رفضت منحة من جامعة أمريكية، مفاجأة عن الطالبة عائشة ضحية واقعة التلاعب بالتنسيق    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. كليات التجارة و التربية ومعاهد الفني الصحي المتاحة تجاري 3 سنوت (قائمة كاملة)    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب في السعودية اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    عاجل- الاحتلال يمنع دخول المساعدات الطبية.. والمجاعة تحصد المزيد من الأرواح في غزة    يونهاب: 30 جنديًا من كوريا الشمالية عبروا الحدود إلى الجارة الجنوبية    "جحيم بأقصى شمال القطاع حتى جنوبه".. ماذا يحدث في غزة؟    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلي يرفض دخول المستلزمات الطبية إلى قطاع غزة    اندلاع حريق في محطة كورسك النووية    تحرك شاحنات المساعدات من معبر رفح تمهيدا لدخول قطاع غزة    إمام عاشور يهنئ والده بمناسبة عيد ميلاده بهذه الطريقة    ناس من جوا الزمالك "نخوروا"، تلميح خطير من شيكابالا عن المتسبب في أزمة أرض أكتوبر    سيناريو زيزو قد يتكرر، شيكابالا يرعب جماهير الزمالك ويحذر من نجم الفريق    وفاة الفنان الشاب «بهاء الخطيب» إثر أزمة قلبية مفاجئة    لقطة انسانية.. تامر حسني يحرص على الغناء لطفلة مصابة في حفله بمهرجان مراسي (فيديو)    من روحانيات الشيخ ياسين إلى مفاجأة مدحت صالح، مشاهد خطفت الأنظار بحفلات مهرجان القلعة (فيديو وصور)    مصطفى قمر يدعو لأنغام بعد أزمتها الصحية: «ترجعي لنا بألف سلامة»    مصر تنافس بقوة في جوائز LMGI العالمية عبر فيلم "Fountain of Youth" للمخرج جاي ريتشي    طارق النهري: نطقت الشهادتين وكنت أنتظر الموت في السجن.. ولم أتواجد بالميدان يوم حريق المجمع العلمي    انتشال جثمان طفلة من أسفل أنقاض منزل بسمنود بعد انهياره الجزئي    شديد الحرارة ورياح.. بيان من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم    سعر اليورو اليوم الأحد 24 أغسطس 2025.. العملة الأوروبية بكام الآن؟    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 24 أغسطس 2025.. يوم مليء بالمفاجآت والتغييرات    دعاء الفجر | اللهم يسّر أمورنا واشرح صدورنا وارزقنا القبول    ملف يلا كورة.. تغريم الزمالك.. صفقة كهربا.. وأزمة السوبر السعودي    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    بينهم مصريون.. بنك HSBC يُغلق حسابات 1000 من أثرياء الشرق الأوسط    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    فينجادا: حزنت من انتقال زيزو إلى الأهلي.. والكرة المصرية تعاني من عدم الاحترافية    عقوبة تزوير الكود التعريفي للمعتمر وفقًا للقانون    وداعًا للبطاريات.. خلايا شمسية جديدة تشغل الأجهزة من إضاءة الغرف    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    محمد رمضان يحيي حفلًا غنائيًا بالساحل الشمالي في هذا الموعد    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    حصاد الأسبوع    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال الغيطاني في ساعات وهوس الإحاطة بذاكرة الزمان والمكان

