«مطابقة للمواصفات القياسية المصرية».. بيان جديد من وزارة البترول بشأن «البنزين المغشوش»    بيراميدز يطيح بنجمه في الصيف «خاص»    إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين بالفيوم (صور)    في اليوم العالمي للربو 2025.. كيف تسيطر على النوبة؟    محافظ دمياط: إطلاق حزمة من الإجراءات لإحياء حرفة النحت على الخشب    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    محافظ الغربية يجرى جولة بمدينة طنطا سيرا على الأقدام    رومانيا تعين رئيس وزراء مؤقتا بعد هزيمة ائتلاف في انتخابات الرئاسة    اقتصادي: مصر قد تستفيد من الحرب التجارية بين الصين وأمريكا    الكرملين: بوتين سيزور الصين في أغسطس المقبل    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي كأس مصر لكرة السلة    استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لحماية المرأة    مدير المركز القومي للترجمة تبحث سبل تعزيز التعاون مع القائم بأعمال سفير الهند بالقاهرة    نجوم الفن وصناع السينما يشاركون في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    أحدث ظهور ل ابنة نور الشريف    قصر ثقافة الفيوم ينظم محاضرة بعنوان "الأيدي العاملة"    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    سنن الحج المؤكدة ومتى يبدأ الحجاج بالتلبية؟.. التفاصيل الكاملة    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    أمين الفتوى: الزواج قد يكون «حرامًا» لبعض الرجال أو النساء    وزير الدفاع يلتقي نظيره القبرصي لبحث التعاون المشترك بين البلدين    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    البابا تواضروس الثاني يزور البرلمان الصربي: "نحن نبني جسور المحبة بين الشعوب"    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الحكومة المؤقتة في بنجلاديش    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    ضبط مصنعات لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى فى حملة بسوهاج    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    نجم برشلونة يضع محمد صلاح على عرش الكرة الذهبية    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    وزير الاستثمار يلتقى رئيسة البنك الأوروبى لتعزيز الاستثمارات الأوروبية فى مصر    الأهلي يحيي الذكرى ال 23 لرحيل صالح سليم: الأب الروحي..لن ننساك يا مايسترو    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    باكستان تتهم الهند بوقف تدفق مياه نهر تشيناب    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى أسواق الغلابة
نشر في أكتوبر يوم 07 - 11 - 2010

على مدى يومين متواليين ذهبت إلى أسواق الغلابة والبسطاء. فأنا أشعر أننى أقرب إليهم، أصلاً وانتماءً وحباً ووداً، ذهبت إلى سوق الخميس بالمطرية.. ثم إلى سوق الجمعة بالإمام الشافعى.. والسوقان تعرضا على مدار تاريخهما لحركة تنقلات.. وفقاً للظروف والحوادث.. ومنها حادثة حريق سوق التونسى بسبب سقوط سيارة طائرة وطائشة من فوق الكوبرى على المحلات فأشعلت فيه النيران وأدت إلى نقله - مؤقتاً إ لى جوار مسجد الإمام الشافعى.. تمهيداً لنقله بصفة دائمة بجوار مدينة 15 مايو.
وقبل أن أبدأ تفاصيل جولتى بالسوقين.. يجب أن أشير إلى أن هذه الأسواق الشعبية منتشرة فى جميع أنحاء العالم. كما أننا نراها فى كافة القرى والنجوع والمراكز، بأرض المحروسة، وكما شاهدتها فى الوجهين القبلى والبحرى.. شاهدتها فى هولندا والصين وماليزيا وأثيوبيا، أى أنها ليست بدعة.. فهذه الأسواق لها زوارها وجمهورها، بل وعشاقها الذين يذهبون ليس للشراء فقط.. بل لقضاء يوم إجازتهم.. مستمتعين ومستفيدين!
