لا حديث في وسائل الإعلام الإسرائيلية الصادرة اليوم إلا عن الوثائق التي نشرتها قناة الجزيرة، والتي كشفت عن استعداد السلطة الفلسطينية للتنازل عن الكثير من الثوابت السياسية من أجل الوصول إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل. ومن أبرز هذه التنازلات الموافقة على بقاء المستوطنات في القدس دون إزالة ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، وقصر العودة على عدد محدود من اللاجئين والأخطر من كل هذا موافقة السلطة الفلسطينية على تواجد المستوطنين اليهود في الدولة الفلسطينية المستقبلية وتشبيه أوضاعهم بوضع العرب ممن يعيشون في إسرائيل منذ عام 1948 حتى الآن، وقول المفاوض الفلسطيني أحمد قريع بأن المستوطنين أخوة له ولا مانع في وجودهم بالدولة الفلسطينية. بداية تشير صحيفة إسرائيل اليوم في افتتاحيتها السياسية اليوم إلى أن الأزمة الحقيقية التي من المتوقع أن تفجرها هذه الوثائق أنها كشفت أن السلطة وافقت على استهداف الجيش الإسرائيلي لعدد من القيادات الحمساوية أو قيادات الجهاد الإسلامي سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، والأخطر من هذا أن السلطة الفلسطينية قدمت وئائق ومعلومات عن هذه القيادات، الأمر الذي سيجعل ما أسمته الصحيفة بإرث الدم والثأر يسيطران على تعامل الفصائل الفلسطينية مع بعضها البعض، خاصة وأن عائلات الشهداء الذين استهدفتهم إسرائيل سيرون الآن أن فتح باتت شريكة في هذه الجريمة ويجب الانتقام منها. من جانبها تشير صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن هذه الوثائق لن تضر فقط بعباس ولكنها ستدعم موقف كل من القيادي الفتحاوي محمد دحلان من جهة أو حركة حماس من جهة أخرى. وتقول الصحيفة إن دحلان كان على وشك الاعتقال أو السجن بسبب قرار اللجنة التي شكلتها السلطة الفلسطينية للتحقيق معه والذي كان سيصدر في نهاية الشهر الجاري، إلا أن تسريب هذه الوثائق الآن سيجعل الفلسطينيون منشغلون الآن فقط بالحديث عنها والدفاع عنهم ضد ما جاء بها وتجميد عمل اللجنة حتى إشعار أخر. المثير للانتباه أن التليفزيون الإسرائيلي أشار إلى أن جميع المتورطين في هذه الفضيحة هم من أعداء دحلان والذي أتهمهم في إطار التحقيق الذي أجرته معه هذه اللجنة بأنهم باعوا القضية الفلسطينية وأن سبب الأزمة التي يتعرض لها هو رغبة هؤلاء المسئولون في التخلص منه لرفضه هذه التنازلات، ليتحول دحلان إلى بطل محارب للفساد بعد أن كان بعض من الفلسطينيين يتهمونه بأنه من أكبر الداعمين للفساد في السلطة الفلسطينية. أما بالنسبة لحركة حماس فإن الكثير من الفلسطينيين باتوا مقتنعين بفشلها سواء في إدارة الحياة في غزة التي تتزايد صعوبة كل يوم أو في التعامل مع ملف الأسرى الذي تديره القيادات الحمساوية الخارجية، وبالتالي انهارت شعبيتها. إلا أن الكشف عن هذه الوثائق سيؤدي إلى إعادة الفلسطينيين لنظرتهم لحماس وسيجعلهم يقدرونها لأنها في النهاية ليست بالفصيل الذي يتنازل عن ثوابت القضية الفلسطينية. من جانبها، تشير صحيفة معاريف إلى أن المتضرر الأكبر من هذه الوثائق هو الرئيس محمود عباس أبو مازن الذي بات يقارن الآن بالرئيس عرفات الذي شاب عهده الكثير من الأزمات السياسية أما نتيجة الاحتلال أو بسبب الخلافات الفلسطينية، غير أنه كان مدافعا شرسا عن الحقوق الفلسطينية في تفاوضه مع الكثير من القادة الإسرائيليين سواء أن كان رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين أو الأسبق ايهود باراك. وإلى قضية السفينة مرمرة، حيث كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن حالة الرضا الكبيرة التي سيطرت على كبار المسئولين بسبب قرار لجنة التحقيق في حادث الاعتداء على السفينة التركية مرمرة التي حاولت كسر الحصار على غزة والتي أشادت بعمل الجيش . وقالت الصحيفة أن اللجنة تنوي بجانب إشادتها بهذا القرار منع عضوة الكنيست العربية حنين زعبي من خوض الانتخابات المقبلة بسبب اشتراكها في رحلة السفينة مرمرة إلى قطاع غزة . وأضافت أن تقرير اللجنة أكد أن القافلة كانت عملا عسكريًا موجهًا ضد إسرائيل، وبموجب قانون الكنيست لا يمكن لمن أيد نضالا مسلحًا لمنظمة إرهابية ،على حد وصفها ،أن يترشح للكنيست. ومن هذا الموضوع إلى صحيفة هاآرتس التي أبرزت قرار وزارة البنية التحتية عدم التعاقد في المستقبل مع أي شركة إسرائيلية تشارك في إقامة مدينة روابي الفلسطينية قرب رام الله، وهي المدينة التى تقام بدعم قطري. وقالت الصحيفة أن قرار الوزارة تمَّ اتخاذه بعد أن تعهدت هذه الشركات للمسئولين الفلسطينيين بعدم جلب المواد الخام اللازمة لبناء المدينة من المستوطنات، الأمر الذي سيسبب خسارة كبيرة لهذه المستوطنات، وهو ما دفع بوزارة البنية التحتية إلى اتخاذ هذا القرار.