فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    أمين "حماة الوطن" يكشف عن استعدادات الحزب لانتخابات "الشيوخ"    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    وصل ل 4900 جنيه.. سعر الذهب اليوم في مصر يرتفع بمنتصف تعاملات الأحد    أسعار البيض اليوم الأحد بالأسواق (موقع رسمي)    رئيس "اقتصادية النواب" يستعرض مشروع قانون ملكية الدولة    مجلس النواب يوافق على مشروع قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات    عاجل- السيسي يناقش مع مؤسسة التمويل الدولية دعم القطاع الخاص في ظل الأزمات الإقليمية    دمار هائل جنوب تل أبيب.. آثار القصف الإيراني على إسرائيل |فيديو وصور    طهران تؤكد استمرار الهجمات على إسرائيل وتصفها ب"الرد المشروع"    قتل نائبة وأصاب ثانيا.. مسلح يستهدف نواب أمريكا وقائمة اغتيالات تثير المخاوف    تدخل عاجل ل إمام عاشور بعد إصابته وخروجه من المونديال    محمد صلاح يحتفل بعيد ميلاده ال33 ب "تورتة صغيرة"    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    خطوط مميزة وهمية.. سقوط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين في القاهرة    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    ماذا قالت إيمي سمير غانم عن أغنية "الحب وبس" ل فضل شاكر    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    ضبط 59804 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة في حملات مكثفة على الطرق والمحاور    إيران تتهم أمريكا بالتورط في هجوم إسرائيل.. وتتوعد بالرد    إقبال كثيف على فعاليات مكتبة مصر العامة بالدقي خلال الأيام الماضية    حميد الشاعري يعود.. طرح برومو أغنيته المنتظرة «ده بجد ولا بيتهيألي»    «الزناتي» يفتتح أول دورة تدريبية في الأمن السيبراني للمعلمين    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    ضبط أكثر من 5 أطنان دقيق في حملات ضد التلاعب بأسعار الخبز    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    ارتفاع سعر الدولار اليوم الأحد 15-6-2025 إلى 50.81 جنيه أمام الجنيه المصرى    استمرار القصف المتبادل.. ارتفاع عدد قتلى إسرائيل في اليوم الثالث للتصعيد مع إيران    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بتعاطى المخدرات في قنا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في النصب على المواطنين بزعم توفير خطوط محمول مميزة بالقاهرة    اتحاد نقابات المهن الطبية: اليوم صرف معاشات يونيو 2025.. وندرس زيادتها    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    معهد وايزمان جنوب تل أبيب: تضرر عدد من منشآتنا جراء قصف إيرانى ليلة أمس    «أمي منعتني من الشارع وجابتلي أول جيتار».. هاني عادل يستعيد ذكريات الطفولة    بعد جهود استمرت 5 سنوات متحف سيد درويش بالإسكندرية ميلاد جديد لفنان الشعب    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    اعتماد النظام الأساسى لاتحاد شركات التأمين المصرية    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد الجديدتين والساحل الشمالي    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أشرف داري: الحظ حرمنا من الفوز على إنتر ميامي    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    وكيل الأزهر يشكِّل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    مجدي الجلاد: الدولة المصرية واجهت كل الاختبارات والتحديات الكبيرة بحكمة شديدة    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    كأس العالم للأندية 2025.. العجيزي يحذر لاعبي الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلَّا.. الطابق السادس في «الأهرام» .. (22)
نشر في بوابة الأهرام يوم 31 - 03 - 2021


د. مجدي العفيفي
* الاستقالة المستحيلة
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
عرضت في المشاهد الثلاثة الأخيرة اعتزام الكاتب المبدع يوسف ادريس، اتخاذ قرار اللا كتابة واللا قراءة، وهو الذي أثرى المكتبة السعودية الإبداعية بروائعة في فن القصة القصيرة 12 مجموعة، ورواياته، ومسرحياته....
وبعد ثلاثين عامًا إذا به يعلن استقالته عبر نصه الرائع والمروع (يموت الزمار ....) في شكل كتلة سردية من الجدليات الذاتية والموضوعية، بينه وبين الكتابة: جدوى ومتعة.. رؤية ورؤيا.. حلمًا وقلمًا.. ألمًا وأملًا.. واقعًا ووجعًا.. فاجأ الرأي العام، بمسألة لم تخطر على بال المجتمع والناس وجماهير القراء في كل مكان.. بتاريخ الثامن عشر من شهر أبريل عام 1981 وكانت المفاجأة مدوية في مقاله في صفحة 17 «من مفكرة فلان» بالأهرام، التي كان يتألق فيها عظماء الفكر والإبداع يوميًا، وكانت مقالاتهم بمثابة الأوتاد التي تشد خيمة المجتمع.
وقلت في نهاية المشهد الاخير أن ثمة يقينًا غير مراوغ كان يدثرني بأن هذه الاستقالة مرفوضة، ليس فقط يسبب غواية «الأهرام» بل أيضًا بسبب «النداهة». نداهة الكتابة... !
