استقرار أسعار الأسماك وارتفاع الجمبري في أسواق الإسكندرية اليوم    رئيس الوزراء: مستعدون لتقديم أي دعم مُمكن لزيادة صادرات الصناعات الغذائية    توريد 587 ألف طن قمح لشون وصوامع الشرقية    وزير التنمية المحلية: مشروعات الرصف والتطوير بالغربية تحقق رضا المواطن    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    الرئاسة الفلسطينية: نحذر من استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية ضد شعبنا من رفح إلى جنين    بعد تحقق توقعاته عن زلازل إيطاليا.. العالم الهولندي يحذر العالم من أخطر 48 ساعة    حزب الله يستهدف جنودا إسرائيليين عند موقع الراهب بالأسلحة الصاروخية والقذائف المدفعية    تطورات بيان «كاف» عن نهائي الكونفدرالية.. إيقاف لاعب الزمالك وعضو المجلس | عاجل    شوبير يكشف موعد عودة علي معلول إلى الملاعب.. مفاجأة كبرى ل الأهلي    وكيل «تعليم مطروح» يشكل لجنة لمراجعة ترجمة امتحان العلوم للشهادة الإعدادية    تحرير 121 محضرا مخالفا خلال حملات تموينية وتفتيشية بمراكز المنيا    مدير «القومية للحج» يوضح تفاصيل تفويج حجاج الجمعيات الأهلية (فيديو)    إصابة مواطنين في حادث تصادم بين سيارتين بالفيوم    الإعدام لعامل والمؤبد والسجن لآخرين في قضية قتل سيدة وتقطيع جسدها في الإسكندرية    فيلم السرب يواصل صعوده في شباك التذاكر.. وإيراداته تتجاوز 31 مليون جنيه    الليلة.. أبطال وصناع فيلم "بنقدر ظروفك" يحتفلون بالعرض الخاص    أخصائي أمراض الجهاز الهضمي يوضح الفرق بين الإجهاد الحراري وضربات الشمس    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية رسلان غدا.. تضم 8 تخصصات    محافظ جنوب سيناء ومنسق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء يتفقدان مبنى الرصد الأمني بشرم الشيخ    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    إستراليا ونيوزيلندا ترسلان طائرات إلى كاليدونيا الجديدة في ظل الاضطرابات    صباح الكورة.. 7 لاعبين مهددون بالرحيل عن الهلال وبنزيما يقرر الرحيل عن اتحاد جدة وميسي يفاجئ تركي آل الشيخ    كيف تستعد وزارة الصحة لأشهر فصل الصيف؟    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    أخبار الأهلي : قلق داخل الأهلي قبل نهائي دوري أبطال أفريقيا    لمواليد برج الحمل.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (تفاصيل)    رئيس الإذاعة: المولى عز وجل قدّر للرئيس السيسي أن يكون حارسا للقرآن وأهله    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    أخبار الأهلي : هجوم ناري من شوبير على الرابطة بسبب الأهلي والزمالك.. وكارثة منتظرة    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    بالتزامن مع فصل الصيف.. توجيهات عاجلة من وزير الصحة    في يومه العالمي.. طبيب يكشف فوائد الشاي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    الثلاثاء 21 مايو 2024.. نشرة أسعار الأسماك اليوم بسوق العبور للجملة    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلَّا.. الطابق السادس في «الأهرام» .. (22)
نشر في بوابة الأهرام يوم 31 - 03 - 2021


د. مجدي العفيفي
* الاستقالة المستحيلة
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
عرضت في المشاهد الثلاثة الأخيرة اعتزام الكاتب المبدع يوسف ادريس، اتخاذ قرار اللا كتابة واللا قراءة، وهو الذي أثرى المكتبة السعودية الإبداعية بروائعة في فن القصة القصيرة 12 مجموعة، ورواياته، ومسرحياته....
وبعد ثلاثين عامًا إذا به يعلن استقالته عبر نصه الرائع والمروع (يموت الزمار ....) في شكل كتلة سردية من الجدليات الذاتية والموضوعية، بينه وبين الكتابة: جدوى ومتعة.. رؤية ورؤيا.. حلمًا وقلمًا.. ألمًا وأملًا.. واقعًا ووجعًا.. فاجأ الرأي العام، بمسألة لم تخطر على بال المجتمع والناس وجماهير القراء في كل مكان.. بتاريخ الثامن عشر من شهر أبريل عام 1981 وكانت المفاجأة مدوية في مقاله في صفحة 17 «من مفكرة فلان» بالأهرام، التي كان يتألق فيها عظماء الفكر والإبداع يوميًا، وكانت مقالاتهم بمثابة الأوتاد التي تشد خيمة المجتمع.
وقلت في نهاية المشهد الاخير أن ثمة يقينًا غير مراوغ كان يدثرني بأن هذه الاستقالة مرفوضة، ليس فقط يسبب غواية «الأهرام» بل أيضًا بسبب «النداهة». نداهة الكتابة... !
