ميشيل ومحمود قصة تستحق أن تروى، بعيدا عن الشعارات التي يتداولها الإعلام، وهي قصة نسيج واحد يجمع شابا مسلما وصديقه المسيحي في مدينة المنصورة، حين وقف محمود يحرس صديقه وهو يصلي في الكنيسة، ليستشعر بعضا من فرحة العيد التي كادت أن تغيض بسبب حادث التفجير الذي وقع بالإسكندرية، أمام كنيسة القديسين. كانت الأجواء مشحونة والكل يترقب المجهول بعد نشر اسم كنيسة العذراء بمنطقة توريل بالمنصورة على قوائم الكنائس المستهدفة في مصر من قبل المواقع الجهادية فحاصرت قوات الأمن كافة الكنائس بمدينة المنصورة، وكان للشباب المسلم المصري رأى آخر حيث فضل أن يحتفل أصدقاؤهم المسيحيون داخل الكنائس ويحمون هم بأجسادهم مداخل ومخارج تلك الكنائس فوقف محمد ومحمود وإبراهيم وعبد الله يطمئنون أصدقاءهم وزملاءهم سواء في الجامعة أو في العمل أو حتى رفقاء الجيرة ويقولون نحن في الخارج فلتحتفلوا كما يحلو لكم ونحن نفتديكم وسنتلقى نحن التهديدات هكذا كانت الحال في معظم كنائس مدينة المنصورة. وأمام كنيسة العذراء في توريل بالمنصورة، وقف عدد من الأصدقاء المسلمين للمحتفلين بأعياد الميلاد داخل الكنيسة إضافة إلى شباب من انتماءات سياسية مختلفة حاولوا في بادئ الأمر الدخول إلا أن الأمن يرافقه عدد من شباب الكنيسة يتفحصون الوجوه التي تدخل قبل النظر في هوياتهم رفضوا دخولهم بأسف وأدب وشديدين وطالبوا الشباب بضرورة مساعدتهم حتى يحتفل الأشقاء وامتثل الشباب وأشعلوا الشموع وظلوا طوال الليل يرددون الهتافات المنددة بالإرهاب والتأكيد على الوحدة الوطنية حاملين أعلام مصر للدفاع عن الكنيسة وعن أصدقائهم وجيرانهم وزملائهم، كما رددوا النشيد الوطني وتفاعل المارة والجيران وأصبحت احتفالية ارتجالية نابعة من القلب. يمر الوقت ويظهر في الأفق مجموعة من الشباب يحمل كل منهم جانبا من "بوكية" ورد كبير الحجم في القلب منه الهلال مع الصليب بألوان الورد أرادوا دخول الكنيسة ورفض الأمن التف حولهم الشباب الآخر تصادقوا سريعا رغم أن حاملي الورود أكدوا أنهم لا ينتمون سياسيا إلى أي تيار. ولكنهم من كليات جامعية مختلفة أطلقوا فيما بينهم مبادرة لجمع نقود لشراء الورود لزملائهم المسيحيين واختاروا فيما بينهم مجموعة قوامها أربعة شباب لتقديم الورود إلى كنيسة العذراء بمنطقة توريل، ورغم رفض الأمن إلا أن شباب الكنيسة نظم وساعد الدخول مع الأمن والتفوا حول الشباب وخرجوا من الكردون الأمني يقدمون الشكر ويتقبلون التهاني ويلتقطون صورا تذكارية وانتفضت المنطقة عن أسرها وتوقفت حركة السيارات لمشاهدة ما يحدث واغرورقت أعين النساء والفتيات بالدموع التي تؤكد على الوحدة الوطنية. "ميشوووووو" هكذا صرخ محمود حينما رأى صديقه وزميله بالكلية خارجا من الكنيسة واحتضن كل منهما الآخر وتبادلا التهانى والتقطا الصور مع الورود وودع كل منهما الآخر إلا أن تلك الصورة ظلت وستظل عالقة في الأذهان بين "ميشو" أو ميشيل اسمه الحقيقي وبين محمود، ودخل الشباب المسيحي لكنيستهم لاستكمال الاحتفال بأعياد الميلاد وظل محمود ورفاقه يحمون الكنيسة من التهديدات بالشموع وبأجسادهم.