يبدو أن هذا الحريق لن ينتهي عند هذا الحد, بل بدأ شرارة لحريق آخر بين التجار الذين اعتادوا علي أن يكون سوق التونسي هو مكانهم لسنوات سوق التونسي المعروف باسم' سوق الجمعة' يبدو أنه سوف يختفي من مكانه الذي اعتاد عليه رواده من التجار والزبائن, جاء حريق فجر الثلاثاء الماضي ليضع كلمة النهاية علي استمرار هذا السوق في هذا المكان, ولكن يبدو أن الحريق الذي أتي علي السوق نتيجة سقوط سيارة مسرعة من أعلي الكوبري رحم الله من كان فيها الذين أنهوا حياتهم بسبب السرعة وكذلك وضعوا نهاية لهذا السوق, يبدو أن هذا الحريق لن ينتهي عند هذا الحد, بل بدأ شرارة لحريق آخر بين التجار الذين اعتادوا علي أن يكون سوق التونسي هو مكانهم لسنوات, وبين الأجهزة الإدارية للدولة التي رأت أن هذا يصلح لأن يكون مناسبة لنقل هذا السوق من هذا المكان إلي مكان جديد في مدينة15 مايو, ففي الوقت الذي أكد فيه رئيس حي الخليفة صدور تعليمات من محافظ القاهرة بإزالة السوق تماما, وعدم السماح بإقامته في موقع الحريق, هدد تجار السوق بقطع طريق الأوتوستراد إذا لم يتم تعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها. سبق أن زرت سوق الجمعة من قبل, وهو يعتبر من اكبر الأسواق في مصر إن لم يكن في المنطقة العربية كلها. يمتد لمسافة عدد من الكيلومترات, يبدأ من منطقة السيدة عائشة مرورا بالبساتين وسط المقابر وحتي أطراف حي المعادي, ليس هناك اختلاف كبير بين حال تجاره ورواده, فكلاهما تجمعهما ظروف معيشية صعبة أجبرتهما علي الوجود في هذا المكان, بائع يبحث عن مصدر رزقه وقوت يومه, ومشتر لن يجد بضاعته إلا في هذا المكان بالسعر الذي يناسبه. نظام خاص بالسوق فرض نفسه ونظم نفسه, يبدأ بسوق طيور الزينة والعصافير, ومن بعدها سوق الملابس, ثم الأنتيكات والتحف, فسوق الحمام ومن خلفه سوق الكمبيوتر والساعات والنظارات, ثم سوق الكلاب والحيوانات والطيور ومن ورائها سوق الجوالات, ثم بعد ذلك سوق الحديد الخردة, المسروقات خاصة من الأحذية وأجهزة الجوال والدراجات والملابس والنظارات والساعات, لها مكانها بين القبور في السوق, ولها زبونها أيضا, الذي لا يجد حرجا في شرائها. لكن تظل بعض الملاحظات علي ماحدث: المتابع يكتشف أن هناك قرارا بالإزالة منذ أكثر من عامين للسوق, وإيجاد مكان بديل, ولم يحدث هذا ولا نعرف لماذا ؟ هل كان انتظارا للحريق ؟ أيضا ما حدث هو تعبير عن ذلك الاقتصاد العشوائي الذي لا ينظمه قانون ولا يوجد أي أساليب حماية للعاملين تحت مظلته, بحيث لو حدث مثل ما حدث فلا يوجد غطاء تأميني يعوض هؤلاء, ولا توجد وسيلة لمعرفة من أضير وكيف يعوض. ما حدث هو إنذار جديد حول حالة العشوائية التي تحكم الكثير من حياتنا, نحتاج إلي وقفة حقيقية لرصد هذه الحالة العشوائية وأسبابها وسبل التعامل معها, ولا ينبغي أن ننتظر حريقا أو سقوط صخرة لمعالجة أمور نراها أمام أعيننا. [email protected]