من داخل نوتة صغيرة يحتفظ بها منذ تخرجه في الكلية الحربية عام 1964 ويدون فيها اسم كل جندى فى الفصيلة, ويؤرخ بها لحرب الساعات الست التى ثأرت لحرب الستة أيام، يكشف لنا الخبير العسكرى اللواء طلعت موسى، أن إدارة المعارك فى حرب أكتوبر كانت معتمدة على خمس مراحل رئيسية. المرحلة الأولى (مرحلة العبور العظيم)وهى التى تعتمد على تحقيق المهمة المباشرة للقوات المسلحة ,وخلال هذه المرحلة استطاعت العسكرية المصرية أن تسترد سمعتها وكرامتها وأنزلت بالجيش الإسرائيلى هزائم فادحة، وقد بدأت عند ساعة الصفر الساعة" س" بالضربة الجوية الشاملة، حيث تم تحديد الساعة الثانية لتكون الشمس فى مواجهة العدو وتحمى ظهر الجيش المصرى, ثم بحشود التمهيد النيرانى الضخم للمدفعية والذى يعد أكبر تمهيد نيرانى فى العالم حيث تم توجيه قذف نيران على موانع العدو ونقطه القوية فى الضفة الشرقية لمدة 3 دقيقة كاملة, بواسطة 2000 مدفع بمعدل 175 دانة فى الثنية الواحدة. وتم خلال تلك المرحلة نجاح قواتنا فى عبور قناة السويس واحتلال خط بارليف المانع الحصين الذى قيل إنه يحتاج لقنبلة ذرية, وسقط بمدافع المياه التى اخترعها النقيب عبد الباقى زكى وطوره المهندسون العسكريون, وبعد ثلاث ساعات من انطلاق الطائرات كانت القوات المصرية ترفع العلم المصرى على الضفة الشرقية بعد اندفاع جرئ من فرق المشاة الخمسة وهم يملأون الكون بصيحات : الله أكبر . وبالفعل فى هذه المرحلة من 6 إلى 13أكتوبر نجحت قواتنا فى الاستيلاء على رؤوس الكبارى بعمق 12 إلى 15 كيلومترا إلى الشرق ,ثم تحرير القنطرة شرق وقد أدت تلك الهزائم فى يوم الإثنين الحزين عند الإسرائيليين إلى بكاء رئيسة الوزراء فى حديثها طالبة النجدة من الولاياتالمتحدة لإنقاذ إسرائيل والتى استجابت فورا فتدفقت عليها شحنات من أحدث ما أنتجته الترسانة الأمريكية فى أكبر جسر جوى عرفه التاريخ من حيث ضخامته أو مشتملاته. أما المرحلة الثانية فيؤرخها لنا اللواء طلعت موسى بيوم 14 أكتوبر والتى يطلق عليها التطوير,وهدفها تطوير الهجوم شرقا لتخفيف الضغط عن سوريا وجذب جهود الإسرائيليين نحو الجبهة فى سيناء, وقد تسبب هذا الموقف فى ضرر لقواتنا لأنها كانت تحتاج للصمود خاصة مع تدفق السلاح الأمريكى وظلت فيه القوات المصرية دون تعويض للخسائر. وقامت المرحلة الثالثة على صد الهجمات الإسرائيلية المضادة من 15 إلى 17 أكتوبر حيث أشركت إسرائيل فيها ثلاث فرق مدرعة كاملة منيت بخسائر هائلة, وسميت بمعركة الدبابات الكبرى, حيث حاولت تدمير دفاعنا الجوى لكسب إعلامى يرفع به الروح المعنوية. أماالمرحلة الرابعة فمدتها خمسة أيام من 18 إلى 22 أكتوبر والتى أطلق عليها فيما بعد الثغرة حيث حاولت القوات الإسرائيلية إدارة أعمال غرب القناة ساعية إلى الاستيلاء على إحدى المدن الرئيسية بأى ثمن ومهما بلغت خسائرها, وفى هذا الوقت زادت فيه أنشطة قواتنا بأعمالها القتالية فى رؤوس الكبارى شرقا بقوة وإصرار . ثم كان صدور القرار مجلس الأمن رقم 338 بايقاف النيران اعتبارا من الساعة 6مساء و52 دقيقة يوم 22 أكتوبر . وفى المرحلة الأخيرة من 23 إلى 28 أكتوبر، سعت إسرائيل إلى الانتشار فى حمى القرار, وكانت إسرائيل تحاول استغلال التزامنا بقرار وقف اطلاق النار فانتشرت غربا وفى اتجاه اتجاه الجنوب فى حماية قرار الأممالمتحدة حيث قامت وبجنون بالضغط نحومدينة الإسماعيلية, وعندما فشلت ركزت جهودها جنوبا ودارت ملحمة السويس الخالدة, وتزايدت خسائر العدو بعد أن أحاطت به قواتنا فى الغرب تمهيدا لتصفيتها ولتصبح القوات المعادية فى مصيدة و رهينة فى أيدى قواتنا ..إلى أن وصلت قوات الأممالمتحدة فى 28 أكتوبر.