إذا كانت الرياضة قائمة على المبادئ المثالية والروح الرياضية، فإن السياسة لا تعترف قط بالمشاعر أو الأخلاق العامة تطبيقا لمبدأ ميكيافلي "الغاية تبرر الوسيلة"، لذلك فإن مبدأ استغلال الفرص يدفع السياسيين إلى إقحام الرياضة، أو بالأدق كرة القدم في تحقيق هدف يصب في مصلحتها. وعلى جانب آخر، وفقا ل"العرب اللندنية"، يجذب بريق السياسة بعض الرياضيين لخوض التجربة، فيستغلون شهرتهم الرياضية في الفوز بمقعد في البرلمان، أو الانضمام إلى أحد الأحزاب السياسية، أو يكتفون بعلاقاتهم مع كبار رجال الدولة لخدمة أنديتهم. توفّر المكانة الرياضية لبعض الأشخاص، طرقا سهلة أمام عاشقي مقاعد البرلمان، وقد استغل بعض رجال الأعمال العلاقة الوطيدة مع رؤساء الأندية في الدعاية الانتخابية وتوزيع البرامج الانتخابية على الأعضاء، واستضافت أندية عدّة جلسات دعائية مصغرة. فقد أصبحت الرياضة مطمعا لهؤلاء السياسيين من أجل الوصول بأسرع الطرق وأضمنها إلى البرلمان. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية المصرية المزمع إجراؤها في مارس المقبل، أعلنت وجوه رياضية عديدة اليوم اعتزامها خوض انتخابات مجلس النواب، وفي مقدمتها، جمال علام، رئيس اتحاد كرة القدم الحالي، الذي يرى مراقبون أنّه يحاول استغلال منصبه للفوز بمقعد في البرلمان القادم، بعد أن كان اسما مغمورا لم يعطه منصبه السابق كرئيس لنادي الأقصر في صعيد مصر الشهرة التي يحظ ى بها الآن. جمال علام بادر بالإعلان عن نيته خوض الانتخابات البرلمانية عن حزب الاستقلال، وذلك في دائرته الانتخابية بالأقصر، بعد أن رفض رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، وجوده على قوائم الحزب الانتخابية. بعض أعضاء مجلس إدارة اتحاد كرة القدم المصري، قلدوا رئيسهم في هذه الخطوة، وفي مقدمتهم أحمد مجاهد رئيس لجنة شؤون اللاعبين، الذي أعلن عبر عدد من وسائل الإعلام عن نيته خوض السباق الانتخابي عن دائرة الحامول التابعة لمحافظة كفر الشيخ، لكنه في المقابل قال إنّه حتى الآن لم يتخذ قراره النهائي في ما يتعلق بهذه المسألة". مجاهد أوضح أنه ليس في حاجة إلى عضوية البرلمان من أجل غايات مادية أو مكانة اجتماعية أو بحث عن المجد، لكنه أراد فقط أن يخدم أبناء دائرته، وأن لديه رؤية مستقبلية لتحقيق أحلام البسطاء، وفق تعبيره، رافضا فكرة اتهام كل من يترشح إلى البرلمان من نجوم الرياضة بالبحث عن مجد أو شهرة، أو حتى استغلال المكانة للنجاح في الانتخابات، مشدّدا على أنّ الشعب المصري بات أكثر وعيا من ذي قبل، وليس من السهل خداعه. الخطوة نفسها اتخذها خالد لطيفّ، عضو اتحاد كرة القدم المصري، الذي قرر خوض غمار الانتخابات بعد دعوته إلى ذلك من قبل أهالي دائرته (العمرانية) التابعة لمحافظة الجيزة، وفق تعبيره. حيث قال إنّ الأمر لم يكن في حساباته، لكن عقب عرض الفكرة عليه من جانب شباب العمرانية، طلب منهم منحه فرصة للتفكير قبل الرّد"، لافتا إلى أنّ قرار الموافقة هو الأقرب. أما العميد ثروت سويلم، المدير التنفيذي لاتحاد الكرة، فقد نال ثقة حزب الوفد الذي وضع اسمه ضمن قوائمه الانتخابية عن إحدى دوائر محافظة الدقهلية، وكان سويلم استغل نفوذه في اتحاد الكرة واصطحب المنتخب الوطني لكرة الصالات إلى أهالي قريته كنوع من الدعاية الانتخابية. كما أنّ اللجنة العليا لحزب الوفد، لم تكتف بضم سويلم فقط (من بين الرياضيين) ضمن قوائمها، بل وقع الاختيار كذلك على سمير زاهر، رئيس اتحاد كرة القدم السابق وصاحب التجربة البرلمانية السابقة، وطاهر أبو زيد، وزير الرياضة السابق، الذي فشل في انتخابات 2010 عن دائرة شبرا بالقاهرة. دخول علام ولطيف وسويلم سباق الانتخابات البرلمانية بعد ظهورهم في الاتحاد المصري لكرة القدم للمرة الأولي، يؤكد أنهم وجدوا في الرياضة التي منحتهم الشهرة الإعلامية والجماهيرية، بوابة العبور إلى الساحة السياسية، وساروا على درب من سبقوهم باستغلال مناصبهم في الحملات الانتخابية.