وقد زادت أهمية أسواق الغلابة والبسطاء فى الفترة الأخيرة مع زيادة الغلاء وارتفاع الأسعار بصورة جنونية.. فى كل السلع والخدمات حتى أنك تحتار حيرة كبرى عندما تنزل إلى السوق أو السوبر ماركت ومعك مائة جنيه فقط.. عندها سوف تشعر بضآلة عملتك ومكانتك وسوف يدرك حدود قدراتك.. على الطبيعة.. فترتد بائساً حسيراً مطاطى الرأس فلا قيمة للجنيه ولا صاحب الجنيه.
أيضاً فإن زيادة معدلات البطالة دفعت الكثيرين إلى اللجوء لهذه الأسواق الشعبية كملاذ لهم ولأبنائهم ولمن يعولون.. وينتظرون المأكل والملبس! ومع تراجع قيمة الجنيه زادت معدلات الفقر.. ولم تعد تكفى ال 400 جنيه التى حددها المجلس القومى للأجور.. لم تعد تكفى أسرة مكونة من خمسة أفراد يأكلون «فول وعيش» فقط طوال الشهر، ونحن نعلم أن تطبيق حكم المحكمة برفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه شهرى سوف يحمِّل الحكومة مبالغ طائلة ويضيف أعباءً هائلة لا تستطيع ميزانيتنا تحملها.. لذا فإن دور المؤسسات الأهلية والخيرية ورجال الأعمال حيوى وملح فى ظل هذه الأوضاع والأسعار المشتعلة، يجب أن يتضامن الجميع لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعى.. فلم يعد الفقير المعدم هو الذى لا يجد قوت يومه فقط.. بل أصبح أغلب الموظفين المربوطين بسياج الحكومة من الفقراء الذين يستحقون المساعدة والصدقات.
ويجب على رجال الأعمال الذين أنعم الله عليهم بمئات الملايين والمليارات أن يكون لهم دور إنسانى واجتماعى أكبر وأوسع.. فهذا المجتمع هو الذى صنع ثرواتهم.. وهؤلاء الفقراء والبؤساء هم الذين ساهموا فى صُنع أمجادهم وإنجازاتهم الشخصية، ولولا جهد البسطاء.. لما تحقق مجد الأغنياء!
نعود مرة أخرى إلى جولتنا فى أسواق الغلابة.. فى سوق الخميس والجمعة.. ونتساءل: ما هى مزاياها.. وما هى عيوبها ومحاذيرها.. وما هو المطلوب لتطويرها؟
بداية يجب أن نعترف بأن رخص الأسعار هو الميزة الأساسية والكبرى فى هذه الأسواق.. وأضرب لك بعض الأمثلة.. فكيلو «العجوة» يمكن أن نشتريه بثلاثة جنيهات.. بينما فى أماكن أخرى - ليست بعيدة عن هذه الأسواق - يتضاعف سعرها.. بل يزيد عن الضعف، وكذلك الحال مع كافة السلع.. من مفروشات وأحذية وملابس ومأكولات ومشروبات.
الميزة الثانية والكبرى التى اكتشفتها فى هذه الجولة.. ويدركها روادها منذ عشرات السنين.. هو أنك تستطيع شراء كل شىء.. من الإبرة إلى الصاروخ كما يقولون.. من مكان واحد.. من «هايبر الخميس» أو «هايبر الجمعة»! مع فوارق مهمة.. هى أنه لا يوجد تكييف ولا تحظى هذه الأسواق بذات القدر من النظافة والشياكة التى تحظى بها المحلات الكبرى!! وأيضاً تختلف نوعية الرواد وأذواقهم وسلوكياتهم.. ودخولهم.. رغم أنهم جميعاً مصريون!
يمكنك من خلال هذه الأسواق تجهيز عش الزوجية بنحو ثلاثة آلاف جنيه.. تشمل الأجهزة المنزلية بكل أنواعها.. والسيراميك والموبيليا إلى آخر ما تريده.. ولو زادت شطارتك ومهاراتك تستطيع أن تحصل على أسعار أرخص وأفضل، والمهم الخبرة والتجارب السابقة.. والعلاقات المستمرة بين البائعين والزبائن.