ولنا في موقف مماثل من ثلاثة من العمالقة أقدموا على الاستقالة من الكتابة، هم شيخ الأدباء توفيق الحكيم، وفيلسوفنا زكي نجيب محمود، والمبدع الروائي يحيى حقي، وأنا على ذلكم من الشاهدين في منتصف عام 1978.
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
وكما حدقت في وجه يوسف إدريس.. شجنا وحزنا. وأنا أصغي إليه وهو يقول لي بعد أن فرغ من مراجعة بروفة المقال، بهدوء شديد، وهو الذي بينه وبين الهدوء مسافات تكاد تكون ضوئية: «قررت اعتزال الكتابة، وهذا قراري يدور حوله المقال في جزأين غدًا وبعد غدٍ»!!. رفعت حاجب الدهشة، ولم أخفضه:
هل يستقيل الكاتب؟!
وهل يملك هذا القرار؟! وهل الكتابة أصلا تصدر بقرار وتتوقف بقرار؟!
هل يتحدد الإنتاج الفكري بعمر معين؟!
هل من حق الكاتب أن يستقيل من عالم الكتابة؟!
وهل يجوز للمبدع أن يحيل نفسه إلى المعاش؟!
هي نفس علامات الاستفهام والاستنكار التي أطلقتها وحدقت بها في وجوه الفرسان الثلاثة:
إذ قال المبدع الكبير يحيى حقي إنه «نضب فنيًا نظرًا لظروفه الصحية.. ولم يعد لديه ما يضيفه»،
وهو الذي وضع على رفوف المكتبة القصصية 16 عملًا سرديًا منذ «قنديل أم هاشم» سنة 1945 حتى «أنشودة البساطة» سنة 1973.
وأعلن توفيق الحكيم توقفه عن الإبداع وبرر ذلك بأنه قد ترك الخلف الصالح، وشبه نفسه بشجرة الموز التي تطرح حتى تحاط بأشجار وليدة من حولها، وعندما تنضج هذه الأشجار تتوقف الشجرة الكبيرة عن الطرح.. رغم أن الحكيم هو الذي ازدانت المكتبة العربية والعالمية عبر خمسين عامًا بروائعه التي تجاوزت ال 55 كتابًا ابتداءً من أهل الكهف عام 933 حتى «عودة الوعي» 1975.
ثم فاجأنا مفكرنا العظيم د. زكي نجيب محمود بأنه ودع القلم، وبرر ذلك بقوله: «كنت عند المقالة الأولى سنة 1928 ذا عينين وأذنين، وبات ما يربطني بالعالم من حولي خيوط متقطعة من الضوء، وأسلاك متهتكة من الصوت، وكان تبريره الثاني أن حياتنا الثقافية قد انهارت، ويرجع ذلك إلى أن الشعار الذي يدعو بذل الجهد الأقل للحصول على العائد الأكبر، قد ساد وطغى، وليس ذلك لأن قدراتنا قد أصابها شلل، ولكنها قدرة قد أفسدتها علينا ضروب من الخيانة العقلية».
مع أن أستاذنا زكي نجيب محمود أثرى المكتبة وأنزل الفلسفة من أبراجها العاجية إلى الشارع البسيط نسبيًا، بمؤلفاته خلال نصف القرن، وقد بلغت 35 كتابًا ابتداء بكتابه «نحو فلسفة عربية» سنة 1947 وانتهاء بكتابه «ثقافتنا في مواجهة العصر» سنة 1976 بالإضافة إلى 2000 مقال.
وقد طرحت هذه الأقوال للحوار والجدل والمناقشة، عبر تحقيق استقصائي في (الأخبار) بتاريخ 21 /6 /1978 وشهد مداخلات وسجل مرئيات لثلة من المفكرين والنقاد وأساتذة علم النفس والتاريخ.
كتابنا العمالقة.. هل من حقهم أن يحيلوا أنفسهم إلى المعاش؟!
وما رأي العلم في اعترافاتهم وأقوالهم ؟!
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
وانطلاقًا من هذا المكان ... نفتح ملف اعتزال الكتابة صفحاته المثيرة للشجن والحزن والتساؤلات التي تتعثر في البحث عن إجابات ..
قل هو ملف: حائر.. ثائر.. انهزامي.. استسلامي.. يخل بالتوازن.. يعصف بالنظام الثابت للأشياء.. يكشف عن التمرد الخلاق.. يشي بالاحتجاج الإيجابي والسلبي أيضًا...
مبدعون كثر.. مارسوا عملية الاستقالة من الكتابة... لكن غواية الكتابة استردتهم واستعادتهم ولو بعد حين... وهذه الغواية أيضًا جعلتهم ينتحرون أحيانًا.... وصرنا نرى ثقافة الانتحار.. ولماذا ينتحر المثقفون... بل هناك مؤلفات خاصة بهذه الثقافة... وكمثال ثمة موسوعة تضم 150 شاعرًا رفضوا النسخة الفاسدة من الحياة فانتحروا في القرن العشرين...
الدوافع مختلفة... ولكن النتيجة واحدة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.