صوتان يحسمان مقعد نقيب أطباء الأسنان بالقليوبية (تفاصيل)    المقاولون العرب تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا    عز عامل مفاجأة.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 27-4-2024    حقيقة وقف خطة تخفيف الأحمال منتصف مايو.. مصدر بالكهرباء يكشف    رئيس شئون الأسرى: الاحتلال يواصل جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين    بيان مهم بشأن حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم السبت 27 أبريل 2024    إصابة ربة منزل إثر اشتعال النيران في شقة ب«مسجد الأنوار» بالإسكندرية (تفاصيل)    شاهد الفيديو الذي تسبب في شائعة طلاق مها الصغير وأحمد السقا    «الأسد يشعر بضيق تنفس».. 4 أبراج تكره فصل الصيف (تعرف عليها)    أزهري ينتقد تصريحات ميار الببلاوي عن طلاقها 11 مرة والأخيرة ترد في «بث مباشر» (القصة كاملة)    بيان عاجل من هيئة العلماء السعودية بشأن شروط الحج (تفاصيل)    أستاذ اقتصاديات الصحة: مصر خالية من الحصبة وشلل الأطفال ببرامج تطعيمات مستمرة    مسئول أمريكي كبير يزور لبنان.. تفاصيل    موعد مباراة بلدية المحلة وزد في الدوري المصري والقناة الناقلة    موقف محمد صلاح، تشكيل ليفربول المتوقع أمام وست هام في الدوري الإنجليزي    أسعار الذهب صباح اليوم السبت 27 أبريل 2024    بمشاركة 3 آلاف فرع ومنفذ، استمرار فعاليات مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة    الإنترنت المظلم| كارثة اسمها "دارك ويب" بعد جريمة شبرا الخيمة البشعة.. ماذا حدث؟    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن 25 غارة جوية على غزة خلال اليوم الماضي    10 معلومات عن أهمية الزيارة التاريخية المرتقبة للرئيس السيسي إلى تركيا    مواصلة الاحتجاجات في جامعة كولومبيا للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة|شاهد    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    هتنام بسرعة| 4 آيات حل رباني لمن لا يستطيع النوم ليلاً.. داوم عليها    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    اليوم .. الحكم في اتهام مرتضى منصور بسب عمرو أديب    انخفاض أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل    تشكيل ليفربول المتوقع أمام وست هام.. صلاح ونونيز يقودان الهجوم    بورصة الذهب تنهي تعاملاتها الأسبوعية بخسائر تتجاوز 50 دولارًا | تقرير    إسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت ومركبات مدرعة ودبابات "ليوبارد" إلى كييف    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    اليوم.. الجنايات تنظر محاكمة متهمي "خليه المرج"    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    دينا فؤاد: مسلسل "الإختيار" الأقرب إلى قلبي.. وتكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    وليد عبدالعزيز يكتب: السيارات وتراجع الأسعار    للحماية من حرارة الصيف.. 5 نصائح مهمة من وزارة الصحة    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    نتيجة انتخابات نادي القضاة بالمنيا.. عبد الجابر رئيسًا    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    شعبة البن تفجر مفاجأة مدوية عن أسعاره المثيرة للجدل    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    أرقام مميزة للأهلي بعد تأهله لنهائي دوري أبطال أفريقيا    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجاذيب الشهرة

للشهرة مذاقها الحلو الأخاذ وسحرها الخلاب الناعم، الذي يأسر ويستلب العقول الرشيدة، ويُقفدها اتزانها وبوصلتها، وفي مقابلها فإن المرء مطالب بدفع ثمن غالٍ يُفترض أن يكون من العمل والكد والجد الدائم، للوصول إليها والتنعم بمزاياها واستحقاقاتها والبقاء على قمتها لأطول مدة ممكنة، خصوصًا إن كنت من الواعين النابهين الذين يملكون أدواتهم جيدًا ويجددون باستمرار بضاعتهم المقدمة للمشاهدين أو القراء.
