لعبت وزارة الداخلية دورًا كبيرًا خلال ال 15 عامًا الأخيرة في عصر مبارك، لتحويل النظام الأمني من خدمة المجتمع والشعب إلي تمكين النظام بالتمهيد إلي التوريث من خلال الدولة البوليسية، وهو الدور الذي قام به اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق. وكانت معاملة رجال الأمن السيئة للشعب أحد أسباب قيام ثورة 25 يناير، حتى انهار النظام الأمني في 28 يناير 2011، وانسحب رجال الأمن تمامًا وسادت حالة الانفلات الأمني وتم فتح السجون. ومنذ قيام الثورة وحتي الآن، تم تغيير 5 وزراء للداخلية في وجود 4 رؤساء لمجلس الوزراء، لم يحقق أي منهم تطلعات الشعب المصري في دولة أمنية، تكرس لحقوق المواطن وترفع شعار "الشرطة في خدمة الشعب"، ودخلت الوزارة خلال العامين الماضين في عدة مواجهات مع الشعب، راح ضحيتها العشرات وأصيب المئات في عدة أحداث متلاحقة إبان أحداث الثورة، وآخرهم الأحداث الجارية التي نشبت مع الذكري الثانية للثورة، بالإضافة إلي اقتراب النطق بالحكم في قضية "مذبحة بورسعيد"، الأمر الذي يضع اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الحالي وخامس وزراء الداخلية بعد الثورة، في اختبار حقيقي في تخطي الذكري الثانية للثورة، وامتصاص الغضب الجماهيري، وتثبيت أقدام رجال الشرطة التي مازالت مهتزة إلي الآن. وخلال السطور المقبلة نعرض التغييرات الوزراية التي حدثت في وزارة الداخلية خلال العامين الماضيين. جاء اللواء محمود وجدي أول وزير داخلية بعد أحداث الثورة، والذي قرر الرئيس السابق حسنى مبارك تعيينه وزيرا للداخلية، خلفًا للواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، بعد 14 عاما من تولى العادلى منصب وزير الداخلية، والذي تولاها عام 1997، وجاء منصب وجدي أثناء أحداث الثورة، في غياب تام لدور الأمن بعد انسحابهم أثناء الثورة. وتمت إقالة وجدي لفشله في فرض الأمن وإعادة السيطرة علي حالة الانفلات الأمني عقب أحداث الثورة، حيث كانت الحالة الأمنية في مصر غير منضبطة منذ اختفاء قوات الشرطة من الشوارع في 28 يناير 2011 عقب اندلاع ثورة 25 يناير. بعدها تم تعيين اللواء عيسوي وزيراً للداخلية في الساعات الأولى من يوم الأحد 6 مارس 2011 في وزارة عصام شرف بدلًا من الوزير السابق اللواء محمود وجدي، ووعد عيسوي فور توليه مهام منصبه الجديد بالسعي بكل الجد لاستعادة واستتباب الأمن بالبلاد، والعمل على تحسين صورة جهاز الشرطة، ودفع الجهاز لحسن معاملة المواطنين، وإعادة الثقة بين الشرطة والشعب، وتقليص دور جهاز أمن الدولة. وأصدر عيسوي وهو وزير للداخلية قراراً في 15 مارس 2011 بإلغاء مباحث أمن الدولة بكل إداراتها ومكاتبها في كل محافظات مصر وعوضت ب"جهاز الأمن الوطني" (وهو قسم من أقسام الداخلية) الذي سيختص بالحفاظ على الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب دون التدخل في حياة المواطنين. وتمت إقالة العيسوي بعد مطالب المواطنين بتعين آخر بدلًا منه، لتردى الأوضاع الأمنية فى مصر فى ظل انتشار الاسلحة المسروقة من الأقسام منذ ثورة يناير، وعدم اتخاذ وزارة الداخلية لأى إجراء يضمن ضبط أمن الشارع المصري، وهو ما ينذر بحدوث كوارث قد تمتد إلى كل أنحاء المحافظات وإمكانية حدوث حرب أهلية. تم تعيين اللواء محمد إبراهيم خلفًا للواء عيسوي، في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، خلفًا للواء عيسوي، وقد شغل عدة مناصب في الوزارة، ويعتبر مهندس عملية الإجلاء القصرى للمعتصمين من اللاجئين السودانيين في حديقة شارع مصطفى محمود، وهو ما تسبب في مقتل عدد كبير منهم، تقلد بعدها منصب مساعد الوزير للشئون الاقتصادية، وخرج علي المعاش قبل الثورة. وقد توترت الأحداث السياسية أثناء توليه منصب الوزير، ووقعت أحداث محمد محمود والتي راح ضحيتها عشرات ومئات من المصابين، الأمر الذي أدي إلي استجوابه في مجلس الشعب، واستمر في منصبه حتى تم انتخاب رئيس جمهورية للبلاد. ثم تولي اللواء أحمد جمال الدين منصب وزير الداخلية خلفًا للواء محمد إبراهيم، في حكومة الدكتور هشام قنديل وهي أول حكومة تم تعيينها من قبل رئيس منتخب، وكان جمال الدين مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن، وقد شغل منصب مدير الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام في 2004، وكان له دور بارز في مكافحة بؤر الإجرام بخاصة أحداث قرية النخيلة بمحافظة أسيوط. ثم تمت إقالته في التغيير الوزاري الأخير، وتردد أن السبب وراء إقالته هو رفضه استعمال القوة مع المعتصمين أمام قصر الاتحادية، وهو القرار الذي لم يعلن عن سببه رسميا حتى الآن من الرئيس محمد مرسى أو الدكتور هشام قنديل، بينما تم تداوله فى شبكات ومواقع التواصل الاجتماعى الفيسبوك واليوتيوب وتويتر. وتولي اللواء محمد إبراهيم الحالي وزيرًا للداخلية، والذي شغل منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع مصلحة السجون، والذي يحاول فرض السيطرة الأمنية، وإعادة الانضباط إلي الشارع المصري، والقضاء علي حالة الانفلات الأمني. ويواجه الوزير الحالي اختبارًا صعبًا مع الذكري الثاني لثورة 25 يناير، وكيف سيتعامل مع المتظاهرين وتأمين المنشآت العامة، في ظل بعض التحذيرات لوقوع اشتباكات مع المتظاهرين، خاصة أعضاء فريق الالتراس الأهلاوي، الذين بدأوا بالفعل في تنظيم عدة وقفات احتجاجية لعدم القصاص لأصدقائهم في مجزرة بورسعيد، وهي القضية التي تنطق بالحكم فيها السبت المقبل.