"اليزيديون" واحدة من بين طوائف عديدة تنتشر بين ربوع أرض الرافدين، نالت شهرة كبيرة في الآونة الأخيرة بعد استهداف تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش" لمعقلهم التاريخي في الموصل وجبل سنجار، ما دفع الآلاف منهم للاعتصام برؤوس الجبال بالموصل دون طعام أو شراب، وقد طرحت الولاياتالمتحدة خيار توجيه ضربات عسكرية لإنقاذ الأقليات المضطهدة فى العراق. واليزيديون مجموعة بشرية اتخذت من العراق موطنًا منذ زمن بعيد، وتتوزع بعض جاليتهم في سوريا وتركيا وأرمينيا وصولًا إلى جورجيا، وهم يُعدون بمئات الآلاف وربما أقل. يدعى البعض أن تسميتهم منسوبة إلى الخليفة الأموي يزيد بن معاوية " 64ه" إلا أنّ هناك شكًا كبيرًا بذلك، حيث يرجع مؤرخو الأديان عقيدتهم إلى أصول غارقة في القدم مشتقة من يزد الفارسية. ويجمع اليزيديون بين العديد من المفارقات، فعلى الرغم من كونهم أكرادا، لكنهم مندمجون تماما في محيطهم العربي، ومع أنهم يعبدون الله الواحد، إلا إنهم يعبدون الشيطان خشية واتقاء لغضبه، وبرغم كونهم مسلمين أساسا إلا أنه يطلَق عليهم اسم "عبدة الشيطان" ، فهو بالنسبة لهم ملاك أو إله يحكم العالم اسمه "طاووس" أو "عزازيل"، ويسبغون عليه مظاهر التقديس لأنه – وبحسب زعمهم - الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره في حين نسيها الملائكة فسجدوا لآدم، وإن أمر السجود لآدم كان مجرد اختبار، وقد نجح إبليس في هذا الاختبار فهو بذلك أول الموحدين، وقد كافأه الله على ذلك بأن جعله طاووس الملائكة، ورئيسا عليهم . وينظر اليزيدون إلى إبليس باعتباره "القديس القوي" الذي تصدى للإله وتجرأ على رفض أوامره !!، ويمجدون بطولته في العصيان والتمرد!!، ويعتقدون أن " إبليس" لم يطرد من الجنة بل إنه نزل من أجل رعاية الطائفة اليزيدية على وجه الأرض!!، وقادهم اعتبار إبليس طاووس الملائكة إلى تقديس تمثال طاووس من النحاس على شكل ديك بحجم الكفِّ المضمومة وهم يطوفون بهذا التمثال على القرى لجمع أموال الزكاة. لليزيديين كتابان مقدسان: الجلوة لعدي بن مسافر، ومصحف رش أو المصحف الأسود الذي يتحدث بلسان الشيطان، والدخول فى العقيدة اليزيدية يتم بنطق شهادة "أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله"، أما الصلاة فقد اقتصروها على ليلة منتصف شعبان، ويزعمون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة، وصيامهم ثلاثة أيام من كل سنة في شهر ديسمبر وهي تصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية، كما يعتقدون أن القيامة والحشر سيكون بين يدى الشيخ عدى فى قرية باطط في جبل سنجار، حيث توضع الموازين بين يديه لحساب الناس، وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة. ويعتبر عدي بن مسافر (1163م )الشخصية الأهم لدى اليزيديين فهم يحجون إلى قبره سنوياً في مغارةٍ تقع في جبل لالش، وعدى هذا أحد أبناء البيت الأموى الذى يرى احقيتهم فى الخلافة ، وكان في مقدمة الهاربين من السلطة العباسية، رحل من لبنان إلى الحكارية من أعمال كردستان، ولقي الشيخ عبد القادر الجيلاني وأخذ عنه التصوف، وتوفي بعد حياة مدتها تسعون سنة ودفن في لالش في منطقة الشيخان في العراق. غير أن العقيدة اليزيدية قد اتخذت منحى أكثر تطرفاً بظهور شمس الدين أبو محمد المعروف بالشيخ حسن: المولود سنة 591ه /1154م وعلى يديه انحرفت الطائفة اليزيدية من حب عدي بن مسافر إلى تقديسه والشيطان معاً ، وتوفي سنة 644ه / 1246م بعد أن ألف كتاب الجلوة لأصحاب الخلوة وكتاب محك الإيمان وكتاب هداية الأصحاب. هذا المزيج الغريب من العقائد والممارسات جعلَهم عرضة للاضطهاد على مدى العصور مما دفعهم للعيش في جبال الموصل. واستطاع آخر رئيس للطائفة الأمير بايزيد الأموي أن يحصل على ترخيص بافتتاح مكتب للدعوة اليزيدية في بغداد سنة 1969م بشارع الرشيد بهدف إحياء عروبة الطائفة الأموية اليزيدية ووسيلتهم إلى ذلك نشر الدعوة القومية مدعمة بالحقائق الروحية والزمنية وشعارهم عرب أموي القومية، يزيديي العقيدة. ونستطيع أن نجمل القول بأن العقيدة اليزيدية قد مرت بعدة أدوار، فقد بدأت كحركة أموية سياسية تتبلور في حب يزيد بن معاوية ، ثم تحولت إلى طريقة عدوية أيام الشيخ عدي بن مسافر الأموي الذى أضاف إليها الكثير من الممارسات السياسية ، ظهور مؤلفات حسن اليزيدى التي يعمل بها اليزيديون حتى يومنا هذا.