أكد أحمد قريع، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شئون القدس، أن المرحلة القادمة ستكون حرجة للغاية فى تاريخ القضية الوطنية الفلسطينية وأن قرار العودة للمفاوضات فى الوقت الراهن، خطوة لابد منها فى ظل التوترات الشديدة التى تشهدها المنطقة. وقال قريع فى تصريحات خاصة لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله اليوم الثلاثاء: إن "خوض المفاوضات هو إحدى الوسائل التى يجب اللجوء إليها من أجل استمرار الشعب الفلسطينى فى نضاله لتحقيق حقوقه الوطنية المشروعة فى إقامة الدول الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية"، مشيرًا إلى أن خوض المفاوضات فى الوقت الراهن يجب أن يكون له أساس ومرجعية فى ظل التجربة الفلسطينية فى خوض مسار المفاوضات على مدار العشرين عاما الماضية". وأكد أنه لا يشعر بالتفاؤل إزاء استئناف المفاوضات نظرا لما تقوم به إسرائيل من تطورات سريعة ومتطورة على الأرض وبشكل غير مسبوق، فالنشاط الاستيطانى يزداد توسعا يوما بعد يوم مما يهدد بتآكل حل الدولتين، مشددًا على أن هذا الأمر سيكون له تبعات خطيرة للغاية على الصعيد الداخلى فى القيادة الفلسطينية وكذلك مستقبل القضية الفلسطينية. وأعرب قريع عن أمله فى أن يقوم الجانب الأمريكى بممارسة دوره بحياديه تامة وبدون الضغط على الجانب الفلسطينى للتنازل عن أى من أساسيات العملية التفاوضية التى يحتاجها استئناف المفاوضات، حيث جرت العادة أن يتم الضغط على الجانب الأضعف دائما وهو الجانب الفلسطينى. وردا على سؤال حول أن القيادة الفلسطينية اتخذت قرار صعبا بالبدء فى خطوات لاستئناف المفاوضات ومدى صحة هذا القرار فى الوقت الراهن، قال قريع، وهو الذى اشتهر بلقب مهندس اتفاقية اوسلو لعام 1993: إن "خوض المفاوضات هو إحدى وسائل تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطينى، فنحن لنا حقوق وطنية مشروعة متعارف عليها على عالميا أقرها المجتمع الدولى والأمم المتحدة.. فنحن لنا حقوق فى تقرير مصيرنا وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وحق اللاجئين بالعودة.. لذلك، فآليات استعادة هذه الحقوق تشمل المفاوضات، والكفاح المسلح، والمقاومة الشعبية والمقاومة السلمية والذهاب للمجتمع الدولى ومؤسساته والأمم المتحدة هو أيضا إحدى الوسائل لنيل حقوقنا. ولذلك، فنحن يجب أن لا نغلق أى طريق يؤدى إلى تحقيق حقوقنا، ما دام هناك أمل". وأضاف "فى الوقت الراهن، فمن المهم للغاية أن نضع أسسا لهذه المفاوضات وهى إطلاق سراح الأسرى ووقف الاستيطان والالتزام بحدود 67، لأننا لا نريد بعد تجربة 20 عاما من المفاوضات والتوقف عن المفاوضات، والذهاب إلى المفاوضات ومن ثم فشلها، وغيرها من المحطات المختلفة التى مرت علينا منذ بدأت هذه العملية فى عام 1991 بمؤتمر مدريد.. فهذه المحطات تسببت فى ازدياد الشعور بالإحباط بين أبناء الشعب الفلسطينى من جدوى هذه المفاوضات". أما بالنسبة للعودة للمفاوضات، قال قريع إن "الجهود التى قام بها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى حتى الآن لا تتجاوز جهود قبول الطرفين للعودة للتفاوض بدون تحديد مرجعية من شأنها أن تأتى بنتيجة، ولذلك فبسبب وجود ضغوط أمريكية وتدخلات أوروبية ونصائح من دول عربية شقيقة .. فقد قبلت القيادة الفلسطينية أن نذهب إلى هذه المفاوضات". وأضاف قريع أنه "من المهم الان ان تكون المفاوضات على أساس. ومن أجل ذلك سيكون هناك لقاء فى واشنطن بين الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى للبحث فى هذه الاسس. وإذا تمت الاستجابة لمتطلبات نجاح المفاوضات، فنحن سنفاوض. وإذا لم يتم الاستجابة لتأسيس مرجعية للمفاوضات، فنحن لن نكون كمن يحرث فى البحر، وخاصة بعد عشرين عاما من هذه التجربة". وحول الأنباء التى تداولت عن تقديم كيرى ضمانات للرئيس محمود عباس (أبو مازن) لحثه على العودة للمفاوضات وهل تم مناقشة هذه الضمانات ضمن اجتماع القيادة الفلسطينية الذى تم خلاله اتخاذ هذا القرار المهم، قال قريع: "لقاء القيادة الفلسطينية، الذى عقد بعد اجتماع كيرى الأول بالرئيس عباس فى عمان، اتسمت أجواؤه بالتوتر الشديد، وقد سألت الأخ أبو مازن، هل هناك ضمانات تقدم بها كيرى؟ فلم يؤكد أبو مازن على ذلك". وأعرب قريع عن اعتقاده بأنه ليس هناك من ضمانات وليست لديه أية معلومات إذا كان كيرى قد أعطى ضمانات أم لا. وأضاف "الضمانات التى نريدها أن يكون هناك مرجعية تقود هذه المفاوضات إلى النجاح، فنحن تفاوضنا فى محطات عديدة جدا منذ عام 1991 فى مدريد إلى أوسلو فى 1993 إلى شرم الشيخ وواشنطن وواى ريفر وكامب ديفيد وأنابوليس وغيرها، ومرت فترات انقطاع طويلة عن المفاوضات حيث احتل رئيس الوزراء الإسرائيلى أريل شارون بعد الانتفاضة الأولى كامل الضفة الغربية فى 2002 وتجمدت المفاوضات لمدة حوالى 7 سنوات، واستؤنفت لفترة قصيرة ثم تجمدت، ثم ذهبنا لانابولس ثم عقد ما يسمى بالمفاوضات الاستكشافية بعد ذلك والتى كانت لا معنى لها ولم تأت بنتيجة". وأعرب عن تمنيه بأن تكون المحطة الراهنة تتسم بنضج كافٍ لجميع الأطراف وخاصة الإدارة الأمريكية لكى تحقق الوصول إلى اتفاق".