إيران تبالغ فيما تقوم به في الوقت الحالي, علي الرغم مما يفترض من أنها تعرف أن المبالغة الشديدة في اظهار ماتعتبر أنه قوة الردع الخاصة بها, قد تؤدي الي فقدانها كل مصداقية ممكنة لها, فليس من المعقول أن يتم الحديث عن كل تلك النظم المتقدمة, التي تتراوح بين صواريخ استثنائية في مواصفاتها, وطائرات فريدة من نوعها, وغواصات رهيبة في تسليحها, مع توقع أن يصدق أحد ذلك, وكأن الدول الأخري أطفال لم تعرف ماهي الصواريخ أو الطائرات أو الغواصات, فالردع يستند علي قدرة ومصداقية, ومايحدث هو أن هناك قدرات يتم اختبارها في أماكن غير معروفة, ويتم بث صورها في التليفزيونات, ويتم اطلاق تصريحات حولها, وينتهي الأمر, دون أن يدرك أحد في طهران, أن فجوة المصداقية تتزايد مع الوقت. لقد فعل العراق ذلك بنفس الطريقة في نهاية الثمانينيات وأوائل التسعينيات, عندما قال إنه قام بتصنيع صاروخ فضائي متعدد المراحل اسمه العابد يمكن ان يكون عابرا للقارات, ثم صاروخ مضاد للصواريخ اسمه تقاطع الفاو, ثم قرر أن يطلق أول قمر صناعي عربي في ذكري ميلاد الرئيس حسين قبل أن يظهر صدام حسين نفسه ممسكا في يده بجهاز قال ان طلبة الجامعات العراقية قد صنعوه, وهو الكرايترون ولم ير العالم وقتها سوي أشياء تنطلق علي الشاشات التليفزيونية, أو نقاطا مضيئة تتقاطع مع بعضها البعض, وفي عام1991 كانت القوات العراقية قد تلقت ضربة قاصمة في الكويت, ولم يتضح أن لديها بجدية سوي مدفع بول العملاق الذي كان تجريبيا. لن يقول أحد الأن ان ايران تقوم بتجربة نفس ماقامت به العراق في عام1991 أو حتي ماقامت به مصر في نهايات الستينيات, عندما أعلنت عن القاهر والظافر, أو أنها تمارس ألعابا تسليحية لتعبئة الرأي العام, أو أنها تحاول وضع المناوئين لها في حالة من عدم اليقين, فالدنيا تقدمت عما كانت عليه في الستينات والثمانينيات, ويمكن للدول الأن ان تقوم ببعض الأشياء في مجالات التسليح, لكن ليس الي الدرجة التي تحاول طهران إيهام الآخرين بها, فربما تكون لديها مشروعات أو نسخ أولية أو محاولات, لكنها ليست أنظمة تسليحية متكاملة بكم وكيف يمكن التعويل عليه وقت المعارك الحقيقية, وليس من مصلحتها بمنطق الردع, أن تقول أنها تمتلك شيئا, فما تقوم به كان سيكون أكثر مصداقية, لو قالت انها تجرب شيئا. [email protected]