في مجموعته القصصية الصادرة أخيرا عن دار الشروق بعنوان ساعات والتي تضم حوالي‏26‏ قصة قصيرة كتبها خلال العشر سنوات الأخيرة يقتنص الكاتب الكبير جمال الغيطاني لحظات تكشف عن سعي دائم للتعرف علي حقيقة العالم والوجود علي الزمان والمكان وعلي الحياة والموت‏.‏
لاتحكي قصص المجموعة عن عالم غير مألوف بالنسية لنا‏,‏ فعلي العكس تغوص تلك القصص في تفاصيل الحياة اليومية بكل أحداثها المألوفة والمتكررة أحيانا‏,‏ وبكل مشاهدها التي قد تبدو رتيبة ولاتستدعي حتي مجرد التوقف أمامها ناهيك عن تأملها‏,‏ ولكن وضع تلك الحياة اليومية في كتابة الغيطاني ليس رتيبا ولايبدو الوصف التفصيلي مملا‏,‏ فالدهشة التي يضعها أمامها الغيطاني هي دهشة إزاء المألوف والمتكرر واليومي‏,‏ ولاتوجد إلا لدي الأطفال والمبدعين إزاء الحياة وتفاصيلها‏.‏
ويكتنف الغيطاني تلك النظرة ببراءة إزاء العالم والأشياء المحيطة بنا‏.‏
اذ يهتم بوصف كل تفاصيل المشهد‏,‏للآشياء وللأماكن أهمية لاتقل عن أهمية الأشخاص والأحداث‏,‏ فالمكان هو حامل قصص الغيطاني وتكفي نظرة خاطفة علي عناوين القصص للتدليل علي أهمية المكان لدي صاحب الزيني بركات‏(‏ قرطبية‏,‏ سكن‏,‏ سعي في لندن آخر الدنيا المأوي القديم‏,‏ مكتب‏,‏ حمام محيط‏.‏
يتأمل الغيطاني مواقف من حياته فالمجموعة يمكن أن تقرأ كسيرة ذاتية يعود فيها الغيطاني الي ذاته ليتأمل خبرته بالعالم ويدونها لنا‏,‏ ولكن تلك الخبرة تتعدي خبرة ذاته الي خبرة أكثر عمومية‏,‏ تخصنا جميعا ولا تخص الغيطاني فقط فهي وإن بدت كسيرة ذاتية في بعض القصص إلا أنها تكشف وراءها عن سعي نحو الفهم العميق للعالم المشترك الذي نحياه جميعا‏.‏
يبدو الغيطاني في قصصه كانسان معاشر للأشياء‏,‏ يحب العيش وسطها محاولا استكشافها‏,‏ قصصه مليئة بوصف حي للأشياء‏,‏ لاتلعب الشخصيات أدوار البطولة بل الأشياء‏.‏
تهتم ساعات بالكشف عن معني الأشياء ووجودها في حياتنا من خلال مواقف حية كثيرة وتمتزج في جدلية ممتعة فلطالما كان الزمان هما شاغلا للغيطاني لايحيد عنه في كتابته‏,‏ يرتبط الزمان بالمكان في كتابة الغيطاني عبر الذاكرة التي تحفظ الزمان وتبقيه حيا‏,‏ ففي مقاطع متعددة يكرر أثر الزمان حتي لو رجعت اليوم التالي لن أجد المكان كما تركته‏,‏ كما عرفته‏...‏مرة أخري أردد لنفسي باستحالة بقاء الأشياء علي ماهي عليه‏,‏لو غبت ساعة عن موضع ورجعت ثمة ناقص وزائد
وفي مقطع بديع من قصة مكتب يحكي الغيطاني قصة مبني مع الزمان‏,‏ لايضع الكاتب المبني فيه كشيء جامد بل ككائن له حضور يخفت ويبرق اكتمل نقل الأثاث والأوراق الي المبني الذي أعيدت صياغته‏,‏ فبدا كأنه مشيد بالأمس مع أن عمره لايقل عن قرن كامل شيده أحد باشوات الزمن القديم أمضي فيه عمرا وجرت حيوات شتي الي أن تحول الي مقر لجريدة معبرة عن أقلية سياسية توقفت قبل الثورة‏,‏ ثم أصبح مقرا لجريدة‏(‏ المساء‏)‏ الوحيدة من نوعها طوال الخمسينيات والستينيات الي أن أصبح مخزنا مهجورا يتبع دار نشر حكومية‏,‏ ولأنه غير مستخدم لايدخله ولايخرج منه أحد‏,‏ غاب كثيرا عن الحضور في الشارع أصبح عمارة صامتة‏,‏مهملة‏,‏ معرضة للبلي بل إنني لم ألحظ وجوده طوال سنوات مكوثي الخمس والعشرين في المبني المجاور الذي يعلو ارتفاعه ضعفين‏,‏ في الطابق الثامن منه مكثت ربع قرنلايترك الزمان شيئا علي حاله ولكن تبقي الذاكرة لتحفظ الأشياء من فعل الزمان‏.‏
