بكام الفراخ البيضاء؟ أسعار الدواجن والبيض في الشرقية الأربعاء 8 مايو 2024    أخبار السيارات| أرخص موديل زيرو في مصر.. أول عربية من البلاستيك.. وأشياء احذر تركها في السيارة بالصيف    بعد احتلال معبر رفح الفلسطيني.. هل توافق أمريكا مبدئيًا على عملية رفح؟    الخارجية: توقيت تصعيد الجانب الإسرائيلي الأحداث في رفح الفلسطينية خطير للغاية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    المدرج نضف|«ميدو» عن عودة الجماهير: مكسب الأهلي والزمالك سيصل ل4 ملايين جنيه    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة    تغير يكرهه المصريين، الأرصاد تحذر من طقس اليوم حتى يوم الجمعة 10 مايو    ياسمين عبد العزيز تكشف سبب خلافها مع أحمد حلمي    مقالب بطفاية الحريق.. ياسمين عبدالعزيز تكشف موقف لها مع أحمد السقا في كواليس مسرحة «كده اوكيه» (فيديو)    حسن الرداد: مش شرط اللي دمه خفيف يعرف يقدم كوميديا وشخصيتي أقرب لها|فيديو    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    وفاة شقيقين مصريين في حريق شقة بأبو حليفة الكويتية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    عيار 21 يسجل أعلى سعر.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    البيت الأبيض يعلق على السخرية من طالبة سوداء في تظاهرات دعم غزة    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    محمد رمضان: فرق كبير بين الفنان والنجم.. واحد صادق والتاني مادي    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا سيحدث‮ ‬يوم‮‬30‮ ‬ يونية؟‮!‬

الملايين تزحف إلى الشوارع‮.. ‬وقادة الإخوان‮ ‬يختفون عن الأنظار.. مرسى‮ ‬يختفى فى مكان أمين.. ‬وقادة‮ ‬الإخوان‮ ‬يدفعون بأسرهم إلى الخارج.. وأسامة‮ ‬ياسين‮ ‬يقرر السفر‮ ‬يوم‮‬29‮ ‬ يونية للخارج‮!!‬
وزير الداخلية‮ ‬يطلب نزول الجيش منذ اليوم الأول.. ويطلب توليه أمن محافظات القنال‮!!‬
رجال الشرطة سيتدخلون إذا هاجم الإخوان المتظاهرين.. والحرس الجمهورى لن‮ ‬يلوِّث‮ ‬يده بالدماء
الجيش لن‮ ‬يخذل الشعب‮.. ‬والسيسى‮ ‬يشكل مجلسًا انتقاليًا.. وانتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة بعد‮ ‬6 ‬أشهر
المرشد العام قد‮ ‬يضحى بمرسى ويوافق على مطالب المتظاهرين بشرط الإبقاء على تنظيم الجماعة وعدم الانتقام
‮.. ‬كان الناس قد زحفوا من كل حدب وصوب،‮ ‬صعايدة،‮ ‬بحاروة،‮ ‬عمال،‮ ‬فلاحون،‮ ‬مثقفون،‮ ‬موظفون،‮ ‬رجال،‮ ‬نساء،‮ ‬شباب،‮ ‬وأطفال أيضا،‮ ‬كانت مصر كلها هناك فى الميادين والشوارع،‮ ‬تزحف من الغيطان والمصانع،‮ ‬تقف على خط النار في‮ ‬المناطق الشعبية والحوارى الجانبية،‮ ‬تتكاتف الأيدى،‮ ‬لتخترق أحياء المهندسين ومصر الجديدة،‮ ‬ثم لتمتد بطول البلاد وعرضها‮..‬
‮.. ‬كانت الشمس حارقة،‮ ‬لكنها برد وسلام،‮ ‬مشاعر المكلومين موحدة،‮ ‬كانت أصواتهم هى الأعلى‮ «‬ارحل‮»‬‬،‮ ‬لم‮ ‬يعد الناس‮ ‬يقبلون بالحلول الوسطية،‮ ‬لا استفتاء ولا حكومة ائتلافية ولا نائب عامًا جديدًا،‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقنع الناس بالتراجع،‮ ‬السقف ارتفع،‮ ‬مرسى ارتكب ذات أخطاء مبارك،‮ ‬لم‮ ‬يتحرك فى الوقت المناسب،‮ ‬لم‮ ‬يراجع نفسه،‮ ‬القبول بأي حلول‮ ‬يطرحها فى هذا الوقت‮ ‬يُعَد خيانة للثورة،‮ ‬نعم إنها ثورة حقيقية،‮ ‬استوعب الناس فيها دروس الماضى،‮ ‬قرروا أن‮ ‬يقاوموا المحتل الإخوانى،‮ ‬ويُسقطوه مهما كان الثمن،‮ ‬الرئيس حنث بالقسم،‮ ‬فرَّط فى الأمن القومى،‮ ‬انحاز للجماعة على حساب الوطن والدولة،‮ ‬وجوده فى الحكم‮ ‬غير شرعى،‮ ‬يجب اجباره فورًا على الانسحاب من الرئاسة،‮ ‬وتسليم السلطة للجيش،‮ ‬ليدير أمور البلاد،‮ ‬لفترة انتقالية،‮ ‬تجرى بعدها الانتخابات الرئاسية المبكرة‮.‬
