قبل أقل من 48ساعة على موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، لا يزال الجدل السياسى دائرا بين الموافقة على التعديلات ورفضها والرغبة فى الحفاظ على الثورة ومطالبها وعدم الإقدام على موقف من شأنه الرجوع الى الوراء مئات الخطوات، ورغبة أخرى فى الوصول بمصر إلى بر الأمان والتمتع بالاستقرار. "نعم" و "لا" هما الكلمتان الأكثر شيوعا هذه الأيام بين جموع المصريين. هذاالجدل الصاخب يبدو خافتا وربما غير موجود بين صفوف النخبة من مثقفين ومحللين سياسيين وأساتذة جامعات، فالموقف واحد والإجابة واحدة على الاستفتاء "لا" دون وجود أى إمكانية للتراجع عن هذا الموقف والهدف "مصلحة مصر" التى يتفق عليها الجميع حتى وإن اختلفت المبررات. الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أكّد أن الصورة واضحة ومحصورة بين اتجاهين، والرفض هو الشائع، حيث إن الأغلبية ترفض التعديلات مع وجود تخوّف من تعارضها مع الثورة وتطالب بوضع دستور جديد. أوضح زهران أن الموافقين على التعديلات الدستورية مثل جماعة الإخوان المسلمين، لهم مصلحة سياسية واضحة واصفا ذلك الموقف ب "الردة عن الإصلاح" وأنهم لا يمثلون أغلبية المجتمع المصرى مشيرا إلى أن أحد أعضاء اللجنة التى قامت بالتعديلات ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. استنكر زهران قيام كل من المستشار طارق البشرى رئيس اللجنة المشرفة على التعديلات الدستورية والمستشار عاطف البنا العضو باللجنة وأستاذ القانون الدستورى، باتهام الرافضين للتعديلات الدستورية بعدم الديمقراطية وهو الأمر الذى يثبتا به عدم رؤيتهما للرأى الآخر. شدّد زهران على ضرورة وجود بيان دستورى، يعبّر عن الحريات وسلطة القضاء وإلغاء مجلس الشورى وكوتة المرأة مؤكداأننا بحاجة إلى مجلس رئاسى حتى لا يستمر الجيش فى السلطة. وأضاف "نريد تفكيك جهاز أمن الدولة وأن يتحول إلى جهاز للمعلومات والتحريات يتبع مجلس الدفاع الوطنى التابع لوزارة الداخلية، ونريد أيضا محاكمة كل القائمين على المجالس المحلية ومحاسبتهم". ووصف الدكتور جمال زهران إجراءاستفتاء على التعديلات الدستورية والقبول بها ب "الجريمة فى حق الثورة وتخلى عنها". لم يختلف موقف الدكتور جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس عن زهران، فالاثنان متفقان على رفض التعديلات. وهو ما برره سلامة قائلا "من حيث المبدأ البنود التى يجب التعديل فيها مصاغة بشكل جيد ولكن ما الداعى لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية يستمران لفترة مؤقتة، ثم يتم وضع دستور جديد، مؤكدا أن الحالة الأمنية فى مصر لا تسمح بذلك، مع الإشارة الى أن الهدف من التعديلات إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بصورة مؤقتة ومن ثم الدعوة الى انتخابات جديدة. أوضح سلامة قائلا "محدش عنده استعداد لإجراء انتخابات عاجلة، غير المستفيدين منها وهم من يملكون أموالا لإنفاقها على الانتخابات". وأضاف "نحن نريد دستورا جديدا يسيّر البلاد بصفة دائمة لكى يعم الاستقرار فى البلاد، ووضع دستور جديد سيستغرق ما بين 3 و 6 أشهر ولن يكون بمعزل عن الدساتير الأخرى". عبد الغفار شكر الكاتب والسياسى، رأى أن الموقف من التعديلات سواء بالرفض أو الموافقة هو طبيعة المرحلة الانتقالية التى نمر بها الآن، المرحلة التى نسعى فيها للقضاء على كل ما يمُّت بصلة للنظام القديم الذى تم إسقاطه، سواء أكان ذلك دستور أو رموز للنظام السابق. أكد شكر أن القوى التى تتعجّل الموافقة على التعديلات الدستورية لا تخرج بين فئتين: التيارات الإسلامية لرؤيتها أن كل الأحزاب القديمة التى كانت محاصرة من قبل النظام السابق أوالأحزاب الجديدة التى يتم إنشاؤها لن يكونا قادرين على اجتياز تجربة الانتخابات حاليا. والفئة الثانية، تتمثل فى بقايا الحزب الوطنى الذين يريدون قطع الطريق على تبلور دستور جديد. وأوضح شكر أنه لابد من وجود مجلس رئاسى وحكومة انتقالية يديرون البلد لفترة، وخلال هذه الفترة يتم عمل جمعية تأسيسية تضع دستورا جديدا للبلاد ويُستفتى على الدستور. حذر المفكر السياسى عبد الغفار شكر من دخول دوامة الانتخابات لمدة 8 أشهر فى حالة القبول بالتعديلات الحالية، وهى العملية التى وصفها ب "المزدوجة" والتى ستؤدى إلى وجود حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. وبالنسبة لوضع دستور جديد، أشار شكر إلي أن الأمر لن يستغرق 3 أشهر وشهر واحد للاستفتاء عليه.