أكد بروكوبيس بافلوبولوس رئيس جمهورية اليونان، أن الدور المصرى يتعاظم يوما بعد يوم فى حفظ السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط. وأضاف الرئيس بافلوبولوس فى حوار ل"الأهرام" أن الرئيس عبد الفتاح السيسى قائد يضمن استقرار بلاده ومستقبلها، بل يضمن الاستقرار فى المنطقة كلها، بما لها من حساسية خاصة هذه الأيام. وأوضح الرئيس بافلوبولوس أن نشاط المستثمرين اليونانيين فى مصر واضح، وأنهم على استعداد لضخ المزيد من الاستثمارات بها، خاصة أن أجهزة الدولة المصرية تعمل على معاونتهم فى ذلك. وفيما يتعلق بالتعاون فى مجال الطاقة، قال الرئيس اليونانى إن المناخ ممتاز جدا بين مصر واليونان وقبرص، وإن هذا التعاون يجب أن يتم فى إطار ترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة لكل بلد، على أساس قواعد القانون الدولي، بما يخدم المصالح المشتركة للدول الثلاث. وأشار الرئيس اليونانى إلى أن وجهة نظر مصر والرئيس السيسى تقوم على حقيقة أن الأصولية الجهادية للإرهابيين موجهة فى نهاية المطاف ضد الدين الإسلامي. وحول الأزمة السورية، شدد الرئيس بافلوبولوس على أن الاتحاد الأوروبى عليه أن يتعامل مع مستقبل سوريا فى إطار ضرورة الحفاظ على التماسك الاجتماعى وتحقيق الاستقرار الديمقراطي. وبالنسبة للعلاقات بين تركيا واليونان، قال إن اليونان مازالت تسعى إلى علاقات جيدة مع تركيا، إلا أن تركيا لم تظهر- للأسف- الرغبة نفسها.. وإلى نص الحوار: معالى الرئيس، التقيتم بالرئيس عبد الفتاح السيسى من قبل، فما الذى يعنيه اللقاء المقبل بالنسبة لسيادتكم؟ وكيف ترى سيادتكم مستقبل العلاقات بين البلدين فى الفترة المقبلة؟ كان من دواعى سرورى أن التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى بالقاهرة، فى 23 أبريل 2015 ، ومازلت أحتفظ بأفضل انطباع من هذا اللقاء، فهو القائد الذى يضمن استقرار ومستقبل بلاده مصر، بل هو يضمن الاستقرار فى المنطقة ككل، بما لها من حساسية خاصة فى هذه الأيام. وبالنظر إلى تعاظم دور مصر فى حفظ الاستقرار، بما له من آثار إيجابية على الصعيد الإفريقى والعالمي، أنا متأكد ان اجتماعنا المقبل خلال الزيارة التى يقوم بها الرئيس السيسى إلى أثينا، من شأنه أن يعزز المناخ الممتاز الذى ساد لقاءنا بالقاهرة فى 23 أبريل 2015، وبالأساس سوف يرسخ لتدعيم وتعزيز العلاقات بين مصر واليونان، مما يبشر بنتائج إيجابية جداً لكلا البلدين فى العديد من المجالات، وفى مقدمتها مجالات تعزيز الأهمية الجيو إستراتيجية لبلدينا ومجالات الأمن والاقتصاد. وهذا التطور طبيعى تماما، إذا أخذنا فى الاعتبار أنه تتويج وامتداد لأربعين قرناً من الصداقة والتعاون بين الشعبين المصرى واليوناني. الشعب المصرى يثمن بدرجة كبيرة موقف اليونان الداعم لمصر، وأيضا مساندتكم لمصر فى مواجهة الإرهاب، كيف يمكن أن نبنى على ذلك فى مجال العلاقات الثنائية؟ خاصة أن حجم التبادل التجارى مازال أقل من المأمول؟ هذا الموقف الداعم أمر بدهي، وبالتالى فهو متوقع، استنادا إلى تاريخ مصر ورؤيتها المستقبلية، أما بالنسبة لعلاقاتنا الثنائية الاقتصادية والتجارية ، فأعتقد أن هناك مجالا واسعا لمزيد من التقدم ، بدءا من مجال تبادل المنتجات والخامات الأولية ووصولا إلى مجال الاستثمارات، فاليونان بلد مفتوح أمام الاستثمار المصرى ، ومن الثابت أيضا إن المستثمرين اليونانيين لهم بالفعل نشاط واضح فى مصر، وهم على استعداد لضخ استثمارات أكبر، إذا عاونتهم أجهزة الدولة المصرية على ذلك،وأنا متأكد من أنها سوف تفعل ذلك وبشكل مناسب . هناك أيضا إمكانات هائلة للتعاون بين مصر واليونان فى مجال الطاقة، تتمحور أساساً حول الغاز الطبيعى ، ولا سيما فى ظل وجود هذا المناخ الممتاز بين البلدين، بالإضافة إلى قبرص بالتأكيد، وذلك فيما يخص ترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة لكل بلد، على أساس يخدم مصالحنا المشتركة وفى ضوء احترام قواعد القانون الدولي، سواء المكتوب منها أو المتعارف عليها. مازالت بعض الدول الأوروبية تسيء تقدير المواقف الخاصة بالوضع السياسى فى مصر، هل يمكن أن يكون هناك دور لليونان بوصفها بوابة أوروبية مهمة بين شمال وجنوب المتوسط فى تصحيح هذه الصورة، والمساعدة فى توضيح حقيقة الوضع المصري، وبخاصة فى مجال محاربة الإرهاب؟ لقد عبرت أنا شخصيا ورئيس الوزراء "إليكسيس تسيبراس" والعديد من الوزراء، ولا سيما وزير الدفاع اليونانى "بانوس كامينوس"، عن اعتراف اليونان بأهمية مصر الكبيرة وإسهامها الضخم فى مكافحة الإرهاب ولا سيما ضد أنشطة الجهاديين وما يرتكبون من جرائم متعددة ضد الإنسانية، كما حدث فى مأساة باريس الأخيرة. ولابد أن أشير إلى أن الموقف المسئول من جانب مصر والرئيس السيسى يؤكد وجهة النظر القائلة بأن الأصولية الجهادية لهؤلاء الإرهابيين موجهة فى نهاية المطاف ضد الدين الإسلامي، وتنتهك المبادئ الأساسية للإسلام، ولهذا فإن الإرهابيين الجهاديين هم فى الواقع أعداء للإسلام، حيث يعملون على هدمه أخلاقيا وسياسيا. تعمل فى مصر حاليا نحو مائتى شركة يونانية، وهو عدد قليل للغاية، والأمر نفسه ينطبق على عدد الشركات المصرية العاملة فى اليونان، ما أسباب ذلك من وجهة نظركم، وهل توجد معوقات تمنع زيادة الاستثمارات بين البلدين؟ وماهى من وجهة نظركم وسائل التغلب عليها؟ إن المناخ الاقتصادى والاستثمارى بين مصر واليونان يتطلب إعلام القطاع الخاص فى كلا البلدين بشكل أفضل عن الفرص المتاحة للاستثمار فى البلد الآخر. ومن جهة أخرى يجب تجاوز إجراءات البيروقراطية العقيمة التى تعرقل بحكم طبيعتها تنمية النشاط الاقتصادى والاستثماري. تعد اليونان من أقرب الدول الأوروبية إلى مصر جغرافيا، كيف يمكن الاستفادة من هذا التقارب الجغرافى فى التعاون مع مصر على صعيد المشروعات الوطنية الكبري، وبخاصة تلك التى ترتبط بالمنافذ البحرية المتوسطية، كمشروع قناة السويس الجديدة ومشروع ميناء شرق بورسعيد. أولا وقبل كل شيء، أريد أن أؤكد عظمة الدولة المصرية والشعب المصري، وكذلك إسهام الرئيس السيسى الشخصي، فى عملية بناء قناة السويس الجديدة، ذلك أن سرعة الإنجاز فى حفر القناة هى أكبر دليل على الإمكانات الهائلة التى تمتلكها مصر اليوم. علاوة على ذلك، فإن اليونان مستعدة أن تؤدى دور الجسر على المستوى الاقتصادى ، بين قناة السويس الجديدة وميناء شرق بورسعيد وبين الغرب والاتحاد الأوروبى على وجه الخصوص. بهذه الطريقة تقترب مصر من الغرب ومن أوروبا، وهذا فى رأيى سوف يعطى لمصر فرصاً كبيرة للمستقبل ، وسوف يرسخ بشكل عام دورها الضامن للاستقرار الذى سبق أن أشرت إليه مطولا. وماذا عن التعاون بين مصر واليونان فى مجال استكشاف موارد البترول والغاز فى المتوسط، وبخاصة بعد كشف حقل "ظهر" العملاق للغاز؟ وكيف يمكن أن يكون شكل هذا التعاون؟ خاصة فى ظل الأطماع والصراعات على ثروات هذه المنطقة؟ هذا التعاون يبدأ من التعاون الجيد بين اليونان ومصر وقبرص فيما يخص ترسيم حدود المناطق الاقتصادية الخالصة الخاصة بها، على أساس القانون الدولي، كما سبق أن ذكرت. ويمثل التعاون الثلاثى نموذجاً للتعايش السلمى والتعاون البناء بين الدول، وبالأخص يمثل نموذجا لدولة من جيران اليونان وقبرص وهى تركيا، التى يمكنها أن تتعلم الكثير من التعاون المثالى بين مصر واليونان وقبرص لتحقيق مصالحها الاقتصادية وغيرها. والتعاون الثلاثى يجب أن يستمر بعد ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة، على مستوى استغلال احتياطيات الطاقة، سواء بالنسبة لحقول الغاز أو لحقول النفط، طبقا لتقدم عمليات التنقيب . وهذا التعاون يتطلب الاحترام الكامل للمصالح الاقتصادية لكل بلد، وفقا لحقوقها فى استغلال المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها، ونحن هنا نتحدث عن التعاون على أساس احترام جميع القوانين الدولية ومبادئ حسن الجوار والعمل المشترك لتحقيق التنمية والازدهار لبلدينا و لقبرص كذلك. واجهت اليونان تجربة مريرة مع الأزمة الاقتصادية، ومع ذلك نجحت فى تخطى هذه الأزمة. هل لديكم رؤية معينة يمكن للاقتصاد المصري الذى يحاول هو الآخر التعافى من مرحلة مضطربة الاستفادة منها؟ سوف أجيب عن سؤالك هذا بحسب ما علمنى معلمى السياسى "كونستانتينوس كارامانليس" فقد علمنى أن "السياسة لا تقوم على النصائح"، كما ان دولة مثل مصر تعرف مصلحتها جيداً وكيفية الدفاع عنها. لذلك سوف أقتصر على تبادل بعض الأفكار الصادقة تماما، مع الشعب المصرى الصديق ومع صديقى الرئيس السيسي: نحن بحاجة إلى تسهيل اقتصاد السوق الحر وتعزيز دور القطاع الخاص ، ولكن دائما ضمن حدود القوانين التى تقوم الدولة بسنها على أساس المصلحة العامة. وعلى وجه الخصوص، لا ينبغى لنا أن نضحى بالتماسك الاجتماعى فى سبيل تحقيق أهداف اقتصادية عقيمة، حيث إن التماسك الاجتماعى والعدالة الاجتماعية هما الأساسان اللذان يمكن أن تبنى عليهما دولة القانون، القادرة على ضمان مستقبل شعب مصر، ومن يعتقد أن مبادئ العدالة الاجتماعية وسيادة القانون تتعارض مع التقدم الاقتصادى هو إما ساذجا أو أنانيا. إذا انتقلنا إلى الأوضاع المضطربة فى منطقة الشرق الأوسط ومنطقة جنوب المتوسط؟ ما هى رؤية سيادتكم للأزمة السورية؟ هل أنتم مع حل سياسى انتقالى يشمل بقاء الأسد ؟ أم مع ضرورة رحيل الأسد؟ وهى الرؤية التى تتبناها واشنطن وحلفاؤها؟ فى رأيى يجب وضع حد للحرب فى سوريا فى أقرب وقت ممكن، لأن هذه الحرب هى السبب الرئيسى الذى يسمح للجهاديين المجرمين بتقويض السلام فى المنطقة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، كما سبق أن ذكرت. وقد سبق أن أشرت إلى أن إنهاء الحرب فى سوريا هى قضية تهم الاتحاد الأوروبى فى المقام الأول، لأنها إذا كانت بالنسبة للبعض قضية استراتيجية وجيوسياسية، فهى بالنسبة للاتحاد الأوروبى قضية الدفاع عن تماسكه وقيمه، ذلك لأن الحضارة الأوروبية - ضمن حضارات أخرى بالطبع قد قامت على مبادئ و قيم الإنسانية و التضامن. أما بالنسبة لمستقبل سوريا، واستنادا إلى التجربة المريرة فى العراق وليبيا، يجب أن يكون هناك تحليل جاد للخيارات الموجودة ، عند اتخاذ قرارات تؤثر على مصير شعب ومستقبله الديمقراطي. إن