كانت الأصوات تهتف:‮ ‬الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة،‮ ‬حاول بعض المدفوعين الاعتراض،‮ ‬واجهته الجماهير بكل قوة وجسارة،‮ ‬طردتهم من بين صفوفها،‮ ‬صرخ أحد المواطنين القادمين من المنوفية - بلد الرجولة والنضال:‮ ‬«‬احذروا الخونة، لن نسمح بسقوط مصر،‮ ‬كفاكم شعارات مشبوهة،‮ ‬وادعاءات كاذبة،‮ ‬لن‮ ‬يكون مصير مصر سوى فى‮ ‬يد أبنائها المخلصين،‮ ‬الآن عليكم أن تسمعوا صوت الشعب،‮ ‬والشعب لن‮ ‬يقبل بانهيار الدولة،‮ ‬الكل أبناء مصر،‮ ‬توحدوا،‮ ‬حتى نزيل من عليها هؤلاء الذين خطفوها واحتلوها».‬
صفقت الجماهير المحتشدة للمواطن المصرى،‮ ‬الذى كان‮ ‬يطلق الكلمات من قلبه،‮ ‬قالوا بكل قوة: لن نسمح لأحد بأن‮ ‬يتلاعب بمصيرنا،‮ ‬كفاكم أنكم كنتم سبب نكستنا ووكستنا‮!‬
فى اليوم الأول،‮ ‬انطلق الخطباء من كل الاتجاهات،‮ ‬اعتلوا المنصات،‮ ‬امسكوا بعلم مصر،‮ ‬رفضوا رفع أي أعلام أخرى،‮ ‬شعاراتهم انحصرت فى عبارة واحدة‮ «‬حنحرر مصر من الاحتلا»،‮ ‬مظاهرات تتدفق من كل مكان،‮ ‬لقد تم حصر أكثر من ثلاثة ملايين متظاهر فى القاهرة وحدها،‮ ‬الجماهير تتدفق إلى الميادين،‮ ‬أسر بأكملها،‮ ‬جاءوا‮ ‬يمسكون بأطفالهم وأكياس تحوى حاجياتهم،‮ ‬لقد قرروا المبيت فى الشارع،‮ ‬سيفترشون الحدائق والشوارع،‮ ‬اقسموا ألا‮ ‬يعودوا إلى منازلهم،‮ ‬وإلا ومصر فى أيديهم،‮ ‬يريدون أن‮ ‬يشعروا بالحرية وأن‮ ‬يحرروا عروسهم الجميلة من هذا المحتل الغاصب،‮ ‬كانت القلوب تبدو متلهفة،‮ ‬تواقة،‮ ‬لديها حنين إلى الناس والأرض،‮ ‬إلى النسيم العليل فى‮ ‬غمرة الشمس الحارقة،‮ ‬وكانت العقول قد سلَّمت مقاديرها إليها‮.. ‬شعور طاغ‮ٍ ‬يسيطر على الجميع،‮ ‬وإحساس صادق بقرب اللقاء الذى طال انتظاره‮.‬
شباب فى عمر الزهور،‮ ‬شمروا عن سواعدهم،‮ ‬يلفُّون أجسادهم بعلم مصر،‮ ‬عادت الأعلام ترفرف من جديد فى ميادين مصر،‮ ‬طولها وعرضها،‮ ‬كان المشهد أكبر بكثير من كل المشاهد السابقة،‮ ‬امتلأت الميادين عن آخرها،‮ ‬خرج الناس من بيوتهم،‮ ‬ولم‮ ‬يبق أحد بداخلها‮..‬
أدرك المصريون أنها معركتهم الأخيرة،‮ ‬استلهموا القوة من تاريخهم،‮ ‬تذكروا نضالهم وصمودهم،‮ ‬هزائمهم وانتصاراتهم،‮ ‬انطلقوا‮ ‬غير عابئين،‮ ‬تركوا الحسابات والتوازنات جانبا،‮ ‬لقد أدركوا أنهم على موعد مع القدر‮..!!‬
لم‮ ‬يهتموا كثيرا بتهديدات محمد مرسى التى أطلقها وسط جماعته فى مؤتمر ضم بضعة آلاف لمناصرة عشيرته فى سوريا،‮ ‬كان شديد العصبية،‮ ‬راح‮ ‬يتهم المصريين جميعا،‮ ‬بأنهم أذيال للنظام السابق،‮ ‬وأن ثورتهم فى الثلاثين من‮ ‬يونية،‮ ‬هدفها إعادة إنتاج هذا النظام،‮ ‬سخر المصريون،‮ ‬أدركوا أن‮ «‬الرئيس‮» ‬أصبح فى‮ «‬حيص بيص‮»،‮ ‬وأن الخوف جعله‮ ‬يهذى،‮ ‬ويتهم الجميع،‮ ‬ويطلق قنابله‮ «‬الفشنك‮» ‬فى كل الاتجاهات‮..‬
