600 مليون جنيه سنويا تنفقها الدولة علي علاج فيروسC فقط وهو أكبر مبلغ يتم إنفاقه علي مرضي واحد.. بهذه العبارة أشار الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب ونقيب الاطباء إلي حجم التكلفة التي يتطلبها علاج المرضي فمازالت آثاره ونتائجه تؤكد تفشيه بصورة كبيرة. وأضاف السيد أن الاهمال والاكتشاف المتأخر للمرض تسبب في أن يصبح سرطان الكبد متصدرا لصفوف الاصابات السرطانية عند الرجال في مصر مؤكدا أنه علي الرغم من الاهتمام الكبير الذي أولته الدولة لعلاج أمراض الكبد سواء من خلال المستويات العليا بتكوين لجنة قومية خاصة بهذا الشأن أو من خلال حملات التثقيف والتوعية وجمع التبرعات غير ان تفاقم الوضع وظهور مضاعفات واضحة علي عدد كبير من المرضي وانتشار المرض بصورة كبيرة بين الأطفال الصغار أمور تتطلب مزيد من الاهتمام من جانب المجتمع بشكل جماعي مما يستلزم استراتيجية متكاملة تهدف للسيطرة علي المرض في الوقت الحالي والوقاية منه خاصة للأجيال القادمة. حديث رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب فتح ملف الصحة والاقتصاد من زاويتين الأولي هي حال مجتمع يعاني نسبة كبيرة من مواطنيه من المرض مما يجعلهم غير قادرين علي العمل والانتاج بشكل تام أو جزئي مما يحرمه من إنتاجية جزء كبير من قوته وموارده البشرية والثانية هي حجم ما يتكلفه هذا المجتمع من أموال يتم إنفاقها علي علاج المرضي وإزالة مسببات ومحاولة منع إصابات جديدة في ظل حقيقة تؤكد أن مثلث التخلف أضلاعه الفقر والجهل والمرض بالاضافة إلي ان الحالة الصحية تدخل في الاعتبار كمتغير للقدرات البشرية التي تضم الصحة والتعليم. وتؤكد الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد السابقة ان الحالة الصحية لقوة العمل في أي مجتمع تؤثر علي السنوات الانتاجية لهم حيث تأثيرها علي متوسط الأعمار إلي جانب نوعية الحياة نفسها التي تحمل الكثير من المعاناة سواء للمريض أو أسرته وانعكاس ذلك علي النواحي المادية والمعنوية لهم جميعا مما يؤثر سلبا علي قدراتهم الانتاجية فضلا عن استنزاف موارد الأسرة علي العلاج. وتضيف نوال التطاوي: المرضي في أي مجتمع هم اقتصادي ومعنوي ثقيل علي الأسرة والدولة مشيرة إلي ضرورة التصدي لأمراض الكبد المنتشرة في مصر بشكل كبير وبخاصة منطقة الدلتا التي توجد بها كتلة كبيرة من السكان ورسم استراتيجية كاملة تتضمن خطة عمل علي المستويات القصيرة والمتوسطة والطويلة مع إعطائها أولوية كبري في الاهتمام والتنفيذ لتلاقي نفس النجاح الذي لاقته حملات صحية مصرية سابقة أبرزها البلهارسيا وشلل الأطفال. وطالبت بضرورة دعم البحث العلمي في إطار العلاج والدواء مع الاهتمام بالمشروعات التنموية في منطقة الدلتا والاسراع في الانتهاء منها للحد من انتشار المرض وغيره من الأمراض. وتتفق معها الدكتورة يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد ووكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري مؤكدة أنه علي الرغم من إنفاق الدولة لمبالغ كبيرة وصفتها بالفلكية علي إنشاء وتطوير المرافق في مصر حيث تؤكد الأرقام الرسمية ان المياه النظيفة وصلت لأكثر من90% من مناطق الجمهورية وتغطية جزء كبير بالصرف الصحي إلا ان هناك