قلنا مرارا وتكرارا إن تنظيم الإخوان مصاب بجنون ما بعد فقدان السلطة, كما يعاني حالة إنكار لثورة30 يونيه التي خرج فيها الملايين تعبيرا عن سخطهم علي سياسات الرئيس المعزول, ولا يزال أعضاء التنظيم يصرون علي الدخول في معادلات صفرية مع الشعب, ظنا بذلك أنهم يعاقبونه علي الخروج ضد مرسيهم وعزله من السلطة ولا ندري متي يفيق التنظيم من سباته ويعود إلي رشده ويهبط من أوهامه وهلاوسه إلي أرض الواقع ويتعامل مع حقيقة أن مرسي لن يعود وأنه أصبح من الماضي ولا مستقبل له في مصر الجديدة, وربما يكون الإجرام الذي يمارسه التنظيم سببا في إقصائه من المشهد السياسي إلي الأبد بإرادة الشعب, مثلما تمت إزاحة مرسي تنفيذا ونزولا علي هذه الإرادة التي لا ينكرها إلا مخبول أو مغيب عن الوعي. التنظيم المحظور جن جنونه بعدما فشل في ركوب ذكري محمد محمود لاستقطاب فصيل من الثوار وخصوم وزارة الداخلية والاعتصام في ميدان التحرير أيقونة ثورتي25 يناير و30 يونيه وقبل ذلك مع نجاح الحكومة في الوفاء باستحقاقات خارطة الطريق عبر الانتهاء من تعديل الدستور والذي بدأت لجنة الخمسين التصويت عليه أمس, ومن ثم لجأ إلي تغيير نوعي في عملياته اليائسة, تمثلت في اللجوء إلي الاغتيالات علي نحو ما حدث مع المقدم محمد مبروك الضابط بالأمن الوطني والشاهد الرئيسي في قضية هروب الرئيس المعزول مع أهله وعشيرته من سجن وادي النطرون وكذلك معاودة استهداف عناصر الجيش وتصفية11 من عناصر الأمن المركزي بدم بارد بين رفح والعريش, في جريمة تذكر بجريمتي رفح السابقتين مع فارق وحيد أن الجريمة الأخيرة نفذت بواسطة سيارة مفخخة, مما يؤكد تماهي التنظيم مع تنظيم القاعدة الذي بدأ يهرب من اليمن باتجاه مصر حسبما قال الرئيس اليمني عبدربه منصور, عارضا مساعدة بلاده لمصر. التنظيم المحظور عبر عن جنونه عن طريق إثارة الفزع في الجامعات والتلويح بتعطيل الامتحانات, وهو ما يمثل اجتراء علي قدسية دور العلم وتحديدا جامعة الأزهر التي لم تعطل فيها الدراسة في أحلك الظروف وحتي في زمن الاحتلال, وهو ما يهدد طلاب التنظيم بتكراره في الجامعات الأخري, ويتعين أن تواجه إدارات الجامعات المصرية مثل هذه التهديدات بأقصي درجات الحسم والقوة. وفي إطار التصعيد العشوائي الذي يقوم به التنظيم جاءت مسيرات العبث يوم الجمعة الماضية التي شهدت عمليات حرق لمترو مصر الجديدة فضلا عن تعطيل أحد قطارات مترو الأنفاق, ومحاولة اقتحام السفارة الإماراتية في القاهرة, في تطور ينذر باتجاه التنظيم, إلي تصعيد مجنون والشاهد من موجة الإرهاب الإخواني أن الهدف الحقيقي هو تعطيل عملية التحول الديمقراطي وخارطة الطريق لإرباك الحكومة, وإثارة قطاع كبير من الشعب ضد الحكومة الانتقالية. والسؤال ما هو العمل؟ يتعين اتخاذ سلسلة من الخطوات التي تجهض المخطط الإخواني الشرير في مقدمتها:1 إقرار قانون التظاهر مثل كل دول العالم المحترمة وهو ما حدث أمس بتصديق الرئيس عدلي منصور علي القانون فحق التظاهر لا ينبغي أن يكون ثغرة ينفذ منها التنظيم لنشر ونثر الفوضي تحت زعم التظاهر السلمي وهو الأمر الذي تأكد عدم وجوده منذ عزل مرسي فلم تخل مظاهرة من وقوع قتلي وجرحي واشتباكات مع الأهالي, 2 مراجعة الإجراءات الأمنية لرجال الجيش والشرطة, وتحديدا بعد استهداف ضابط الأمن الوطني و11 عنصرا من الأمن المركزي باعتبار أننا نخوض حربا مفتوحة مع تنظيم لا يريد الخير لمصر ولا لشعبها ولا يتورع عن اللجوء إلي الاغتيالات ظنا أنه قادر علي لي ذراع الدولة وانتزاع تسوية تحول دون حل التنظيم وذراعه السياسية أعني حزب الحرية والعدالة. 