يبدو أن الرباعية الدولية تتأهب للعب دور فى عملية السلام المجمدة، خلال جولة الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف إلى إسرائيل والأراضى الفلسطينية، ومنها اليوم إلى العاصمة الأردنية عمان حيث يلتقى العاهل الأردنى الملك عبد الله بن الحسين. حراك يجرى التركيز عليه من قبل أحد قادة الرباعية الدولية المرتقب اجتماعها فى ميونيخ الشهر المقبل ، ويتوازى مع حراك فلسطينى فى اتجاهين يسابقان الزمن، أولهما الحصول على مزيد من الاعتراف من جانب دول أمريكا اللاتينية بالدولة الفلسطينة ، وهو ما أثنى عليه الرئيس الروسى.. موضحا أن الاتحاد السوفيتى السابق قد سبق باعتراف مماثل فى عام 1988، والآخر حراك باتجاه مجلس الأمن لانتزاع اعتراف منه بدولة فلسطينية على أساس حدود عام 67. لكن فى ظل تعدد تلك المسارات ، هل يمكن أن ينتج الحراك الدولى والفلسطينى جديدا ، فى مرحلة ما تسمى المفاوضات الموازية ؟ الخريطة الآن لتلك المسارات يتصدرها الموقف الأمريكى رغم ذلك الحراك الروسى، كما يقول د. طارق فهمى رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية فى المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط ل"بوابة الأهرام" الذى يوضح أن الجانب الفلسطينى ارتضى حلا توافقيا، بتأجيل موعد إعلان سلام فياض المرتقب فى أغسطس المقبل، وتلك التحركات الموازية فى مجلس الأمن فى مقابل الحصول على مدار زمنى مباشر من الإدارة الأمريكية يتجلى فى الإجابة عن 7 أسئلة رئيسية ، على طريقة سؤال وجواب ، تبدأ بالاستيطان وتعول على بقية القضايا الرئيسية الأخرى المرتبطة بالحدود وحقوق اللاجئين وحق العودة .. إلخ. يضيف فهمى أن الجانب الأمريكى أشار إلى أن ثمة تغييرات تطرأ على الجانب الإسرائيلى وأن الطرف الفلسطينى عليه أن يتريث ريثما التطرق إلى ما ستسفر عنه الأوضاع. وعليه يبقى الفلسطينيون فى مربع الخطوة المقبلة من الجانب الأمريكى ، خاصة بعد رفض ما يمكن تسميته "أسلو 3 " كما يضيف فهمى، واعتماد صفقة حوافز جديدة مقابل تأجيل الإعلان عن مشروع الدولة قد يتضح فى صرف الأموال المجمدة للسلطة الفلسطينية، والقبول بتولى إدارة مناطق " ج "، واستمرار دعم مشروعات بنية تحتية فلسطينية مثل مشروع "روابى". إلا أن هذا التوافق لم يجعل الفلسطينيين يتخلون عن تفعيل مسارات موازية لهم أيضاً ، تتعلق بإدانة التغلغل الاستيطانى الإسرائيلى الذى يلتهم الأراضى الفلسطينية ، خاصة بعد خسارة تلك الورقة فى مرحلتى المفاوضات ، وبوعز أمريكى. فى هذا السياق يؤكد د. نبيل شعث عضو لجنة المفاوضات فى تصريح خاص ل"بوابة الأهرام "أنه تم الانتهاء من تعميم الورقة الفلسطينية الخاصة بالتوجه إلى مجلس الأمن للحصول على قرار أممى بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 67، وأن كل المندوبين تلسموا نسخة من المشروع، ولم يعد باقيا سوى تحديد توقيت الجلسة من جانب رئيس مجلس الأمن. لكن تلك التصريحات عرقلت الطموح حول ما يمكن أن تسفر عنه من نتائج ملموسة وهى تصريحات متزامنة المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، والذى كرر موقف واشنطن بأنها تعارض التوجه الفلسطينى إلى مجلس الأمن الدولى . الأمر الذى جعل الجانب الفلسطينى يستشيط غضبا، ورد شعث: "الصيغة التى ستقدم إلى مجلس الأمن وقد سلمناها بالفعل ، ولم يعد متبقيا سوى تحديد الموعد أقرب إلى كلام الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى أكثر من خطاب له ، لماذا يعارضوننا ويحبطوننا الآن ؟ . كراولى الذى دعا إلى العودة إلى مسار المفاوضات مجددا لحل معضلات الملفات الرئيسية وفى مقدمتها الاستيطان اكتفى بالتأكيد على أنها قضايا معقدة ولا يمكن حلها إلا من خلال عودة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى مسار المفاوضات المباشرة، لكن كيف سيعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات بعد الوعود المتكررة للإدارة الأمريكية كما يقول شعث متسائلا. فى مشهد المخاض من جانب آخر، تعرقل دول عربية البدائل الفلسطينية خشية غضب واشنطن ، وهو إحباط جعل السلطة الفلسطينية تتصب عرقا أمام الحراك الروسى ، حيث أفاد شعث بأن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أبلغ فريق السلطة الذى يدير الملف ومن بينهم شعث بأن هناك دولا عربية، لا تؤيد المشروع دون أن يكشف شعث عن تلك الدول، لكنه أبدى امتعاضا من موقفها، وقال: " لا أعراف لماذا تتراجع الدول العربية بعد هذا المجهود، إنهم ليسوا معنا بحجة أن التوقيت غير ملائم ، وأنهم لا يخشون من غضب الإدارة الأمريكية ". لم يستثن صراحة إلا الموقف المصرى الذى يؤيد ويدعم تلك التحركات فقال: " أحمد أبو الغيط وزير الخارجية يعمل معنا ". تابع: لكننى لا أفهم هذا الموقف الغريب من الدول العربية على الرغم من أن صياغتنا أقرب لكلام الرئيس الأمريكى باراك أوباما حول رؤيته للحل. بشكل آخر حاولت التسريبات الإسرائيلية أن تبيض وجه تلك الدول ، حيث نقلت إذاعة صوت إسرائيل، أن عدة دول – لم تسمها - أبلغت الجانب الفلسطيني بضرورة تأجيل النقاش فى مجلس الأمن الدولى حول مشروع القرار الداعى إلى إدانة إسرائيل على خلفية البناء الاستيطاني وذلك لحين استنفاد المساعي لإقناع الإدارة الأمريكية بالتصويت إلى جانب الاقتراح أو عوضا عن ذلك بالامتناع عن ممارسة حق النقض الفيتو لإحباط مشروع هذا القرار. وأضافت أن النص سيعمم لكنه قد يناقش بعد اجتماع ميونيخ.