ترك بعض مريديه‮ ‬يتهمون المتظاهرين‮ «‬‬بالكفر‮»، ‬ابتسم،‮ ‬لم‮ ‬يرد عليهم،‮ ‬بات الكرسى لديه ولدى جماعته أهم من مصر،‮ ‬مبارك لم‮ ‬يفعل ذلك،‮ ‬لقد استسلم لكل مطالب الثوار بما فيها الرحيل،‮ ‬رفض أن‮ ‬يُدخل البلاد فى حمامات الدم،‮ ‬أما مرسى فراح‮ ‬يهدد ويتوعد،‮ ‬ولم‮ ‬يكتف بالدماء التى سالت على‮ ‬يد جماعته وتابعيه أمام الاتحادية وفى العديد من المحافظات الأخرى‮!!‬
محلل أجنبى راح‮ ‬يرصد ويتابع،‮ ‬بعث بتقاريره إلى صحيفته،‮ ‬قال إن الشعب المصرى خرج بأكمله إلى الشوارع،‮ ‬وإنه أبدًا لم‮ ‬ير المصريين على هذه الحالة التى‮ ‬يراها الآن،‮ ‬لم تكن انتفاضة،‮ ‬ولا حتى ثورة،‮ ‬كان طوفانا أغرق مصر من أقصاها إلى أقصاها،‮ ‬المراسل‮ ‬يحذر فى تقريره إدارة أوباما من أن ترتكب أي حماقة،‮ ‬وتعلن وقوفها إلى جانب مرسى وجماعته،‮ ‬لقد أراد كسب ودها بقطع العلاقة مع سوريا،‮ ‬أبدى استعداده لتنفيذ كل ما‮ ‬يُطلب منه،‮ ‬لكن الحدث كان أكبر من كل شىء‮..‬
وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم‮ ‬يطلب من الجيش أن‮ ‬يتولى مهمة حفظ الأمن فى السويس والإسماعيلية وبورسعيد،‮ ‬لقد اشتعلت المحافظات الثلاث منذ اللحظات الأولى،‮ ‬سيطر الأهالى على جميع المرافق والمصالح الحكومية،‮ ‬أصبح الشعب هو صاحب الكلمة الأولى،‮ ‬اختفى المحافظون ورجال السلطة من الأماكن نهائيا‮..‬
توارى أعضاء جماعة الإخوان فى هذه المحافظات،‮ ‬كثيرون تركوا أماكنهم واختفوا فجأة،‮ ‬مطار القاهرة‮ ‬يرصد سفر العديد من العائلات والرموز الإخوانية،‮ ‬بالأمس التاسع والعشرين من‮ ‬يونية،‮ ‬سافر د‮. ‬أسامة‮ ‬ياسين وزير الشباب إلى خارج البلاد،‮ ‬إنه‮ ‬يعرف أن اتهامات موقعة الجمل تلاحقه،‮ ‬أراد أن‮ ‬يمضى بعيدا فى هذه الفترة،‮ ‬بعضهم قرر الاختفاء داخل البلاد،‮ ‬شركاتهم أغلقت أبوابها،‮ ‬استعانوا بالمزيد من رجال الحراسة،‮ ‬خوفا من هجمات الغاضبين عليها‮..‬
مكتب الارشاد كان قد اعتمد خطة وأخرى بديلة منذ أيام،‮ ‬هناك دعوى للحشد أمام مسجد رابعة العدوية وأماكن أخرى داخل القاهرة،‮ ‬كثير من كوادرهم تركوا المحافظات وجاءوا على متن أتوبيسات إلى القاهرة لمواجهة أى طوارئ‮..‬
تعليمات خيرت الشاطر إليهم،‮ ‬لا تُقدموا على أي أفعال تثير الدنيا ضدكم إلا للضرورة،‮ ‬مكتب الارشاد اتخذ قرارًا سريًا لم‮ ‬يعلن عنه،‮ ‬التضحية بمحمد مرسي‮ ‬عندما لا‮ ‬يكون هناك خيار آخر‮.. ‬كان ذلك هو الخيار الأخير الذى‮ ‬يمكنه أن‮ ‬ينقذ تنظيم الجماعة ويضمن بقاءها‮.. ‬
لقد فشلوا أول أمس فى أن‮ ‬يقنعوا الشعب بخيار الاستفتاء على الرئيس وتغيير الحكومة والنائب العام،‮ ‬الشعب حدد خياره فى كلمة واحدة‮ «‬ارحل‮»،‮ ‬لم‮ ‬يعد هناك مجال للتفاوض،‮ ‬مهما كان الثمن فى المقابل،‮ ‬إنها معركة حياة أو موت‮!!‬
تصريحات تصدر من بعض رموز الجماعة وحلفائها،‮ ‬تهديد ووعيد،‮ ‬تحذير من اسقاط‮ «‬الرئيس‮»،‮ ‬اتهامات للجيش والشرطة،‮ ‬استفزاز متعمد لمؤسسات الدولة،‮ ‬محاولة لارتكاب أعمال عنف ونسبها إلى الثوار فى الشوارع،‮ ‬الناس تتصدى،‮ ‬الثوار‮ ‬يحمِّلون المرشد وخيرت ومرسى وعاصم عبدالماجد وحازم أبو اسماعيل وغيرهم مسئولية المساس بأى مواطن فى مصر‮..‬
كان سقوط أول شهيد‮ ‬يعنى إنذارًا بحرب ضروس،‮ ‬تدفع الناس إلى الخروج من القرى والمدن لمواجهة الإخوان واقتحام منازلهم فى كل مكان،‮ ‬والأمر سيمتد حتما إلى حلفائهم‮.‬