ويعج المجتمع المصري في أيامنا هذه ب مجاذيب الشهرة ، وساهم شيوع منصات “السوشيال ميديا” في استفحال الظاهرة وتمددها بصورة توجب التوقف عندها ودراستها دراسة وافية مستفيضة، لأننا نصطدم كل عدة أيام بمشاهد ومظاهر مقلقة ومزعجة لها.
وبلغ هوس الشهرة حدًا من الخبل والتهور دفع بالكثيرين إلى اختلاق وتزييف أحداث ووقائع، بعضها يمس شرف وسمعة أشخاص، ويخوض في أدق خصوصيات حياة الناس، وينسجون ويصنعون منها فيديوهات مليئة بالتوابل والمقبلات الشهية المحببة لنفوس المتابعين، ويعتقدون أنه بمجرد تناقلها وانتشارها على الفيس بوك و انستجرام وتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي فإنها ستفتح لهم أبواب الشهرة الموصدة بالضبة والمفتاح، ويتزامن معها الثراء السريع والفاحش بحصدهم عوائد فيديوهاتهم من اليوتيوب.
ظاهرة مجاذيب الشهرة تصاحبها محاولات لترسيخ مفاهيم وأطر قيمية بالغة الضرر بالمجتمع في حاضره ومستقبله وما استقر فيه من قيم شبت في رحابها أجيال متعاقبة وكانت عاملا من عوامل نجاحهم، وأضحت من الثوابت المتعارف عليها والمقدرة من كل الفئات والشرائح الاجتماعية، والآن يُضرب بها عرض الحائط بقصد وسوء سريرة.
من بين تلك المحاولات تغييب وتجاهل الوازع الاجتماعي والأخلاقي، وقبلهما الديني، ورأينا كيف أن شابًا يافعًا بإحدى المحافظات اختلق قصة غدر خطيبته بقبولها الارتباط بآخر، واستقلاله سيارة عليها ميكروفون يحكي عبره علاقته معها ويتوعد أسرتها، ولدى التحقيق في الفيديو الذي أثار استياء العقلاء والغيورين على المجتمع وقيمه، اتضح أن الموضوع برمته من تأليف وإخراج هذا الشاب الراغب في الشهرة بأي وسيلة.
ولا يتوانى بعض المهووسين بالشهرة وأموالها عن استغلال أطفالهم الصغار كمادة يروجون بها فيديوهاتهم البائسة، ولا مانع لديهم من ترويع هؤلاء الأطفال بالإتيان بحركات وأفعال تستهدف إخافتهم، ولا يهمهم حالتهم النفسية والعصبية، وما سينتج عن حفلات ترويعهم من آثار مدمرة عليهم منذ نعومة أظافرهم.
بعض الفتيات الصغيرات تركن كل شيء في حياتهن وتفرغن لعمل فيديوهات خادشة للحياء، وتحض بفجاجة ووقاحة منقطعة النظير على الفسق والفجور، حتى يشتهرن ويصبحن في بؤرة الاهتمام والمتابعة ويغيرن من وضعهن الاجتماعي، وينتقلن لشريحة المشهورات، ويضعن نصب أعينهن ما بلغته من جاه وعز فنانات لا تكترثن بالذوق العام ولا امتعاض المواطنين ولجوئهن لنشر صور وفيديوهات مستفزة وتتنافى مع طبائع المجتمع، ليصبحن مثار حديث لا ينقطع، ويمتطين صهوة الترند.
وللأمانة فقد كانت هناك مواقف حاسمة وحازمة من قبل النيابة العامة في مواجهة هذه النوعية من الفيديوهات والسلوكيات الغريبة على مجتمعنا ولا تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا، وعلى الرغم من هذه المواقف الصارمة بقوة القانون فيبدو أن الرسالة ضلت طريقها لكثيرات أعماهن بريق الشهرة.
