أبواب السماء مشرعة، وسبل الأمل والرجاء لا حدود لها فى ضوء رحمة الله الواسعة التى وسعت كل شيء، حيث يقول سبحانه: «وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىءٍ» (الأعراف : 156)، ويقول جل وعلا: «مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (فاطر: 2)، ويقول الله تعالى: «قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ» (الزمر : 38)، ويقول (عز وجل): «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر : 53). ويقول أحد الحكماء العارفين بالله (عز وجل) الفاقهين لكتابه سبحانه وتعالى، عجبت لمن ابتلى بأربع كيف يغفل عن أربع: عجبت لمن ابتلى بِضُرٍّ كيف يغفل عن قوله تعالى على لسان سيدنا أيوب (عليه السلام): «أَنِّى مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» (الأنبياء : 83)، والله (عز وجل) يقول بعدها: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ» (الأنبياء: 84)، وعجبت لمن ابتلى بغَمٍّ كيف يغفل عن قوله تعالى على لسان سيدنا يونس (عليه السلام): «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ» (الأنبياء : 87)، ورب العزة (عز وجل) يقول بعدها: «فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِى الْمُؤْمِنِينَ» (الأنبياء: 88)، وعجبت لمن ابتلى بمكر الناس كيف يغفل عن قوله تعالى على لسان مؤمن آل فرعون : «وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ»(غافر : 44)، والله (عز وجل) يقول بعدها: «فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ» (غافر : 45), وعجبت لمن ابتلى بالخوف كيف يغفل عن قول حسبى الله ونعم الوكيل، ورب العزة سبحانه يقول: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ» (آل عمران : 173, 174). ويقول الشاعر : يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله اليأس يقطع أحيانًا بصاحبه لا تيأسن فإن الكافى الله فإذا بليت فثق بالله وارض به إن الذى يكشف البلوى هو الله على أن الأمل الحقيقى هو الذى يبنى على العمل والأخذ بالأسباب، فنحن فى حاجة إلى الفقه والطب وإلى الدعاء والدواء ليتكاملا، فنأخذ الدواء ونسأل الله (عز وجل) أن يجعله سببًا فى الشفاء، وهذا هو مفهوم التوكل الصحيح، حيث يقول الحق سبحانه: «فَامْشُوا فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» (الملك : 15)، فالمشى سعى وأخذ بالأسباب، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوْحُ بِطَاناً» (مسند أحمد)، فالغدو والرَّوَاح سعى وأخذ بالأسباب، نسأل الله العلى العظيم أن يعجل برفع البلاء عن البلاد والعباد، عن مصرنا العزيزة وسائر بلاد العالمين. * نقلًا عن صحيفة الأهرام