أما محاذير أسواق الغلابة فأولها: «بيع واهرب» فهذه سوق اليوم الواحد.. تضم الجميع لعدة ساعات.. لا تزيد على 12 ساعة.. وربما أقل، بل إن البائع سوف يغادر السوق فور نفاد بضاعته! لن ينتظرك وقد لا تجده نهائياً خاصة إذا كانت بضاعته مغشوشة وتعمد تصريفها بسرعة فائقة وبأرخص الأسعار!
أيضاً فإن السلع المضروبة منتشرة فى هذه الأسواق.. فأغلبها درجة ثالثة.. وربما عاشرة وغير مضمونة.. حتى بعد تجربة بسيطة يمكنك اكتشاف عيوبها وليس فور شرائها، لذا فإن العين المتمرسة والمحنكة والمتخصصة مطلوبة بشدة حتى لا تضيع فى «هايبر» الخميس والجمعة!
أيضاً يجب أن تحذر النشل والسرقة خاصة وسط الزحام الشديد والكثيف والذى قد يصل إلى درجة التحرش فى بعض الأحيان.. للأسف الشديد.
وقد يبحث بعض الزبائن عن تاريخ صلاحية السلع فلا يجدونها.. وإذا وجدوها.. فمن المؤكد أنها سوف تكون مضروبة! كل الماركات العالمية يتم غشها وتقليدها! وللأسف الشديد ينطلى الغش والتدليس على أغلب رواد هذه الأسواق.
هذا هو واقع أسواق الغلابة.. دون الدخول فى التفاصيل.. فلا مفر من التجربة الشخصية المباشرة والحذرة لاكتشاف دهاليز وخبايا أسواق الأسبوع كلها.. من السبت إلى الجمعة! فكل زبون له تجربة مختلفة.. ومنهم من يذهب إليها مرة واحدة.. ولا يكررها.. ومنهم أدمن الذهاب إليها وارتيادها.. والشراء منها.. حتى لو لدغ منها مرات ومرات.
وبغض النظر عن المزايا والعيوب والمحاذير.. تبقى هذه الأسواق ضرورة اجتماعية واقتصادية للتنفيس عن الغلابة والبسطاء.. وتوفير ملاذات آمنة للهروب من بلاء الغلابة!
ولكن المطلوب هو تطويرها وتنظيمها والارتقاء بها.. دون التسبب فى تغيير طبيعتها بما ينعكس على زيادة أسعارها. ورغم أننا نؤيد نقلها إلى أماكن أخرى.. أفضل تنظيماً وتحظى بمرافق مناسبة.. إلا أنها يجب ألا تكون بعيدة عن رواد هذه الأسواق.. فنقلها إلى جهات بعيدة سوف يؤدى إلى تدميرها وينعكس سلباً على كافة المتعاملين معها.. من بائعين وزبائن.. ومستفيدين بطرق مختلفة. نعم نحن نتطلع إلى اختيار أماكن مناسبة وقريبة من الأسواق القائمة حالياً.. حتى تقوم بدورها الاجتماعى المهم خاصة فى ظل انفلات الأسعار وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
وخلال جولتى بسوق الخميس سألت أحد بائعى العملات القديمة عن «المليم الأحمر» فراح يبحث وينقب.. فاكتشف مليماً أحمر يعود تاريخه إلى 132 عاماً.. ومليماً آخر يعود إلى حقبة حكم السلطان حسين.. فسألته عن سعرهما.. فقال «30 جنيهاً.. وعملت معك واجب»! نعم هذا قمة الواجب فالمليم الأحمر القديم يساوى ثلاثين جنيهاً الآن.. وربما كانت قيمته الشرائية أكبر من هذه الجنيهات المعدودات.. الضائعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.