في الوقت الذي بدأت الأمة المصرية ملحمة البناء والتشييد وتهلل الشعب المصري بالمشروعات العملاقة التي خرجت إلي النور مبهرة العالم كله, إذ بفتنة كبري تطل علي الشعب المصري تضرب أصوله وثوابته بل لا تكتفي بذلك ولكنها تختار نماذج لآراء تطعن بها بين عنصري الأمة المصرية: المسلمين والمسيحيين, والأكثر من ذلك أنها تختار نماذج للطعن في الأسرة الواحدة, وواجب الزوج لزوجته وكل ذلك ظهر في بعض برامج التوك شو خلال الايام القليلة الماضية. وكل ما أحزنني وأحزن غيري من هذه الحلقات هو ضعف الرد ممن يجب عليهم حسن الرد وتفهم النص, علي الرغم من أنهم رجال الأزهر الذين يشار إليهم بالبنان.ولايمكنني بأي حال من الأحوال أن أتهم كما يقول البعض مقدمي هذه البرامج بإثارة هذه الموضوعات, كما لايمكنني أن اتهم المفكرين الذين أوردوا هذه الأمثلة من كتب التراث بأنهم يخربون في ثوابت الإسلام ولكن ما رأيته منهم أنهم رأوا نصوصا لايمكن بذاتها أن تقبل فدافعوا عن ذلك دفاعا منهم عن دينهم وعن تنقية تراث دينهم من وجهة نظرهم وكل ما كانوا يحتاجون إليه أن يجدوا الرد الصحيح في الدفاع عن تراث الأمة, ولكنهم لم يجدوا ذلك ممن ينتمون إلي الأزهر ويشار إليهم بالبنان.ويمكننا أن نلخص ما أثير في هذه الحلقات في عدة أمور أجيب عنها بتوفيق من الله عز وجل دون إطالة فيها: أولا: مكانة صحيح الإمام البخاري. لا جدال أن صحيح الإمام البخاري أصح كتاب أسندت أحاديثه وتلقي علماء الأمة هذا الكتاب بالقبول ولكن يجب أن يكون معلوما لرجال الأزهر ليعلموا الناس أنه ليس كل نص حديث في صحيح الإمام البخاري مسلما به عند العلماء فلقد انتقد العلماء من سلفنا الصالح في صحيح الإمام البخاري مايقرب من ثمانين حديثا وانتقدوا في صحيح الإمام مسلم مايقرب من مائة وخمسين حديثا, هذا بالإضافة إلي أنه ليس كل نص حديث في صحيح الإمام البخاري مقطوع بصحته, ففي صحيح الإمام البخاري ما أطلق عليه علماء الحديث( المعلقات) وهي نصوص الأحاديث التي وردت بلا سند وتسمي الأحاديث المعلقة في صحيح الإمام البخاري, وأختلف العلماء في درجة قبولها إن كانت بصيغة الجزم أو كانت بصيغة التمريض ولكن لم يستطع أحد ممن ينتمون للأزهر مع مالهم من مكانة علمية أن يردوا بذلك ليفهموا الناس ومن يناقشونهم. ثانيا: كتب التراث. إن كتب التراث من أعظم ما تفتخر به المكتبة الإسلامية ولكن غاب عن الأساتذة الذين حضروا هذه الحلقات للدفاع عن بعض النصوص الواردة في كتب التراث والتي في حد ذاتها لا يمكن قبول هذه النصوص منفردة أن يوضحوا للمحاورين والناس أن من عظمة كتب التراث الإسلامي أنها تنقل في المسألة الواحدة الرأي والرأي المؤيد والرأي المخالف والرأي الشاذ وليس معني ورود رأي شاذ لأحد العلماء في مسألة ما أن هذا هو رأي المؤلف صاحب الكتاب وإنما هذا عند العلماء يعد من الأمانة العلمية وفي نفس الوقت هو منهج القرآن الكريم, فمثلا في القرآن الكريم