, خلف الجدار مصر مؤكد للتهوية يصل لسطح الارض وليس مطمورا بالكلية, تململ واستند علي الجدار المقابل, تهرب من ذاكرته صورة الذهب والفضه المشغوله بعيون ايزيس, خاتم اجناتون الازرق ومسحه بحرص شديد, عثر عليه في ممر احد الغرف البيضاوية, قليلا من تراب الذهب وقطع النحاس, نقضوا الرمل والشقفات الحجرية مرات ومرات عل بها شئ اخر لم ينتنهوله, قالا: ابونا علي حق المكان به كنز كبير وها هي البشاير, سايرهم في الاعتقاد لشهر ونصف وسحب مبالغ تصل للمليون دولار من حصته ونصيبه في الكنز المزعوم, انظروا إلي انا أمين كل ما اجده اسلمه المشكلة ان هذا المكان ليس مقبره انه بيت مال, مستودع لابن الملك حاكم النوبة أرض الذهب؟ ماله الان لماذا اضحي متأكدا من الفشل في العثور علي كمية تكفي من المعدن الملكي, المكان لا يظهر عليه انه اقتحم قبل الان والمدخل سليم تطلع يمنه ثم يسر لقد دخل هيكل إبليس وسيموت إذا اكتشف الحقيقة مازال يمكنه الهرب فمن حيث دخل كان القدماء يخرجون وعليه ان يصل للمدخل الحقيقي ليختفي,عمل عقله بسرعة في التفاصيل, اكل وارتاح وشرب, رد علي اتصالات الاطمئنان وتحت اصابعه الوسخ الملوث وسع الثغره إلي فجوه, خاطر بالنظر والإضاءه, سوف يترك الحبل والكبل والنور, سيظنون ان اختطفته الشياطين ان جرؤا علي النزول والعبث مع امراء تودجاسر, توغل في احشاء كهف الطين, اصبح متأكدا من انه سيصعد من تحت بالوعه من مخرات السيول لم يصدق عينيه, درج يصل إلي فتحه علويه, يلتوي كالثعبان, كأنه يمشي علي ظهره, صعد حتي الركن وانعطف, رذاذ يسد النظر مكونا ضبابا لا يري فيه موضع قدميه, هل يصعد رغم خطر الانزلاق من القمة للقاع, تحت سلطة الاحساس مد اليد يتحسس الارض المبتله, البطارية نفد منها النور والشعور بالامان النسبي زايله, كان هناك شبه القارب علي بعد خطوات قليلة من السراط الذي انحني ليتشبث به, بلا تفكير زحف إليه, صغير يتسع لشخص واحد بدا إنه وسيله النجاه والخروج وسرعان ما امتطاه وانزلق به من أعلي إلي سطح الماء, ابحر قاطعا الا ميال في ثوان معدوده, القلق ينبت حواس التفكير والنهار يوشك علي الرحيل ذاق الماء, حلوه انه النيل حتما ولكن اين انا, اين الشط, اي بقعه ارض, دار علي عبقيه مرات.. ترك التيار يأخذه إلي حيث.. لا مكان؟! أحمد محمد جلبي