3 عدم الانخداع بحديث التنظيم عن المصالحة السياسية, والترويج لوجود حمائم وصقور بين صفوفه فالمسألة ليست أكثر من توزيع أدوار وكل أعضاء التنظيم وحلفائه شركاء في الدماء المصرية التي أريقت في رفح وكرداسة ودلجا وأخواتها, وبالتالي يتعين علي الحكومة أن تدخر جهدها في الحديث عن المصالحة بالعمل علي إنجاز خططها وبرامجها للنهوض بالاقتصاد وفرض الأمن, والضرب بيد من حديد علي كل أشكال الخروج علي القانون, وبدون ذلك سوف يتمادي التنظيم في تنظيم مظاهرات العبث, لحروق مصر مثلما هدد قادته قبل إعلان فوز مرسي في انتخابات2012 وفي مرحلة ما بعد مرسي, ولا ننسي تهديدات مرسي نفسه بقوله: إن السلطة دونها الرقاب وأنه مستعد لدفع دمه دفاعا عما يسميه الشرعية, وأكثر من ذلك فهو القائل في خطابه الأخير.. لا.. جهاد إيه ده يكون مع العدو الخارجي وهو ما نراه بمثابة إعلان للجهاد ضد مؤسسات الدولة بطريقة اللوع والمراوغة التي يشتهر بها الإخوان الآثمون. 4 إن صبر المواطن علي الحكومة آخذ في النفاد ولن يمنحها شيكا علي بياض أبد الآبدين, وهو ما يجب علي قادة المرحلة الانتقالية أن يدركوا أن التحجج بتعطيل الإخوان لن يشفع لهم لاستمرار التفاف الشعب حول الحكومة, ولابد من عمل شيء إيجابي لصالح البسطاء الذين طال انتظارهم لعودة الأمن, وإعادة دوران عجلة الاقتصاد الذي لن تسعفه الإعانات الخليجية, ولا أحد يضمن استمرارها. 5 يجب علي أعضاء لجنة الخمسين الأساسيين والاحتياطيين أن يكونوا علي مستوي المسئولية الوطنية, وأن يدعوا خلافاتهم جانبا, ويتقوا الله في مصر ويقدموا دستورا عصريا يليق بالشعب الذي فجر ثورتين عظيمتين خلال أقل من ثلاث سنوات, وأن يستوعبوا درس إخوان مرسي في تمرير دستور لا توافقي وهو ما عجل بغضبة الشعب ضد جماعته وأنهي حكمها بعد عام لا أكثر. 6 التيقظ لمحاولات العبث التي يقوم بها عناصر الإخوان والموالون لهم في المؤسسات الحكومية, وتأمين سرية البيانات والمعلومات, ولا سيما بعد عملية اغتيال ضابط الأمن الوطني أمام منزله في مدينة نصر والعملية الفاشلة التي سبقتها لاغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم, وهو ما يعني استفادة التنظيم من وجوده في السلطة لمدة عام مما جعله يطلع علي أسرار الدولة, وهو ما ينبغي عمل حسابه ومعالجته بطريقة علمية تحرم التنظيم من استثمار ما لديه من بيانات ومعلومات بشأن من يعتبرهم خصوما له. 7 يتعين أن تتحدث الحكومة بلغة واحدة وأن تتناغم تصريحات المسئولين, ولا تتعارض أو تشي بوجود أجنحة متصارعة في السلطة وهو ما يعطي رسالة خاطئة للتنظيم يسعي للاستفادة منها مثلما حاول توظيف استقالة محمد البرادعي نائب الرئيس السابق من منصبه ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالحديث عن المصالحة أو العدالة الانتقالية تحديدا. 8 تقديم درس جيد في إدارة الكوارث وآخرها كارثة قطار دهشور الذي تزامن مع الذكري الأولي لقطار أسيوط حيث لم تختلف تصريحات الحكومة مع الحكومات السابقة في التعاطي مع الحادث, وهو الأمر الذي يؤخذ علي الحكومة وكان من الأولي تقديم المسئولين عنها إلي المحاكمة وأن يتحمل وزير النقل الدكتور إبراهيم الدميري المسئولية السياسية عن الحادث ويبادر بتقديم استقالته, مثل نظرائه في الدول الديمقراطية, وهو ما لم يفعل رغم سابق الإطاحة به من المنصب ذاته عقب كارثة قطار الصعيد. تري هل تصل هذه النصائح إلي الحكومة وكل من يهمه نجاح ثورة30 يونيه أم نستمر في الدوران داخل حلقة مفرغة لنعيد إنتاج أخطاء المرحلة الانتقالية الأولي وهو الأمر الذي لم يعد يتحمله الشعب ولا حتي الاقتصاد المثقل بالأعباء والقيود؟ رابط دائم :