ولنا في موقف مماثل من ثلاثة من العمالقة أقدموا على الاستقالة من الكتابة، هم شيخ الأدباء توفيق الحكيم، وفيلسوفنا زكي نجيب محمود، والمبدع الروائي يحيى حقي، وأنا على ذلكم من الشاهدين في منتصف عام 1978.
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
وكما حدقت في وجه يوسف إدريس.. شجنا وحزنا. وأنا أصغي إليه وهو يقول لي بعد أن فرغ من مراجعة بروفة المقال، بهدوء شديد، وهو الذي بينه وبين الهدوء مسافات تكاد تكون ضوئية: «قررت اعتزال الكتابة، وهذا قراري يدور حوله المقال في جزأين غدًا وبعد غدٍ»!!. رفعت حاجب الدهشة، ولم أخفضه:
هل يستقيل الكاتب؟!
وهل يملك هذا القرار؟! وهل الكتابة أصلا تصدر بقرار وتتوقف بقرار؟!
هل يتحدد الإنتاج الفكري بعمر معين؟!
هل من حق الكاتب أن يستقيل من عالم الكتابة؟!
وهل يجوز للمبدع أن يحيل نفسه إلى المعاش؟!
هي نفس علامات الاستفهام والاستنكار التي أطلقتها وحدقت بها في وجوه الفرسان الثلاثة:
إذ قال المبدع الكبير يحيى حقي إنه «نضب فنيًا نظرًا لظروفه الصحية.. ولم يعد لديه ما يضيفه»،
وهو الذي وضع على رفوف المكتبة القصصية 16 عملًا سرديًا منذ «قنديل أم هاشم» سنة 1945 حتى «أنشودة البساطة» سنة 1973.
وأعلن توفيق الحكيم توقفه عن الإبداع وبرر ذلك بأنه قد ترك الخلف الصالح، وشبه نفسه بشجرة الموز التي تطرح حتى تحاط بأشجار وليدة من حولها، وعندما تنضج هذه الأشجار تتوقف الشجرة الكبيرة عن الطرح.. رغم أن الحكيم هو الذي ازدانت المكتبة العربية والعالمية عبر خمسين عامًا بروائعه التي تجاوزت ال 55 كتابًا ابتداءً من أهل الكهف عام 933 حتى «عودة الوعي» 1975.
ثم فاجأنا مفكرنا العظيم د. زكي نجيب محمود بأنه ودع القلم، وبرر ذلك بقوله: «كنت عند المقالة الأولى سنة 1928 ذا عينين وأذنين، وبات ما يربطني بالعالم من حولي خيوط متقطعة من الضوء، وأسلاك متهتكة من الصوت، وكان تبريره الثاني أن حياتنا الثقافية قد انهارت، ويرجع ذلك إلى أن الشعار الذي يدعو بذل الجهد الأقل للحصول على العائد الأكبر، قد ساد وطغى، وليس ذلك لأن قدراتنا قد أصابها شلل، ولكنها قدرة قد أفسدتها علينا ضروب من الخيانة العقلية».
مع أن أستاذنا زكي نجيب محمود أثرى المكتبة وأنزل الفلسفة من أبراجها العاجية إلى الشارع البسيط نسبيًا، بمؤلفاته خلال نصف القرن، وقد بلغت 35 كتابًا ابتداء بكتابه «نحو فلسفة عربية» سنة 1947 وانتهاء بكتابه «ثقافتنا في مواجهة العصر» سنة 1976 بالإضافة إلى 2000 مقال.
وقد طرحت هذه الأقوال للحوار والجدل والمناقشة، عبر تحقيق استقصائي في (الأخبار) بتاريخ 21 /6 /1978 وشهد مداخلات وسجل مرئيات لثلة من المفكرين والنقاد وأساتذة علم النفس والتاريخ.
كتابنا العمالقة.. هل من حقهم أن يحيلوا أنفسهم إلى المعاش؟!
وما رأي العلم في اعترافاتهم وأقوالهم ؟!
* ولا أزال في الطابق السادس ب «الأهرام».
وانطلاقًا من هذا المكان ... نفتح ملف اعتزال الكتابة صفحاته المثيرة للشجن والحزن والتساؤلات التي تتعثر في البحث عن إجابات ..
قل هو ملف: حائر.. ثائر.. انهزامي.. استسلامي.. يخل بالتوازن.. يعصف بالنظام الثابت للأشياء.. يكشف عن التمرد الخلاق.. يشي بالاحتجاج الإيجابي والسلبي أيضًا...
مبدعون كثر.. مارسوا عملية الاستقالة من الكتابة... لكن غواية الكتابة استردتهم واستعادتهم ولو بعد حين... وهذه الغواية أيضًا جعلتهم ينتحرون أحيانًا.... وصرنا نرى ثقافة الانتحار.. ولماذا ينتحر المثقفون... بل هناك مؤلفات خاصة بهذه الثقافة... وكمثال ثمة موسوعة تضم 150 شاعرًا رفضوا النسخة الفاسدة من الحياة فانتحروا في القرن العشرين...
الدوافع مختلفة... ولكن النتيجة واحدة!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.