المشركين أنكروا البعث ومع ذلك ذكر القرآن الكريم كلامهم فقال سبحانه وتعالي حكاية عنهم: وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ومايهلكنا إلا الدهر ومثال آخر: الله عز وجل هو الكريم وليس هناك من هو أكرم منه ومع ذلك حينما قال بعض اليهود إن الله بخيل ذكر الله ذلك في القرآن الكريم فقال سبحانه وتعالي حكاية عنهم وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم والأمثلة كثيرة في القرآن الكريم في ذكر الحكم الإلهي وذكر الرأي المخالف فهل يقول أحد نرفع هذه الأقوال من القرآن الكريم لأنها لاتليق بجلال الله عز وجل؟. ومن هنا فإن ذكر رأي شاذ أو مخالف في كتب التراث هو من باب أمانة المؤلف العلمية عند ذكر الآراءوليس معناه أن هذا هو رأي المؤلف أو هذا هو منهج الإسلام. وإن مما أحزنني عند مناقشة هذا الموضوع في هذه البرامج ألا يستطيع أساتذة الأزهرأن يسردوا بذلك ويفهموا الناس مناهج العلماء وأمانتهم في نقل الآراء مهما يكن شذوذها ويسلموا بأنها تحتاج إلي لجان لتنقيتها هل لأنهم لايفهمون مناهج العلماء في مؤلفاتهم أم ماذا؟؟ وفي هذه المسألة أود أن أوجه اعتذرا واجبا علي للإخوة المسيحيين الذين استمعوا لمثل هذه البرامج وأثير الرأي الخاص بكيفية معاملة المسيحيين وأقول لهم أعتذر لأن أساتذة الأزهر لم يحسنوا الرد ولم يستطيعوا الرد وكان الواجب عليهم أن يقولوا للناس ويخاطبوا الإخوة المسيحيين ويقولوا لهم: إن هذا الكلام رأي شاذ وإن من أمانة المؤلف أن ينقل الرأي والرأي المخالف والرأي الشاذ وليس معني ذلك أن هذا هو رأي المؤلف أو رأي الإسلام. وكان يجب علي هؤلاء العلماء وهم من أعلام الأزهر أنيبينوا في هذا+الموقف رأي الإسلام ورسول الإسلام في معاملة أخوتنا المسيحيين. ألم يعلم هؤلاء أن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم أمر أصحابه حينما زاره في مسجد وفد نجران من المسيحيين, أن يهيئوا لهم في مسجده مكانا ليصلوا فيه صلاتهم ألم يعلموا ذلك ليبينوه للناس بعدما أثير هذا الرأي الشاذ. ألم يعلم هؤلاء العلماءأن نبينا صلي الله عليه وسلم قال من آذي ذميا فقد آذاني وكان الواجب علي هؤلاء العلماء في هذه اللحظة أن يبينوا ذلك وهم يخاطبون الشعب المصري, ومن هنا أعتذر لأخوتنا المسيحيين عن ضعف الرد وعدم قدرة هؤلاء الأساتذة الإجلاء علي الرد والبيان. وأعتذرمرة أخري للمرأة علي وجه العموم وأقول لهن جميعا: إن الإسلام دين كرم المرأةوأوجب علي الزوج الإنفاق عليها والدفاع عنها ويكفي أن يشير القرآن بوجوب إنفاق الرجل علي زوجته في جميع أحوالها بقوله سبحانه وتعالي مخاطبا الرجال بما أنفقوا من أموالهم) فهل بعد ذلك رأي شاذ إن ذكري هذا الرزي في كتب التراث مع أنه شاذ إلا أن وروده في كتب التراث من باب الأمانة العلمية للمؤلف في نقل الآراء إن يذكر الرأي والرأي المخالف والرأي الشاذ وليس معني ذلك أن هذا هو رأي الإسلام. وللحديث بقية