النقطة الأخطر في هذا السياق هي، الاستخفاف وعدم الاعتداد بقيمة العمل والمثابرة لتحقيق الهدف، سواء كان شهرة أو ثروة أو مكانة اجتماعية أرفع، وذاك يتعارض مع التوجه العام للدولة المصرية التي تعلي من شأن الاجتهاد والعمل الدءوب، الذي تتميز مخرجاته بالثبات والرسوخ والقدرة على مقاومة أعتى العواصف والتحديات، وإن تعرضت للتعثر فإن قواعدها القوية تسهم في النهوض ثانية.
فالتعليم الذي كان يومًا قاطرة الارتقاء الاجتماعي لم يعد كذلك، وأصبح ينظر إليه البعض كوسيلة للحصول على شهادة، أو كما يقولون ورقة تفيد بتخرجه في الجامعة، وأن عمله ووضعه الاجتماعي منعدم الصلة بطبيعة ومجال دراسته في أغلب الأحيان، وحينما يتطلع حوله يرى نماذج اشتهروا وهم يجهلون القراءة والكتابة، ولم يتخرجوا في الجامعة، وعملوا في وقت من الأوقات بمهن بسيطة لم تكن تنبئ بأنهم سيصبحون من وجهاء ومشاهير المجتمع، ويتقاطر عليهم الخلق لالتقاط الصور معهم، ويدفعون لهم أموالا طائلة للغناء في أفراحهم ومناسباتهم الاجتماعية الخاصة، وتستضيفهم البرامج ذائعة الصيت.
أعلم أن المجتمع طرأت عليه تغيرات وتقلبات في العقود الأخيرة بدلت أحوالنا وقيمنا، وأن المجتمع الحي النابض هو القادر على التفاعل مع المتغيرات المحيطة به، لكن توجد ثوابت مهما تبدلت وتغيرت الأوضاع لا يجوز ولا يصح أن تهدر ويتم التقليل من جدواها ونفعها، وتكون عرضة للتخريب المتعمد من قبلنا. فاللعب في الثوابت الاجتماعية لا يقل جرمًا وخطرًا عن الإرهاب وإدمان المخدرات، وامتلاك كل من هب ودب السلاح بسبب أو بدونه، وهذه آفات يجب التصدي لها بقوة.
أعلم أيضا أن هوس الشهرة ليس بجديد على مجتمعنا، لكن الجديد هو بلوغه مستوى الشره والصرع بدون التقيد بأي إطار اجتماعي واتسامه بالشطط والابتذال، والسعي لتطبيق نسق تقبله مجتمعات أخرى، وتراه مناسبًا لها ولعاداتها وقيمها، لكن التقليد الأعمى للمستساغ والشائع غربًا وشرقًا ليس بالأمر الجيد ويخلو من الذكاء.
ولكي نكون واضحين وضوح الشمس فإن العيب ليس في الوسيلة، السوشيال ميديا، وإنما في مستخدمها، فكما أن البعض لا يُحسن استخدامها ويوظفها لأغراض وأهداف خبيثة، فإن لها فضلًا عظيمًا في تسليط الضوء على مشكلات وشكاوى مواطنين لا يقدرون على إيصال أصواتهم للسلطات المختصة، وبواسطتها ردت الحقوق إلى أهلها.
كما أن السوشيال ميديا باتت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، ولا غنى عنها لملايين البشر في أرجاء الأرض، ومواكبة ما يدور ثانية بثانية، ومن بين مميزاتها أنها تتطور بوتيرة سريعة، وتطورها يعود بالمنفعة على مستخدميها، بشرط توافقها مع ما ينفع المجتمع ولا يهدمه من الداخل، مثلما يسعى مجاذيب الشهرة .
ختامًا فان حلم الشهرة مشروع ومكفول للجميع، ولهم كامل الحق في السعي لتحقيقه، شريطه اختيارهم الوسيلة الصحيحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.