لقد رصد الناس بيوتهم،‮ ‬جموع سوف تتحرك تلقائيا لمحاصرتهم،‮ ‬ستكون حربًا شاملة،‮ ‬سيعتدون على ممتلكاتهم ويدمرونها‮.. ‬هكذا كان التحذير من مغبة التورط فى أي أعمال إرهابية،‮ ‬لقد قال أحدهم إن الشعب بأسره سيواجههم،‮ ‬لقد عرفهم الناس جيدًا بعد أن كشفت الخلايا النائمة عن كوادرها فى الفترة الماضية‮..‬
الشعب‮ ‬يهتف فى كل مكان: الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة،‮ ‬لقد تحققت المصالحة بين الجميع،‮ ‬الفضل فى ذلك‮ ‬يرجع إلى الإخوان ونهجهم،‮ ‬ومحاولة استعباد المصريين وتركيعهم،‮ ‬كشف النقاب عن المخطط الذى وضعته الجماعة،‮ ‬ونفذته بعض الأيادى الملوثة بأموالهم،‮ ‬كانوا هم صناع هتاف‮ «‬‬يسقط حكم العسكر»،‮ ‬وكانوا هم وراء اسقاط الشرطة والإساءة إليها بشكل ممنهج‮ ‬لإحداث الوقيعة بينها وبين الشعب،‮ ‬أدرك الناس حقيقة المخطط الذى استمر لأكثر من سبعة عشر شهرا حتى وصولهم إلى السلطة،‮ ‬ومن بعدها بدأت عملية تفكيك المؤسسات وأخونتها‮..‬
تذكر المصريون كل الآلام التى تحاصرهم،‮ ‬فقدان الأمل،‮ ‬هجرة مليون مصرى فى عام واحد فقط حكمت فيه الجماعة البلاد بالحديد والنار،‮ ‬أدركوا الخديعة،‮ ‬وشعروا بالحسرة على الوطن،‮ ‬فقرروا الثورة وأعلنوا الاستعداد للتضحية بكل ما‮ ‬يملكون‮!!‬
في‮ ‬غمرة الليل،‮ ‬وأجواء القلق والتوتر،‮ ‬كان الكل‮ ‬ينتظر الحدث‮.. ‬ما هو،‮ ‬كيف،‮ ‬وإلي‮ ‬أين،؟ ‬أسئلة تتردد،‮ ‬فى هذه اللحظة كانت الحشود قد زحفت حتى ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر،‮ ‬ها هو صوتنا،‮ ‬هل تسمعه،‮ ‬وكيف لا تسمعه،‮ ‬وقد كنت قريبًا منا،‮ ‬بل كنت أنت نحن،‮ ‬ونحن هو أنت،‮ ‬يا أيها الصوت الهادر الذى لا‮ ‬يزال‮ ‬يسكن العقل والوجدان،‮ ‬ها نحن قادمون‮..‬
أتذكر وجهك وأنت تقف فى الميادين،‮ ‬وأنت على الجبهة وسط الجنود،‮ ‬وفى الغيطان مع الفلاحين،‮ ‬وفى مصانع‮ ‬يعلو فيها صوت‮ «‬المكن» ‬جنبا إلى جنب مع أصوات العمال‮.. ‬أنت هنا فى ميدان عابدين،‮ ‬فى شوارع مصر،‮ ‬فى حواريها تزأر،‮ ‬تناشد،‮ «‬ارفع رأسك‮ ‬يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد‮».‬
إنها‮ «‬العبودية‮» ‬الجديدة،‮ ‬التى حاولوا فرضها،‮ ‬هنا نحن نعلن التحدى،‮ ‬نسترد‮ «‬‬مصر» ‬ونحررها،‮ ‬مصر التى قال كبيرهم ومرشدهم السابق‮ «‬طز فيها‮«‬،‮ ‬مصر العظيمة التى لم‮ ‬يعرفوا قدرها وأرادوها‮ «‬مسخًا‮»،‮ ‬مصر التى سعوا منذ اليوم الأول لوصولهم إلى السلطة إلى اغتيالها،‮ ‬وتفكيكها،‮ ‬وبيعها فى سوق‮ «‬النخاسة» ‬لكل الطامعين،‮ ‬مصر بالنسبة لهم ليست وطنا،‮ ‬هى مشروع استثمارى وإمارة مثلها مثل ثمانين إمارة أخرى،‮ ‬يسعى تنظيمهم الدولى إلى تركيعها واستعبادها لحساب قوى الشر والاستعمار‮..‬
مضت الليلة الأولى بخير وسلام،‮ ‬التزمت الملايين بالسلمية، كان رجال الشرطة قد قرروا الابتعاد نهائيا،‮ ‬فقط عُهد إليهم بحراسة المنشآت الحيوية،‮ ‬قرروا ألا‮ ‬يكرروا سيناريو ما جرى،‮ ‬أعلن الضباط والصف والجنود أنهم لن‮ ‬يكونوا مجرد أداة ضد الشعب،‮ ‬لحساب الإخوان‮.‬
كانت تعليمات‮ «‬مرسى‮» ‬بالتصدى،‮ ‬لكن من‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يلزم هؤلاء الرجال بأن‮ ‬يُشهروا الأسلحة فى مواجهة أهليهم؟‮ ‬إنهم‮ ‬يعانون مثلما نعانى،‮ ‬إن‮ ‬مصر تناديهم كما تنادينا،‮ ‬قطعًا لن‮ ‬يكرروا الخطأ ولن‮ ‬ينجرفوا في‮ ‬مسلسل الدماء الذي‮ ‬قد لا‮ ‬ينتهي‮ ‬بسهولة إذا ما بدأ‮.‬