وتلعب اللحظة الماضية من الزمان دورا رئيسيا في المجموعة‏,‏ فإحساس الإنسان بتقدم العمر ودبيب الوهن يجعله أكثر ميلا للتأمل في حياته السابقة‏,‏ محاولا استعادة الزمان مرة أخري ولكن يدرك الإنسان إستحالة ذلك فقصة نفس تتحدث عن عم احمد الساعاتي الماهر الذي قضي أكثر من خمسين عاما في إصلاح الساعات ثم إكتشف انه لم يرد تلك المهنة ويتمني لو انه كان قد اختار غيرها‏.‏
وفي قصة مكتب أيضا يتبدي إحساس بانقضاء الوقت والاستعداد للرحيل فالقصة تتحدث عن موظف لم يتبق له سوي عدة أشهر علي المعاش ويعرض عليه تجديد مكتبه فيرد إنك تعمل لغيري‏,‏ لم يتبق إلا شهور وأصل سن التقاعد وفي نهاية القصة يرد علي سؤال الموظف الآخر إن كان يريد مكتبة تكسو الجدار الآخر أم لا بالقول أتطلع إليه‏,‏ هل يسألني أنا أم يستفسر من أجل القادم بعدي؟
يتبدي هنا سؤال عن الزمان من خلال الإلحاح علي فكرتي الحياة والموت‏.‏
نوم يدانيني حيث لا أتوقع‏,‏ ويشملني عندما لاأدري‏,‏ نوم يطلبني يمضي إلي ولا أسعي إليه‏,‏ يأتيني عندما لا أرغب يأخدني علي مهل‏,‏ باسترخاء دون مستفزات أو عثرات‏,‏ لم أشك للأقربين ولم أبد انزعاجا ولم أفكر في استشارة طبيب كأنني أخشي أن افشي سرا ائتمنني عليه من أجهل‏,‏ من لا أعرف بل انتبهت فجأة إلي توقي للقائه عند بدء شموله لي‏,‏ وتزايد أوقات التوالج والإنسحاب يطل شبح الموت من هذا المقطع من قصة نوم مقترنا باستسلام مريح لإنفلات الزمان وانقضائه‏,‏ تحمل القصة تأملات عميقة حول الزمان في أوقات النوم والغفوة تختبيء وراء السطح الهاديء للقصة التي يحكيها الغيطاني للأنثي حضور هائل في تلك المجموعة‏,‏ يقترب الغيطاني من الأنثي عبر باب الجسد‏,‏ يضعك وصف لجسد المرأة في بعض المقاطع أمام حضور مختلف للمرأة فهو يعيد تعريفنا علي المرأة مرة أخري بحس أدبي رفيع‏.‏
ففي مقطع عن قصة شغالة ردا علي قول الشغالة‏(‏ أهلا يا بك‏...‏انا الشغالة الجديدة‏..‏ يرد صاحب المنزل بل أنت قديمة عتيقة جدا تماما كالخلق الأول بلا تزويق بلا تنميق‏,‏ بلا زيادة أو نقصان‏,‏ الأنثي في مصدرها الأول‏,‏ توسط قامتها‏,‏ وقوة بنيتها الواضحة مع كمال استدارتها ورحابة حوضها الداعي إلي لم الشمل‏,‏ والتئام الجمع ونهاية الفرقة وانطواء البعد‏.‏ وتزخر المجموعة بقصص تتناول المرأة من أوجه عدة المرأة في نصوص جمال الغيطاني لها مشص ففي قصة صفاء تمثل الأنثي الدفء الأمومي والهدوء ففيها يضفي حضور الأنثي الطمأنينة والسكينة وفي قصة شغالة يمثل الحضور الأنثوي الإنكسار والخضوع الذي يستنفر ويستفز ضجيج الرجولة المكتوم في قصة قرطبية يمثل الحضور الأنثوي كمال وإتقان التكوين ففيها يتمثل حضور الجسد الأنثوي الكامل وانطلاق الشباب في مقابل هم الشيب في رمزية تشير الي الزمان غير القابل للاستعادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.