تضاربا في الأرقام بين التقارير الحكومية وتقارير التنمية البشرية نتيجة الممارسات الخاطئة ومشكلات التنفيذ علي حد قولها وهو ما تسبب في الفجوة بين حجم المجهود الذي تعلن عنه الحكومة وبين ما يشتكي منه المواطن المصري. وطالبت يمن الحماقي الحكومة وأجهزتها بضرورة مراعاة الكفاءة في تنفيذ مشروعاتها لتفعيل إنجازاتها حتي يشعر بها المواطن البسيط وتنعكس علي حياته وإنتاجيته العملية. وأشارت يمن الحماقي إلي إمتلاك مصر كفاءات عالمية في مجال أمراض الكبد الأمر الذي يمكن الاستفادة منه في إنشاء مراكز عالمية متخصصة بالشراكة بين دول لديها نفس المشكلة. وفي الختام تقول: أملنا ان ننجح قريبا اقرار وتنفيذ مشروع التأمين الصحي الشامل لجميع المواطنين المصريين. ويرصد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد عميد مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الادارية أسس التنمية البشرية بالصحة والتعليم والتدريب مشيرا إلي أنها جزء من التنمية الشاملة في أي مجتمع الأمر الذي يستلزم ضرورة مضاعفة ميزانية الصحة في مصر إذا كنا نريد اقتصادا قويا حيث ان صحة الانسان المصري هي عماد التنمية في مصر فالتنمية من البشر وللبشر. وأكد عبد المطلب ان الانفاق علي الصحة هو إنفاق حقيقي ينعكس بشكل مباشر علي الانتاج الذي يمثل الدخل القومي للدولة مشيرا إلي إهتمام الدول المتقدمة بذلك حيث نجد المستشفيات الحكومية في الولاياتالمتحدةالأمريكية علي مستوي عال من الجودة حيث القناعة التامة بأهمية صحة المواطن في زيادة الانتاجية وتقليل الانفاق الذي يتطلبه علاج الأمراض المزمنة. وطالب عبد المطلب مسئولي الصحة في مصر بضرورة ان تتصدر الأمراض المزمنة الإستراتيجية الصحية والرعاية الاجتماعية والاقتصادية للمرضي علي أن يعتبر ذلك مسئولية وليس منا من الدولة علي المواطن مؤكدا ضرورة إعادة هيكلة الانفاق العام لصالح الصحة والتعليم والتدريب الأمر الذي سينعكس بالايجاب علي الناتج القومي والدخل القومي أكثر بكثير مما تم إنفاقه حيث ان شعبا من الأصحاء أفضل كثيرا من شعب من المرضي. وتؤكد الدكتورة حنان سالم أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس ان الرعاية الصحية تدخل ضمن المسئولية الاجتماعية التي تتحملها الدولة في كل بلدان العالم خاصة للفئات الضعيفة والمهمشة أو غير القادرة موضحة أن ما ينفق علي الصحة أو التعليم يجب ألا يقل عن5% من الدخل القومي للدولة. وتشير إلي أنه في ظل ضعف ما تنفقه الدولة علي الناحية الصحية نتيجة الظروف الاقتصادية يجب أن يكون هناك دور للجهات غير الحكومية في ذلك مؤكدة ان نتائج الأبحاث والدراسات التي أجريت علي الأدوار الاجتماعية للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني أوضحت أنها مشوهة وغير فعالة في دعم المجالات الاجتماعية في المجتمع. وأضافت: أنه في ظل هذا الوضع يجب اعتبار القضاء علي أمراض الكبد المزمنة مشروعا قوميا مستفيدين في ذلك بسيطرة عنصر العاطفة علي المصريين في مجال المرض مشيرة في ذلك للمشروع الناجح لمستشفي سرطان الأطفال الذي تجلي فيه التضافر المجتمعي حيث لا يتبقي في النهاية غير الأشياء التي وراءها مجهود وإرادة حقيقية وإيجابية في العمل بما يغير المجتمع كله.