كانوا منذ أيام قليلة قد احتشدوا في‮ ‬مؤتمر علني،‮ ‬هتفوا‮ «‬يسقط‮ ‬يسقط حكم المرشد»،‮ ‬دعوا كل زملائهم إلي‮ ‬التزام الحياد،‮ ‬ومنحوا الجهات المسئولة أيامًا معدودة للكشف عن حقائق ووقائع ما‮ ‬يجري‮ ‬في‮ ‬سيناء،‮ ‬كانت المعلومات لديهم تقول إن هناك مؤامرة‮ ‬يجري‮ ‬تنفيذها‮!!‬
نصب الثوار خيامهم في‮ ‬الميادين،‮ ‬مظاهرات الصعايدة وهتافاتهم،‮ ‬وصلت إلي‮ ‬المتظاهرين في‮ ‬القاهرة،‮ ‬كانت مصر كلها تموج بالثورة من شمال البلاد إلي‮ ‬جنوبها،‮ ‬من الأحياء الشعبية ومقاهي‮ «‬أولاد البلد» ‬إلي‮ ‬الأحياء الراقية في‮ ‬المناطق المختلفة،‮ ‬مصر كلها في‮ ‬الشارع‮!!‬
وزير الداخلية‮ ‬يطلب نزول الجيش،‮ ‬يبدي‮ ‬تخوفه من حجم التظاهرات،‮ ‬والشرطة لن تستطيع وحدها حماية المؤسسات،‮ ‬الناس تتساءل في‮ ‬كل مكان عن موقف الجيش،‮ ‬بعض من كانوا‮ ‬يهتفون‮ «‬يسقط حكم العسكر» ‬راحوا‮ ‬يوجهون نداءاتهم بتدخل الجيش لانقاذ البلاد،‮ ‬معلومات تتردد عن أعمال عنف في‮ ‬أكثر من مكان،‮ ‬القلق‮ ‬يساور الكثيرين من صناع القرار في‮ ‬المؤسسات الأمنية،‮ ‬القائد العام‮ ‬يعقد اجتماعًا للمجلس العسكري،‮ ‬الوطن مهدد،‮ ‬والشعب‮ ‬يناشد،‮ ‬الجماهير في‮ ‬الشارع،‮ ‬لابد من إيجاد حل عاجل وسريع‮.‬
بيان صادر عن البيت الأبيض‮ ‬يحذر حكومة مرسي‮ ‬من التعامل بعنف مع المظاهرات،‮ ‬يتساءل الناس‮ «‬‬إيه الحكاية‮.. ‬كانوا سمن علي‮ ‬عسل»،‮ ‬متغيرات السياسة عديدة،‮ «‬آن باترسون‮» ‬السفيرة الأمريكية صديقة الإخوان،‮ ‬تواري‮ ‬وجهها خجلا،‮ ‬تطلب من الأمريكيين توخي‮ ‬الحذر،‮ ‬المظاهرات تزحف من ميدان التحرير إلي‮ ‬مبني‮ ‬السفارة،‮ ‬تندد بالتحالف الإخواني‮ ‬الأمريكي،‮ ‬تطالب بطرد السفيرة‮ «‬‬باترسون‮».‬
‮«‬كاثرين آشتون‮» ‬تطلق تصريحا باسم الاتحاد الأوربي،‮ ‬تطالب فيه الحكومة باحترام حريات المواطنين وتدين التهديدات الصادرة عن جماعة الإخوان وتحذر الرئيس مرسي‮ ‬من اتخاذ أي إجراءات من شأنها المساس بأمن المتظاهرين السلميين‮.‬
القوي‮ ‬الوطنية تحذر حركة‮ «‬‬حماس» ‬من ارتكاب أي حماقة في‮ ‬مصر وتحملها مسئولية المساس بأي‮ ‬من عناصر المعارضة أو إحداث أي أعمال عنف في‮ ‬البلاد،‮ ‬معلومات تتردد عن عناصر تسللت،‮ ‬ومحاولات تجري‮ ‬في‮ ‬الخفاء‮!!‬
الساعات تمر بطيئة،‮ ‬الفضائيات لا تتوقف عن بث الاخبار،‮ ‬تستضيف المحللين السياسيين والأمنيين،‮ ‬ترقب تطورات الموقف في‮ ‬الداخل والخارج،‮ ‬مواطنون‮ ‬غاضبون‮ ‬يتصلون هاتفيًا ويسألون‮: ‬إلي‮ ‬متي‮ ‬سيظل الجيش صامتًا؟‮ ‬تقرير اخباري‮ ‬يبث علي‮ ‬الهواء من إحدي‮ ‬المناطق الشعبية في‮ ‬محافظة الجيزة،‮ ‬مظاهرات حاشدة لأهل المنطقة،‮ ‬يهتفون‮ «‬واحد اتنين،‮ ‬الجيش المصري‮ ‬فين؟‮!».‬
جماعة الإخوان وحلفاؤها‮ ‬يحذرون الجيش من النزول،‮ ‬مرسي‮ ‬يطلب من الجيش التصدي‮ ‬للمتظاهرين،‮ ‬السيسي‮ ‬يرفض ويؤكد أن دور الجيش هو حماية الشعب،‮ ‬الجماعة‮ ‬يصيبها الفزع والرعب،‮ ‬تطلب من مرسي‮ ‬عزل قادة الجيش ووزير الداخلية،‮ ‬أحد مستشاري‮ ‬مرسي‮ ‬يحذره من أن ذلك قد‮ ‬يعني‮ ‬الصدام،‮ ‬وانه بذلك‮ ‬يعطي‮ ‬الفرصة للانقلاب عليه‮!!‬
الجماهير تبحث عن‮ «‬‬مرسي» ‬في‮ ‬كل مكان،‮ ‬المعلومات متضاربة‮ ‬يبدو أنه اختبأ في‮ ‬مكان أمين،‮ ‬أعطي‮ ‬تعليمات لقائد الحرس الجمهوري‮ ‬بأ‮ن ‬يتصدي‮ ‬وأن‮ ‬يطلق الرصاص الحي‮ ‬إذا ما استدعت الحاجة،‮ ‬قائد الحرس‮ ‬يعلن انه لن‮ ‬يستخدم العنف،‮ ‬ويناشد المتظاهرين عدم اقتحام القصر الجمهوري‮ ‬حرصًا علي‮ ‬أمن البلاد‮.‬