المجهول عدو للمنطق، والتفكير المنطقى هو شرط أساسى لصياغة وتنفيذ سياسة خارجية جادة، كما ان الفوضى هى العدو اللدود للديمقراطية ولذلك فان على الغرب والاتحاد الأوروبى أن يتعاملوا مع مستقبل سوريا على أساس الحفاظ على التماسك الاجتماعى وتحقيق الاستقرار الديمقراطى فيها فى أقرب وقت ممكن ، وبهذه الطريقة فقط يستطيع لاجئو الحرب أن يعودوا قريبا إلى ديارهم. استقبلت السواحل اليونانية فى الفترة الأخيرة، وبخاصة جزيرة ليبسوس، طوفانا من المهاجرين الفارين من مناطق الصراع فى الشرق الأوسط، كيف تعاملتم مع هذا الاختبار الصعب؟ وما هى رؤيتكم لحل هذه المشكلة على المستوى الأوروبي؟ نتعامل معها بالوسائل المناسبة ووفقا للقانون الدولى والأوروبي، وبالتأكيد وفقا لمبادئ وقيم الحضارة اليونانية والأوروبية، التى تتركز حول الإنسان. على وجه التحديد وعلى عكس دول أخرى فى منطقتنا، فعلنا كل ما نستطيع لنجدة اللاجئين ورعايتهم بكل الوسائل، وحاولنا تجنب استغلال مأساة اللاجئين من الجهاديين أو الإرهابيين الآخرين، من أجل عدم وصول هؤلاء إلى داخل الاتحاد الأوروبى أو أى مكان آخر. لكننا للأسف، ودون مسئولية من اليونان، نعيش مأساة غرق اللاجئين الأبرياء، ولا سيما الأطفال الصغار منهم، وقد هزتنا هذه المأساة جميعاً فى اليونان، وهزتنى أنا شخصيا. لهذا السبب وكما أشرت بالفعل، فإن الاتحاد الأوروبى لا يمكنه أن يتقاعس بشأن وضع نهاية لتدفقات اللاجئين، وللقيام بذلك يجب القضاء على الشر من جذوره، وهى الحرب فى الشرق الأوسط وبالأخص فى سوريا، وأكرر مرة أخري، هذا أمر يخص الاتحاد الأوروبى أولا وقبل كل شيء. علينا نحن الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى أن نواجه قضية اللاجئين من منطلق قيم التضامن والإنسانية، واليونان تقوم بذلك بشكل كامل، لكن يؤسفنى ان بعض الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى وهى لحسن الحظ قليلة ، تعتمد خطاً آخر من الإرهاب والانعزالية ، لا يتناسب مع تاريخ وثقافة الاتحاد الأوروبى ، ولا يمكن ولا ينبغى قبول موقفها هذا من جانب الدوائر الأوروبية المختصة، لأنها تسئ للاتحاد الأوروبى نفسه. ما هى رؤيتكم لسبل محاربة الإرهاب فى القارة الأوروبية، وبخاصة فى ضوء هجمات باريس، وهل تتوقعون تكرار هذه الهجمات فى دول أوروبية أخري؟ أبدأ بالرد على الجزء الثانى من سؤالك: يجب علينا أن نفعل كل ما نستطيع من أجل تفادى أى هجوم من هذا القبيل وأى نشاط إجرامى للإرهابيين الجهاديين بشكل عام ، ويتعين علينا أن نفعل ذلك معا، جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي، بروح من التضامن الحقيقى الصادق. وهذا هو سبب تأكيدى أهمية التضامن لا سيما فى إطار الاتحاد الأوروبي، وبالأخص خلال هذه المرحلة الحرجة. علاوة على ذلك، أرى أن جميع السلطات المختصة فى الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبى وسلطات الاتحاد الأوروبى نفسه، بما تمتلك من خبرات، تعرف ما يتعين عليها القيام به لمواجهة الإرهابيين بشكل فعال ولذلك لا أستطيع أن أشير بأكثر من ذلك، لأنه ليس ضمن سلطاتي، وأكتفى فقط بالإشارة إلى أننا استنادا على مبادئنا الديمقراطية وثقافتنا لا يجب أن ندع الخوف ينتشر فى أنحاء أوروبا، فنحن لا نخاف الإرهابيين وسوف نواجه الإرهابيين ونشاطهم الإجرامى بواسطة مؤسساتنا الديمقراطية وإعلائنا لمعنى الحرية، فهذه هى القوة الكبيرة التى تمنحها الديمقراطية ومؤسساتها . ماذا عن العلاقات مع تركيا، هل ترى أن هناك تحسنا فى هذا الصدد فى ظل القيادة التركية الحالية، وبخاصة فيما يتصل بالأزمة القبرصية؟ لقد سعينا ومازلنا نسعى من أجل علاقات جيدة وسلمية مع تركيا تعتمد على حسن الجوار، وذلك بشرط لا غنى عنه، هو الاحترام الكامل والصادق لأحكام القانون الدولي، سواء المكتوبة منها أو المتعارف عليها. ولكن تركيا للأسف لم تظهر حتى الآن نفس الرغبة. أتمنى أن هذا الموقف يتغير، بعد أن أظهرت الانتخابات الأخيرة أن هناك استقرارا فى حكومة تركيا الآن، وخصوصا ان الاتحاد الأوروبى - واليونان بصفة خاصة يرغب فى التعاون مع تركيا فى مجال التصدى لمشكلة اللاجئين الكبيرة. وفيما يتعلق بهذا التعاون، يجب أن أؤكد أن عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى تعتمد هى الأخرى على شرط لا غنى عنه، هو احترام تركيا الكامل للمكتسبات المؤسسية والسياسية الأوروبية، ولا سيما سيادة القانون وحقوق الإنسان، ودون تحقق هذا الشرط فإنه من غير الوارد دفع عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبى . علاوة على ذلك، فإن حدود اليونان ووفقا للقانون الأوروبي، هى حدود الاتحاد الأوروبي، ولكن هذه الحدود تحددها اليونان بشكل سيادى كامل، كما تحدد اليونان بشكل سيادى كيفية حماية هذه الحدود، ويجب على تركيا أن تحترم تماما هذه القاعدة، الأمر الذى يحول دون ممارسة دوريات مشتركة مع تركيا لحماية الحدود، بأى شكل من الأشكال. وأخيرا، فيما يخص حل المشكلة القبرصية وفى إطار المحادثات التى استؤنفت بالفعل، فإن على الجانب القبرصى التركى وتركيا أن يدركا أن أى حل يجب أن يحترم- ضمن جملة أمور- حقيقة أن جمهورية قبرص هى دولة عضو كامل العضوية فى الاتحاد الأوروبى وعضو بالنواة الصلبة لمنطقة اليورو. وبناء عليه، فان حل المشكلة القبرصية لا يعقل أن يتم على اسس تقوض مسيرة الجمهورية القبرصية داخل الاتحاد الأوروبى وداخل منطقة اليورو، وهذا يعنى بالتأكيد أن الحل لابد ان يكون متوافقاً مع القانون الدولى والأوروبي، ولابد أن يضمن جمهورية قبرص كدولة ذات سيادة فى المجتمع الدولى وكدولة عضو كامل العضوية فى الاتحاد الأوروبى ومنطقة اليورو، لا كدولة تولد ميتة،لأن أى حل من شأنه أن يؤدى إلى دولة هشة ينتهك القانون الدولى والأوروبي. المعايير الأساسية لحل المشكلة القبرصية هى أولا وجود كيان دولى واحد و ثانيا وجود سيادة واحدة وثالثا وجود جنسية واحدة، ورابعا الدولة الاتحادية، لأنه لا معنى لدولة كونفيدرالية، ولا سيما فى ظل القانون الأوروبي. وبالفعل فان الدولة الكونفيدرالية لا يمكنها البقاء على قيد الحياة داخل الاتحاد الأوروبى ومنطقة اليورو، حيث إن القانون الأوروبى يسمح فقط بدولة اتحادية، على غرار الدول الاتحادية الأخرى فى أوروبا، وبالذات إذا كان إنشاء الدولة الاتحادية يأتى بعد التوحيد، أى بعد إعادة توحيد شطرى الجزيرة، فلا يمكن أن يكون هناك أى نوع من أنواع إعادة التأسيس لدولة قبرص. والدولة ذات الخصائص التى قمت بذكرها، لا يمكن أن يكون بها مستوطنون أو قوات احتلال، وبالتأكيد لا حاجة لها إلى قوى ضامنة، لأن قبرص كدولة مستقلة لها أن تضمن استقلالها من خلال سيادتها وهذه هى القاعدة الأساسية التى تنطبق على جميع الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبي.