نقلا عن : الاهرام 22/8/07 ستظل عملية التفجير والقتل التي تمت في قضاء سنجر شمال الموصل ضد أبناء الطائفة اليزيدية منتصف شهر أغسطس الحالي محفورة في ذاكرة العراقيين والعرب لزمن طويل ليس لأنه نتج عنها أكبر عدد من الضحايا في عملية واحدة منذ غزو العراق(800 قتيل و300 جريح حتي الآن و40 جثة أشلاء و35 منزلا تهدمت ودمرت بالكامل وعشرات المنازل أصيبت بتدمير جزئي). ليس هذا فقط ولكن لأنها تمثل نقلة نوعية وتطورا في عمليات القتل التي تتم في العراق, من حيث الفكرة والدافع, ولذا فقد هب أبناء المنطقة وأهل الضحايا لنكران ونفي أنهم يزيديون وقالوا إنهم أزديون فعلوا هذا لأنهم استشعروا الخطر والجحيم الذي سيفتح أبوابه لو أقروا أنهم يزيديون ولأنهم باطنيون آثروا أن يقولوا إنهم أزديون ديانة قديمة قبل ظهور الأديان. ونجمل قبل الايضاح, فاليزيدون فرقة منحرفة أنكرت ما هو معلوم من الدين بالضرورة وغيرت وحرفت وبالغت فألهت وبالتالي فقد يكتسب الفاعل تعاطفا وشعبية لأنه يدافع عن صحيح العقيدة أما وهم ازديون فهناك اجماع علي ادانة الفاعل لأنهم بذلك يكونون أتباع ديانة قديمة وحسابهم عند رب العالمين وليس لأحد عليهم سلطان أما الفاعل فرد أو تنظيم فقد فوض لنفسه سلطات ولي الأمر والحاكم فقد أصدر حكما وتولي تنفيذه وهذا طبيعي ومنطقي في ظل غياب القانون الذي هو في أبسط تعريفاته ضامن ومحدد سلوك الجماعات والأفراد في المجتمع. باطنية وإنكار فور وقوع التفجيرات انطلق محررو الأخبار والفضائيات في الاستماع لأهل المنطقة وشيوخها, الذين بادروا بالقول إنهم أزديون وإنهم أهل ديانة قديمة ويقولون إن شيخ شيوخهم هو عدي بن مسافر( مؤسس اليزيدية, كما سنري) ومن علمائهم صخر بن مسافر ابن عم عدي وشمس الدين أبومحمد وان كتابهم هو الجلوة لأصحاب الخلوة بالاضافة الي كتاب محك الإيمان وكتاب هداية الأصحاب وهذا كله هو صلب اعتقاد اليزيدين وانهم يلقبون إبليس عليه لعنة الله بالملاك الطاووس.. ولا يذكرون شيئا مخالفا لما عند اليزيديين إلا أنهم لا يؤلهون يزيدا ولا يقدسونه. هذه الباطنية مفهوم أسبابها كما أوضحنا والانكار لكي يطالبوا بعد ذلك بالحماية كأصحاب دين ومعتقد لأنهم لو قالوا انهم يزيديدون لاستحقوا العقاب فاليزيدية فرقة منحرفة نشأت بعد انهيار الدولة الأموية بدأت كحركة سياسية هدفها إعادة مجد بني أمية فعقب معركة الزاب شمال العراق والتي كانت معركة فاصلة أو معركة النهاية فر الأمير ابراهيم بن حرب بن خالد بن يزيد الي شمال الموصل وبدأ في جمع فلول الأمويين داعيا الي أحقية يزيد بن معاوية في الخلافة وان الإمام الحسين بن علي هو الذي ضلل الأمة عادت ظلال الفتنة الكبري مرة أخري خاصة أن العباسيين للدولة الجديدة) ينتهي نسبهم الي العباس بن عبدالمطلب والحسين هو ابن عمومة واختار الأمير ابراهيم منطقة شمال الموصل لأن أم آخر خلفاء بني أمية كانت كردية من هناك فأراد أن يستثير أخوال الخليفة المخلوع ولقرب المنطقة من الشام منطقة نفوذ بني أمية. ولخوفهم من بطش العباسيين ألزموا أنفسهم بالكتمان الباطنية ومع الوقت وعدم نجاحهم بدأوا بالاندماج في المنطقة وتأثروا بالميثولوجيا الدينية السائدة في المنطقة وثقافتها, خاصة المانوية والزرواشنية, الي أن ظهر فيهم عدي بن مسافر والذي لقبوه ب شرف الدين أبوالفضائل وهو ينتهي نسبه الي مروان بن الحكم والي المدينة الذي أخذ البيعة ليزيد بحد السيف وأهان آل البيت الكرام, انجاز عدي بن مسافر أنه حول الحركة الي طريقة دينية ومذهب, وصاحبه ابن أخيه صخر الشيخ أبوالبركات والمدفون مع عمه في منطقة لالش التي تبعد عنهم مسافة عشرة كيلومترات ثم جاء الشيخ شمس الدين أبومحمد المعروف بالشيخ حسن واختفي ست سنوات عاد بعدها بثلاثة كتب هي التي أخرجت هذه الفرقة عن صحيح العقيدة كتبه الثلاثة هي الجلوة لأصحاب الخلوة ومحك الإيمان وهداية الأصحاب وأدخل اسمه في صيغة الشهادة ودعا الي تقديس ابليس عليه لعنة الله الي يوم الدين وطمس الآيات الموجودة بالقرآن الكريم التي تروي قصة ابليس وطرده من رحمة الله ومن الجنة. ويقولون إن ابليس لم يطرد ولكنه هبط الي الأرض لرعايتهم( هكذا) وهم يصومون ثلاثة أيام فقط في العام وهي التي توافق ذكري ميلاد يزيد واستنكروا كل ما كان يقال عن يزيد عن فسقه واستحلاله دم آل البيت وزعموا أنه سيعود ليعاقب كل من افتري عليه, ويعتقدون في تناسخ الأرواح والحلول وتجمع الزكاة وتسلم لشيخ الطائفة يتصرف فيها كيف شاء وحجهم ووقفتهم علي عرفات يوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم العيد عند كل المسلمين ولكنهم لا يذهبون الي مكة ويقفون علي جبل لديهم في مرج يسمونه المرج النوراني بمنطقة لالش ويبيحون تعدد الزوجات حتي ست وليس أربع والمحرمات لديهم لا تقل خرافة وعبثا فهم يحرمون قص الشارب وأكل الخس والكرنب والقرع والفاصوليا ولحم الديك ولحم الطاووس ولحوم الدجاج والسمك والغزلان والطير ولأن ابليس هو الملاك الطاووس فلا يرتدي أحد لونا من شبيهه علي الأرض واذا رسمت دائرة علي الأرض حول يزيدي فإنه لا يخرج من هذه الدائرة حتي تمحو أنت وليس هو قسما منها, وشاعت عنهم نكتة شهيرة عن رجل رسم دائرة حول يزيدي واغتصب أهل بيته واليزيدي داخل الدائرة لا يفعل شيئا سوي السباب ولهم أعيادهم الخاصة منها ليلة تسمي ليلة السواد( شفرشك) يطفئون الأنوار ويشربون الخمر ويستحلون المحارم. هذا القتل هذه التفاصيل عن معتقداتهم يعرفها الكثيرون وأوردها كارل بروكلمان في سفره الضخم عن الفرق والطوائف وأحمد تيمور باشا والريحاني وكثير من الراصدين للملل والنحل ويعرفها من يعرف العراق وأهلها فقد كان لليزيديين ولم يزل مكتب للدعوة في شارع الرشيد افتتح عام1969, وهذه المعتقدات وحرامهم وحلالهم يفضح ويؤكد أنهم فرقة منحرفة ضالة وعقابهم معروف لأئمة الشرع والفقه في من يجترئ علي كلام الله في كتابه وعلي صحيح الدين ومن هنا جاء نكرانهم وزعمهم أنهم أزديون وليسوا يزيديين كي يزعموا أنهم لا يستحقون عقابا ولكن الخطير في الأمر أن من نصب نفسه وليا ومراقبا فيقتل ويقيم الحد دون ولاية أو رقيب آخر لأنه أفطر في رمضان ويستبيح ثالث لأنه سمع أنه يعاقر الخمر ويدين رابع لأنه يشك في صحة ايمانه وسلامة عقيدته محاكم تفتيش جديدة عمدت وجودها بالدم والنار بتفجيراتهم هذه حتي وإن كانت ضد فرقة منحرفة ضالة لا خلاف علي خروجها عن صحيح العقيدة ولا أحد يعرف كيف ستنتهي هذه الفوضي أو الي أين سيأخذنا هذا التطور النوعي الجديد في أسباب ودوافع القتل.