بجانب أن شهر رمضان شهر العبادة، إلا أنه منهج لترويض السلوكيات التى يجب اتباعها فى العمل والشارع والمنزل.. وهناك قواعد تحكم الصيام والسلوك فى رمضان؛ حيث تقول الدكتورة إيمان محمد الشماع عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية والمقرر المساعد للجنة الرصد والمقترحات ببيت العائله المصرية. ما أثر الصيام على تربية العقول وتهذيب الأرواح؟ نعيش فى هذا العصر بإيقاع متسارع تلهينا الحياة بمغرياتها وتفتتنا بزينها وهو ما يدعونا إلى المسارعة إلى الله و اللجوء إليه و التجارة معه رغبة فى رضوانه وجنته ومن منا لا يتوق إليها ؟! أو يسأل الله نعيمها؟، ومع نزول القرآن بساحتنا تتسابق القلوب إلى الجنة ويلتمس كل منا طريقه إليها إما بالصلاة والصدقة أو بنقاء القلب وسلامة الفطرة أو بالتسامح والصفح وليس غريبا أن يكون صيام رمضان من أركان الإسلام لما له من أثر فى تربية العقول وتهذيب الأرواح وإصلاح النفوس وحسبنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان إيمانا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه وفى رمضان تضاعف الأجور وينادى فى أول ليله منه يا باغى الخير أقبل و يا باغى الشر أقصر) وعلى المسلم فى رحاب هذا الشهر الكريم أن يحرص على أمور تعينه على تحصيل الأجر والمثوبة ومنها تلاوة القرآن الكريم فقد ورد التأكيد على فضل تلاوة القرآن الكريم فى كل وقت وحين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأوا القرآن فإنه يأتى يوم القيامه شفيعا لأصحابه ولكنه فى هذا للشهر الكريم أكثر تأكيدا من غيره وأعظم أجرا ومثوبة فقد أنزل الله عز وجل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى العشر الأواخر منه فقال تعالى: (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) وما أدراك ما ثواب الحرف منه قراءً وتفهما وتدبرا وعملا وفى هذا الشهر إطعام الطعام له فوائد عظيمه فعن عمرو بن العاص أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم أى الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. ماهى أفضل البدئل التى يمكن تؤدى الدور الذى كانت تقوم به موائد الرحمن وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعى فى ظل جائحة كورونا؟ ألف المصريون عادة حسنة اعتادوها وبذلوا أنفسهم لها خاصة فى شهرنا هذا.. فيبذلون التمر والماء فى الشوارع والأحياء للمارة إفطارا للصائم ويعقدون موائد الرحمن إطعاما للطعام وكم كنا نحب ألا تنقطع هذه السنة الحميدة لكن التعايش مع جائحة كورونا يحتم علينا البحث عن حلول بديلة: كتفعيل دور الجمعيات الخيرية ومعاونتهم فى توفير الإفطار الرمضانى للأسر الفقيرة فى منازلهم أو الاقتصار على توزيع المياه المعدنية والتمور المغلقة مع الحرص على الالتزام التام للإجراءات الاحترازية. ويبقى الأمل فى فضل الله عز وجل.. وكرمه أن يفتح لنا أبوابًا ظنناها مغلقة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أفطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا.. ولا شك أن الاهتمام بالفقراء والمساكين والحرص على إطعامهم وتلبية احتياجاتهم من العبادات المستحبة فى رمضان بصفة خاصة وفى سائر الشهور بصفة عامة وفضل صلاة الجماعة عظيم وثوابها كبير وتعلو صلاة الفرد بدرجات ومن الأحاديث التى تؤكد هذا ما رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل فى الجماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه 25 ضعفا أيضا الدعاء عبادة عظيمة فى كل وقت فعن النعمان بن بشير عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: (وقال ربكم ادعونى استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين).. وكما تعظم كل العبادات ويزيد أجرها فى شهر رمضان المبارك يعظم كذلك فضل الدعاء فيه وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بقوله: ثلاثه لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر والإمام العاجل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب وعزتى لأنصرنكى ولو بعد حين. أفضل وسائل الذكر فى شهر رمضان؟ يعتبر الذكر صلة بين العيد وربه والإكثار منه وسيلة لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات قال تعالى: (فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون) وقال عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) .. وقال تبارك وتعالى (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما فعلى المسلم أن يحرص على هذا الخير العظيم فى رمضان وفى غيره من الشهور بما تيسر له من الأذكار والأدعية والأمل معقود فى قلوبها ومضاعفة أجرها فى هذا الشهر المبارك.. وقد جاء فى الحديث القدسى: «وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضته عليه ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وقد حصنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الطاعات و الرجاء و التقرب إلى الله وذلك فى قوله: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ومن نوافل العبادات التى تسارع إليها المسلمون فى رمضان: صلاة التراويح والتهجد وهى سبب رئيس لغفران ما تقدم من الذنوب فعن أبى هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب فى قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. ومن الأمور المستحبة دائما وأبدا الإكثار من الصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، ولا ننسى بر الوالدين وصلة الأرحام والعطف على الصغير ورعاية الأيتام والابتسامة فى وجه الناس والتخلق بأخلاق القرآن فى معاملاتنا وحياتنا. أفضل طرق لإحياء ليلة القدر؟ وفى ختام الشهر نفحات الشهر نفحات مباركة تغمر فيها رحمة الله عباده المؤمنين بخيرات كثيرة تتنزل فى ليلة القدر وهى ليلة تحدث عنها القرآن بما لا مزيد عليه بسورة كاملة باسمها وهى ليلة جديرة بالانقطاع التام لإحيائها رغبة فى تحصيل أجر قيامها الذى تحدث عنه النبى صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. وكما أن هذه الأعمال ممهدات لمضمار السباق نحو الخيرات ينبغى كذلك إلقاء كل حمل يعوقنا فى طريقنا إلى الله والبعد عما تعارف عليه الناس من عادات خاطئة الهتهم و أبعدتهم عن طريق الله ومنها كثرة النوم وعدم الإنجاز فى هذا الشهر الكريم فمنهم من يضاعف نومه فيه ومنهم من يصاب بالكسل والخمول مما يؤدى إلى تأخرهم فى تحصيل الخير وخسرانهم تجرأ كثيرا لا يعوض إلا بانتظار أعوام قادمه لا ندرى أندركها أم لا. ماذا عن السلوكيات الخاطئة فى رمضان؟ يلاحظ فى هذا الشهر الكريم إفراط البعض فى تناول الطعام وكان الإنسان يريد تعويض ما فاته وقت النهار فيضيع على نفسه الفوائد الصحية من الصيام وقد أشار القرآن الكريم إلى الاعتدال فى الأكل والشرب فى قوله تعال: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ويعد الانغماس فى الترفيه بحجة التخفيف من وطأة الصيام من السلوكيات الخاطئة فى شهر رمضان المبارك فالأصل أن يقضى المسلم أكثر أوقات هذا الشهر الكريم فى العبادة والطاعة، فمن المفيد لكل واحد منا أن يتساءل مع نفسه عن الحبّة التى يريد غرسها الآن لتثمر يوم الحق وتؤتى أكلها بإذن ربها. إن شهر رمضان المبارك فرصة لنتدرب فى أجوائه الإيمانية على الصبر وقوة الإرادة والانضباط فى كل شىء والالتزام بالضوابط الشرعية والأخلاقية وليكن فرصتنا لمجاهد النفس وممارسة الرياضة الروحية والارتقاء إلى معالى الكمال المعنوى والتخلص من اللهث وراء الماديات فى هذه الحياة الفانية.