تأتي امتحانات الثانوية العامة، لهذا العام، وسط أجواء سياسية وأمنية صعبة، وبات يصعب على المسئولين بالوزارة اتخاذ إجراءات تكفل القضاء نهائيًا على ظاهرة الغش الإلكتروني وتسريب الامتحانات عبر الإنترنت، والأهم من ذلك، أنه من خلال المتابعة الدقيقة ل"بوابة الأهرام" حول ما يجري داخل الوزارة، تبين أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء يذكر لحل هذه الأزمة، واقتربت الوزارة على دخول "حرب إلكترونية" ستخسرها لامحالة. وما جرى العام الماضي، من خروج أوراق الأسئلة على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "تويتر"، بعد أقل من ربع ساعة من بدء الامتحان، يؤكد بما لايدع مجالا للشك، من أن نفس الموقف سيحدث هذا العام، في ظل استمرار نفس الآليات والإجراءات التي تعاملت بها الوزارة في العام الماضي، دون تغيير. لكن "بوابة الأهرام" تطرح على المسئولين بالوزارة، جملة أفكار تمثل حصيلة مناقشات مع عدد من الخبراء ربما يصلح تنفيذها، أو السير في اتخاذ إجراءات بشأنها، تكون كفيلة بتقليل حدة الغش الإلكتروني بمستويات تحول دون استمرار أوضاع العام الماضي، وتتمثل هذه الافكار في الآتي: 1- أن تتعامل الوزارة مع امتحانات الثانوية العامة، باعتبارها أمنًا قوميًا، وليس حدثًا استثنائيا، بمعنى أن يرفع الوزير محب الرافعي تقريرا شفافًا وواقعيًا إلى مجلس الوزراء، بما يواجهه من أزمة حقيقية في مواجهة الغش الإلكتروني، بحيث يكون التدخل لمواجهة أزمة الغش من الحكومة نفسها، وليس من مجموعة مسئولين بالوزارة فقط، وبالتالي من المرجح وبقوة، أن يشكل رئيس الوزراء ما يعرف ب"إدارة أزمة"، يكون أعضاؤها: وزراء الداخلية والاتصالات والتربية والتعليم، يرأسها المهندس إبراهيم محلب، على أن يكون ضمن تشكيل اللجنة، المسئولين عن جرائم الإنترنت وخلافه، مع ضم المسئولين عن الامتحانات بالوزارة أنفسهم، بحيث تتحد وأفكار وإجراءات مجموعة "إدارة الأزمة" في مواجهة هذه المشكلة، ويكون الجميع شريكا في الخروج بامتحانات الثانوية إلى بر الأمان، بدلا من أن تترك الحكومة وزارة التعليم وحدها في مواجهة ما لا ولن تستطع مواجهته، وفشلت بالفعل في مواجهته خلال العام الماضي. 2- تغليط العقوبة على الملاحظ، أو مراقب اللجنة التي يتم تسرب الامتحان من خلالها عبر "الهاتف المحمول" على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن المراقب إذا قام بدوره الحقيقي، دون إغفال أو تقصير داخل اللجنة، لما استطاع أي طالب أن يخرج الهاتف من ملابسه ويقوم بتصوير ورقة الأسئلة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي تمهيدا لحلها وإعادة نشر الإجابات من داخل اللجنة، ولكن إذا قامت الوزارة بوضع عقوبات صارمة، تهدد من خلالها المراقب الذي سيسمح بذلك- سهوا أو عمدا- سيكون مستقبله التعليمي في خطر، خاصة وأن العقوبة الموقعة على المراقب أو الملاحظ حاليا لا تتعد "أنه يحصل على جزاء يومين أو ثلاثة أيام" فقط، وهو ما لا يتناسب مع الغطأ الذي ارتكبه، أو تغاضى عن منع ارتكابه، خاصة وأن المراقب أو الملاحظ عندما يتأكد من أنه ينتظر عقوبة غليظة إذا حدث من لجنته أي تسرب، سيمنع ذلك أيا كان. 3- من المؤكد أن غلق صفحات الغش على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "تويتر" ليس بالأمر السهل، وحتى إن كان سهلا، فإمكان صاحب الصفحة إنشاء صفحات بديلة في دقائق معدودة، ولكن إن تم التوصل إلى إجراء "أمني أو إليكتروني" لغلق الصفحات، على أن يكون ذلك قبل بدء الامتحان مباشرة، ووقتها وحتى إن نشأت صفحات جديدة للغش فلن يتمكن الطلاب من الوصول إليها بسهولة. 4- البعض يقول: المراقب أو الملاحظ يتعرض للضرب من الطلاب وأولياء أمورهم إذا رفض السماح بالغش أو دخول الهاتف المحمول مع الطلاب، وهذا يحدث بالفعل، لكن حل هذه الأزمة يتمثل في أن تقدم وزارة التربية والتعليم قائمة بأماكن اللجان المعروفة إعلاميا ب"الساخنة" أو التي تشهد كل عام حوادث ضرب وعنف بسبب الغش، إلى وزارة الداخلية لتكثيف التواجد الشرطة أو العسكري أمامها طوال أيام الامتحانات، والمفترض أن يتم اتخاذ هذا التوجه من الحكومة نفسها، لأنه ليس من المنطقي عندما يمنع المراقب الغش، يكون مصيره الضرب، وربما القتل، خاصة وأن "التربية والتعليم" لديها بالفعل قائمة كاملة بهذه المدارس. ختاما لما سبق، لن تمر امتحانات الثانوية العامة بسلام كيفما تريد الدولة، إلا إذا تكاتفت جميع أجهزة الدولة "كيفما يريد الواقع"، فلا يمكن أن تكون الحكومة بمنأي عما يحدث، ولا يجب أن تضع وزارة التعليم في وجه المدفع وحدها دون تشكيل إدارة حكومية متكاملة من جميع الوزارات المعنية لمواجهة الأزمة.. ويبقى الختام والتحذير من بوابة الأهرام قبل فوات الأوان: وزارة التعليم قادمة على حرب إلكترونية لاتمتلك فيها أسلحة الانتصار، إما أن يقف الجميع محاربًا أو ترفع الوزارة الراية البيضاء مبكرًا.