الأزمة تتفاقم بسرعة،‮ ‬رائحة الدماء علي‮ ‬الأبواب،‮ ‬خيارات الجيش أمام المجلس العسكري،‮ ‬لن‮ ‬يقف ضد الشعب،‮ ‬الشعب هو أصل الشرعية،‮ ‬والاستجابة له لا تعني‮ ‬مخالفة الدستور،‮ ‬هكذا جري‮ ‬في‮ ‬ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير،‮ ‬وهكذا هي‮ ‬الرؤية الصحيحة،‮ ‬لقد حنث الرئيس بالقسم،‮ ‬فشل في‮ ‬إدارة البلاد،‮ ‬وهو‮ ‬يهدد الآن باشعال الحرب الأهلية،‮ ‬التحرك السريع لانقاذ البلاد قبل السقوط في‮ ‬بئر العنف،‮ ‬هو مسئولية الجيش وليس أحدًا‮ ‬غيره‮.‬
كان أمام المجلس العسكري‮ ‬أحد خيارين‮:‬
- الأول‮.. ‬ويقضي‮ ‬بالطلب من‮ «‬الرئيس» ‬مرسي‮ ‬التخلي‮ ‬عن السلطة والموافقة علي‮ ‬إجراء انتخابات رئاسية مبكرة،‮ ‬وأن‮ ‬يعهد إلي‮ ‬الجيش بمهمة إدارة المرحلة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات،‮ ‬مع وعد بعدم المساس أو الانتقام من أحد‮.‬
- الخيار الثاني‮.. ‬إذا رفض الرئيس الخيار الأول،‮ ‬يتدخل الجيش للسيطرة علي‮ ‬السلطة وانقاذ البلاد من خطر الانهيار،‮ ‬ومواجهة أي اعمال عنف تستهدف المساس بأمن البلاد،‮ ‬ودعوة الشعب إلي‮ ‬التكاتف مع الجيش والشرطة لمواجهة أي محاولات تخريبية وفي‮ ‬هذه الحالة تكون كل الخيارات مفتوحة،‮ ‬بما فيها فرض الأحكام العرفية وإعلان حظر التجول والقبض ومحاكمة كافة المتورطين والمسئولين عما آلت إليه أوضاع البلاد‮.‬
الشارع‮ ‬يترقب،‮ ‬الآذان تنتظر،‮ ‬الفضائيات تحلل وتتابع،‮ ‬في‮ ‬باحة الأزهر الشريف،‮ ‬نساء ورجال‮ ‬يرفعون أياديهم بعد صلاة العشاء متجهين إلي‮ ‬الله سبحانه وتعالي‮ «‬‬يا عظيم‮ ‬يا عظيم‮ ‬يا عظيم،‮ ‬أنت لها،‮ ‬ولكل أمر عظيم،‮ ‬اسألك أن تفرج عن الشعب المصري،‮ ‬بحق باسم الله الرحمن الرحيم،‮ ‬اللهم إني‮ ‬استودعتك مصر وأهلها،‮ ‬أمنها وأمانها،‮ ‬ليلها ونهارها،‮ ‬أرضها،‮ ‬وسماءها،‮ ‬فاحفظها ربي‮ ‬من كل سوء ومكروه،‮ ‬اللهم إنا نستودعك رجال مصر ونساءها وشبابها وأطفالها‮ ‬يا من لا تضيع عنده الودائع‮».‬
كانت الدموع تنهمر علي‮ ‬الوجوه،‮ ‬الأصوات تعلو‮ «‬سبحان الله وبحمده،‮ ‬عدد خلقه ورضا نفسه،‮ ‬وزنة عرشه،‮ ‬ومداد كلماته،‮ ‬يا رب مصر التي‮ ‬ارسلت لها‮ ‬يوسف ليحفظها من السنوات العجاف،‮ ‬يا رب مصر التي‮ ‬ارسلت لها موسي‮ ‬ليحفظها من عبادة الأصنام،‮ ‬يا رب مصر التي‮ ‬ارسلت منها هاجر زوجة إبراهيم عليه السلام،‮ ‬يارب مصر التي‮ ‬جعلت منها ماريا القبطية زوجًا لحبيبك العدنان،‮ ‬يا رب مصر التي‮ ‬ارسلت فيها عيسي‮ ‬عليه السلام بإنجيلك،‮ ‬يا رب مصر التي‮ ‬ذكرتها في‮ ‬قرآنك ووصفتها بالأمن والأمان،‮ ‬اللهم بحق كل نبي‮ ‬وضع عليها قدمه،‮ ‬وذكر فيها اسمك،‮ ‬وتلا فيها كتابك واثني‮ ‬عليها خيرًا،‮ ‬كما اثني‮ ‬عليها سيدنا محمد صلي‮ ‬الله عليه وسلم ووصف أبناءها بخير أجناد الأرض أن تحفظ مصر من كل سوء وشر‮ ‬ياأرحم الراحمين،‮ ‬ومن أراد بأهلها كيدًا فعليك به،‮ ‬يا رب لقد عجزت أيدينا عن ‬ايجاد الحل ولم تعجز ألسنتنا عن سؤال من بيده النجاة وفيه الرجاء والأمل،‮ ‬يا رب اجعل من تراه بيده صالح التدبير لمصر أن‮ ‬يوصلها إلي‮ ‬بر الأمان،‮ ‬يا رب لقد عجزت عقولنا عن التفكير،‮ ‬ولم تعجز افئدتنا عن مناجاة التدبير،‮ ‬يا رب،‮ ‬يا رب،‮ ‬يا رب،‮ ‬احفظ مصر‮ ‬يا رب العالمين».‬
