سوق التونسي أو الامام او الجمعة كلها أسماء لسوق واحدة هي أشهر الأسواق بمصر اقامها الفقراء والبسطاء لتبادل السلع فيما بينهم لكنها اصبحت لاتعرف حدودا للشرعية او القانون. فتحولت الي جمهورية من الفوضي اساسها كوكتيل من الاجرام فهناك تجد البضائع المسروقة والمأكولات الفاسدة والمشاجرات بجميع انواع الاسلحة.. وعلي الرغم من الحوادث الخطيرة المتعاقبة بتلك السوق وأخرها كارثة الحريق الذي وقع منذ عدة ايام الا ان اجهزة محافظة القاهرة تقف مكتوفة الايدي امام جبابرة السوق فعلي الرغم من صدور احكام قضائية بنقله وتوفير عدة اماكن لاقامة سوق بديل الا ان الامر كان لايعد وفي كل مرة ان يكون جرا علي ورق ومجرد رد فعل لما حدث.. ولكن يظل السؤال مطروحا هل ستنجح المحافظة في نقل السوق, بالكامل ام سينتصر تجار السوق لتنتظر كارثة أفظع في المرة المقبلة؟! وسوق التونسي شهدت حريقين خلال العام الماضي الاول عندما اندلعت شرارة من قضبان السكك الحديدية أثناء عبور قطار بالمنطقة بعد منتصف الليل واحتكت عجلات القطار بالقضبان ونتج عنها شرارة امسكت بالبضائع داخل السوق والاكشاك الخشبية والتهمت النيران نصف مساحة السوق. والثاني حدث أيضا الساعة الثالثة فجرا عندما قام صاحب كشك لبيع الموبيليا باعداد كوب من الشاي علي بوتاجار صغير وانفجر البوتاجاز واشتعلت النيران بالموبيليا وامتدت الي عشرين كشكا مجاورة مكدسة بالاجهزة الكهربائية والاخشاب والانتيكات, وقدرت الخسائر بنحو ه ملايين جنيه. بعد الحريق الثاني حدثت الصحوة الكبري في محافظة القاهرة وتنبه المسئولون إلي ان السوق قنبلة موقوتة وذات يوم سوف يكون السبب في كارثة محققه وقرروا ضرورة نقل السوق ولكن عندما ضمدت نيران الحريق خمدت معها التصريحات والضرورات حتي حدثت منذ أيام الكارثة المتوقعة, وكشفت التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة باشراف المستشار محمد غراب المحامي العام الاول لنيابات جنوبالقاهرة ان السوق صدر له قرار ازالة في شهر نوفمبر عام2008 ولم يتم تنفيذ القرار لوجود محاذير امنية ولم يتم تفسير ماهيه المحاذير الامنية وعلي اثرها تم تقييد القرار بالاغلال وحبسه احتياطيا داخل ادرج مسئولي المحافظة وفرضه حراسة امنية مشددة عليه!! وتبين من داخل ملف السوق ان محافظ القاهرة عندما اصدر قرارا بنقل سوق التونسي الي اي مكان اخر بعيدا عن الكتلة السكانية احتشد الاف الباعة في السوق واحتجوا علي قرار المحافظ واكدوا امام مسئولي محافظة القاهرة مسئوليتهم عن تطوير السوق ذاتيا وتوفير الامن لجميع المترددين عليه وبالفعل توفير الامن لرواد السوق فقد ذاع حيته مؤخرا وأصبح اشهر سوق لبيع المسروقات في مصر وفيه ينتشر النشالين والاشقياء الذين يسلبون اموالك قبل ان تستري البضائع المسروقة!! ولان سوق التونسي تشغل بال كل المسئولين الكبار والكل يتفاني لنقلها فقد قامت هيئة المجتمعات العمرانية بتخصيص مساحة5 أفدنة لنقل السوق الي مدينة15 مايو بناء علي الطلب المقدم من السيد المحافظ عبدالعظيم وزير. في شهر يناير الماضي طلب محافظ القاهرة سرعة استكمال اجراءات نقل السوق الي مدينة15 مايو بالتنسيق مع محافظ حلوان. ولأن النقابات دائما تقف وراء ظهر اعضائهما فقد حذرت النقابة العامة لعمال التجارة من نقل سوق التونسي وقالت ان ذلك سيترتب عليه تداعيات خطيرة وسوف يؤثرعلي115 الف عامل يضمهم السوق وهناك اضرارا جسيمه سيتحملها كل العاملين والمتعاملين الا ان الدكتورعبدالعظيم وزير محافظ القاهرة لم يلتفت لتحذيرات النقابة وطالب بسرعة تنفيذ نقل السوق الي خارج القاهرة وفقا لجدول زمني محدد, مؤكدا ان تأخير نقل سوق التونسي يعوق تنفيذ المشروع القومي الذي يهدف الي اقامة الميناء النهري الذي يربط المجري الملاحي بأثر النبي وميناء دمياط الدولي وأكد ان المجلس المحلي للمحافظة وافق بالاجماع علي نقل السوق نظرا للمصالح العليا للدولة ولأني اجهل المسائل الادارية فاذا كان السيد المحافظ وافق علي نقل السوق واعضاء المجلس المحلي للمحافظة بالاجماع فأين المشكلة إذن ؟! يبدو اننا لابد ان نبحث عن قوة خفية تنقل السوق في لمح البصر او ننتظر المعجزة وينتقل السوق من تلقاء نفسه!! ولان الامر وصل الي ساحات القضاء عندما اقام مجموعة من كبار التجار داخل سوق التونسي دعوي امام محكمة القضاء الاداري لاعتراضهم علي قرار محافظ القاهرة بنقل سوق التونسي الي سوق العبور فقد اصدرت محكمة القضاء الاداري حكما في يوليو2005 يقضي بتأييد قرار محافظ القاهرة بنقل سوق اثر النبي الي سوق العبور واحالة الدعوي الي هيئة المفوضين لإبداء الرأي القانوني في طلب الغاء النقل.. وحتي لايشعر احد بالتقصير فقد كشفت التحقيقات التي باشرها محمد عبدالمنعم رئيس نيابة جنوبالقاهرة الكلية ان محافظ القاهرة تقدم بطلب في شهر فبراير الماضي الي السيد وزير الاسكان وطالبه بتخصيص مساحة قطعة ارض بمدينة15 مايو لنقل سوق التونسي, ولم يتلق الرد, فقام بتقديم طلب اخر في شهر يونيو الحالي قبل وقوع الكارثة بايام وطلب من وزير الاسكان تخصيص مساحة20 فدانا بمدينة15 مايو لنقل سوق التونسي؟!