كانت الأصوات تدوي‮ ‬باكية،‮ ‬وكانت الكلمات تخترق آذان المتظاهرين فيرددون النداء،‮ ‬كانوا جميعًا،‮ ‬ينتظرون اللحظة،‮ ‬يهتف أحد المواطنين‮ «‬إياك أن تهزمنا‮ ‬يا جيش مصر العظيم،‮ ‬لا تتركونا وتتركوا مصر تضيع،‮ ‬لن نسامحكم للأبد‮»!!‬
كان رجال الجيش في‮ ‬كل مكان‮ ‬يتابعون الحدث،‮ ‬قلوبهم تقطر دمًا علي‮ ‬مصر،‮ ‬ينتظرون تعليمات القائد العام،‮ ‬الآن جاء دورك‮ ‬يا سيادة القائد العام،‮ ‬كان صوت الضباط والجنود مدويًا،‮ ‬وكان السيسي‮ ‬لا‮ ‬يزال محتفظًا بهدوئه وروية تفكيره‮.‬
مضي‮ ‬اليوم الثاني‮ ‬والناس تنتظر،‮ ‬ضابط كبير‮ ‬يدخل إلي‮ ‬مكتب الفريق السيسي،‮ ‬يقدم تقريرًا عن تطورات التظاهرات في‮ ‬الشارع المصري‮.. ‬التقرير‮ ‬يؤكد عددًا من الحقائق‮:‬
- أن أكثر من ثلاثين مليونًا من المصريين قد خرجوا إلي‮ ‬الشوارع مطالبين بإسقاط الرئيس مرسي‮ ‬ونظام الإخوان وحل الجماعة ومحاكمة المتورطين منها في‮ ‬أحداث العنف والفوضي‮ ‬وتهديد الأمن القومي‮.‬
- أن الجماهير تفوض‮ «‬الجيش‮» ‬بالمسئولية عن ‬إجراء هذا التغيير وحقن الدماء،‮ ‬فورًا ودون تردد،‮ ‬وتحمِّله مسئولية المخاطر التي‮ ‬قد تنجم عن التأخير أو عدم الاستجابة لمطالب الشعب المصري‮ «‬أصل الشرعية».‬
- أن الشعب المصري‮ ‬يعهد إلي‮ ‬الجيش بحماية أمن البلاد من الفوضي،‮ ‬وإدارة شئون الحكم في‮ ‬الفترة الانتقالية عبر إنشاء مجلس انتقالي‮ ‬برئاسة القائد العام وعضوية رئيس المحكمة الدستورية العليا وممثل عن الشرطة ومسئول عن الملف الاقتصادي،‮ ‬وست شخصيات أخري‮ ‬يجري‮ ‬اختيارها من بين قوي‮ ‬المجتمع المدني‮ ‬والشعبي‮.‬
- تكون مدة هذا المجلس ستة أشهر،‮ ‬يتم خلالها وقف العمل بالدستور الحالي‮ ‬وعودة دستور‮‬1971‮ ‬ لحين الاتفاق علي‮ ‬دستور جديد للبلاد في‮ ‬فترة لاحقة‮.‬
- إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة تحت إشراف المجلس الانتقالي‮ ‬وضمان نزاهتها بعيدًا عن الضغوط ومحاولات الإرهاب‮.‬
قرأ الفريق أول‮ ‬السيسي‮ ‬المذكرة التي‮ ‬تعكس آراء أغلبية المتظاهرين،‮ ‬نظر إلي‮ ‬الضابط الكبير وقال‮: ‬أبدًا لن نتخلي‮ ‬عن مصر،‮ ‬وعندما‮ ‬ينادينا الشعب المصري‮ ‬فحتمًا لابد أن نستجيب مهما كان الثمن في‮ ‬المقابل‮.‬
ظل الناس صامدين في‮ ‬الميادين،‮ ‬تحت الشمسس الحارقة،‮ ‬لقد لاحظوا تحركات‮ ‬غير طبيعية لقوات الجيش،‮ ‬دبابات ومدرعات،‮ ‬رجال الشرطة العسكرية في‮ ‬كل مكان،‮ ‬فرقة ال777‮ ‬ وال999،‮ ‬رجال المشاة،‮ ‬تحركات للجيوش المختلفة،‮ ‬استعدادات في‮ ‬المطارات الحربية،‮ ‬أصوات تطلقها البوارج البحرية،‮ ‬وفجأة‮ ‬يقطع التليفزيون المصري‮ ‬ارساله ويعلن عن بيان عسكري‮ ‬للقائد العام للقوات المسلحة‮.‬
بعد قليل‮ ‬يطلُّ الفريق أول عبدالفتاح السيسي‮ ‬بوجهه البشوش‮ ‬يعلن أن الرئيس قبل بالتنحي‮ ‬عن السلطة،‮ ‬ووافق علي‮ ‬إجراء انتخابات رئاسية جديدة خلال ستة أشهر مقبلة،‮ ‬البيان حوي‮ ‬عبارات حاسمة ووجه إنذارات عديدة لمن‮ ‬يحاولون العبث بأمن البلاد وأكد أن المجلس الانتقالي‮ ‬سيتولي‮ ‬إدارة شئون البلاد والإشراف علي‮ ‬الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الجديدة في‮ ‬هذه الفترة‮.‬
انفجر الشارع بالهتاف،‮ ‬سادت الفرحة جموع مصر،‮ ‬هدأت المشاعر المتوترة،‮ ‬ساد الوجوم عناصر الاخوان المسلمين،‮ ‬تعليمات تصدر من المرشد بضبط النفس وانتظار تعليمات أخري،‮ ‬انهم‮ ‬يحاولون امتصاص الصدمة،‮ ‬يخافون من انهيار التنظيم والزج بهم في‮ ‬السجون،‮ ‬الشارع ليس معهم،‮ ‬الجماهير تراقب عناصر الجماعة والمتحالفين معها،‮ ‬إذا بدءوا الصدام،‮ ‬فالشارع سيحاصرهم في‮ ‬كل مكان،‮ ‬ستكون حربًا دموية طاحنة،‮ ‬سيمثلون بهم،‮ ‬لن‮ ‬يتركوهم،‮ ‬إذا ما قرروا إعلان الحرب علي‮ ‬الشعب‮.‬
كان هناك متشددون،‮ ‬لكنهم انصاعوا لتعليمات المرشد ونائبه خيرت الشاطر،‮ ‬قالوا لهم لم‮ ‬يعد لنا ظهير شعبي،‮ ‬الناس ضدنا في‮ ‬كل مكان،‮ ‬فلا تدفعونا إلي‮ ‬خسارة ما تبقي،‮ ‬المهم الحفاظ علي‮ ‬التنظيم وأمنه،‮ ‬لقد حصلنا علي‮ ‬وعود بعدم الانتقام أو تصفية الحسابات،‮ ‬ولكن أي‮ ‬رد فعل سوف‮ ‬يعصف بنا جميعًا ولن تقوم لنا قائمة بعد ذلك لعقود طويلة من الزمن‮.‬
كانت الخطة البديلة،‮ ‬اطلاق‮ ‬يد بعض التنظيمات الممولة من الإخوان لتمارس عنفها،‮ ‬عبر بعض العمليات الإرهابية داخل سيناء وفي‮ ‬بعض الأماكن الحيوية،‮ ‬وحتي‮ ‬هؤلاء كان دورهم محدودًا‮.‬
لقد استأسد رجال الشرطة في‮ ‬مواجهة الإرهابيين،‮ ‬عادت إليهم الروح مجددًا،‮ ‬هاجموا الأوكار والجحور،‮ ‬اصطادوا القتلة ودفعوا بهم إلي‮ ‬داخل السجون،‮ ‬سقط شهداء وضحايا،‮ ‬لكنهم سطَّروا ملحمة لا تقل بطولة عن ملحمة الإسماعيلية في‮ ‬مواجهة الانجليز عام ‮‬1952.
كانت مصر كلها علي‮ ‬قلب رجل واحد،‮ ‬انسحب البلطجية وعادوا إلي‮ ‬جحورهم من جديد،‮ ‬قرر السيسي‮ ‬فتح صفحة جديدة مع الجميع،‮ ‬هتف الناس مجددًا: «‬الجيش والشعب والشرطة إيد واحدة»،‮ ‬أطل المستشار أحمد الزند من شاشة إحدي‮ ‬الفضائيات قال بصوت جهوري‮ «‬آه‮ ‬يا غجر‮»،‮ ‬عاد المستشار‮ ‬عبدالمجيد محمود إلي‮ ‬موقعه،‮ ‬تم حل مجلس الشوري‮ ‬وسقط مشروع قانون السلطة القضائية‮.‬
دول الخليج تعلن منح مصر أكثر من‮‬40‮ ‬ مليار دولار،‮ ‬أوباما‮ ‬يعلن استعداده لمقابلة الفريق أول السيسي‮ ‬ويؤكد ثقته في‮ ‬الوعود التي‮ ‬اطلقها والوفاء بإجراء الانتخابات الرئاسية في‮ ‬المدة المحددة،‮ ‬محاكمات سريعة لقاطعي‮ ‬الطرق،‮ ‬توقف عمليات الخطف،‮ ‬انتظام قطارات السكة الحديد للمرة الأولي‮ ‬منذ ثورة‮ ‬25 يناير،‮ ‬تشكيل حكومة وطنية لإدارة شئون البلاد،‮ ‬الدولار‮ ‬يتراجع،‮ ‬كميات من السولار تتدفق إلي‮ ‬مصر،‮ ‬رئيس المجلس الانتقالي‮ ‬يؤكد أنه لم تعد هناك حاجة لقرض صندوق النقد،‮ ‬دعم الغلابة سيبقي‮ ‬مستمرًا،‮ ‬إصلاح الأوضاع المجتمعية والخدمية سيكون له الأولوية علي‮ ‬ما عداه،‮ ‬دعوة تنطلق لعودة المستثمرين إلي‮ ‬مصر،‮ ‬مليون مصري‮ ‬هاجروا‮ ‬يقررون العودة دون تردد،‮ ‬أموال المصريين العاملين في‮ ‬الخارج بدأت تتدفق إلي‮ ‬البنوك من جديد،‮ ‬رئيس وزراء إثيوبيا‮ ‬يعلن استعداد بلاده للتفاوض مع الحكام الجدد في‮ ‬مصر حول سد النهضة،‮ ‬هروب الكثير من الإرهابيين من داخل سيناء،‮ ‬عدد من رموز الإخوان واتباعهم‮ ‬يبدون الاستعداد للتعاون مع السلطة الجديدة‮.. ‬عهد جديد قد بدأ‮.. ‬نعم عهد جديد قد بدأ‮!!‬
أراهنكم أن ذلك سوف‮ ‬يتحقق في‮ ‬خلال أيام قليلة،‮ ‬وسينتصر الشعب المصري‮ ‬علي‮ ‬أعدائه،‮ ‬لكنه لن‮ ‬ينتقم أبدًا من الأبرياء،‮ ‬ولن‮ ‬يلجأ إلي‮ ‬تصفية الحسابات،‮ ‬بل سيحترم حق الجميع في‮ ‬الوجود،‮ ‬وستكون الكلمة الأخيرة للشعب،‮ ‬والشعب عرف من هم أبناؤه ومن هم أعداؤه‮.. ‬فلا تخافوا ولا تجزعوا‮.. ‬دقت ساعة النصر والانتصار‮.‬
ادعوا معنا‮: ‬يارب‮.. ‬يارب‮.. ‬يارب‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.