تعلق صوته بالقلوب فسكنها قبل الآذان، فما إن يناجى ربه "مولاى قد مددت يدى" حتى يدرك الجميع أن تلك المناجاة قد صادفت الإجابة فنفذت إلى عنان السماء فى آفاق علوية النداء، وكيف لا وهو الاسم الأشهر فى عالم الابتهالات والتواشيح الدينية؟ .. إنه شيخ المداحين وصوت الأرض إلى السماء الشيخ سيد النقشبندى الذى تحل اليوم الذكرى الرابعة والثلاثين لرحيله. ولد الشيخ سيد محمد النقشبندى فى قرية «دميرة»، إحدى قرى مركز طلخا بمحافظة الدقهلية عام 1920، منتسباً لأسرة صوفية تعود للطريقة النقشبندية، وهى إحدى الطرق الصوفية التى أسسها الشيخ بهاء الدين بن نقشبند الذى وفد من أذربيجان إلى مصر واستقر بها إلى أن توفى عام 791ه، وكلمة "نقشبندى" فارسية الأصل تعنى "حب الله المنقوش على القلب"، وبالفعل فقد شب الشيخ النقشبندى على حب الله حتى فاض هذا الحب من قلبه إلى أسماع الملايين من عشاق صوته الخاشع الندى. ورغم أن طفولة الشيخ النقشبندى شابها الاضطراب، حيث انفصل والداه، وتزوجت والدته من بائع عطور متجول، لتنتقل الأسرة من طلخا فى قلب الدلنا إلى طهطا فى سوهاج فى قلب صعيد مصر، لكن رعاية الله قد شملته فانكب على حفظ القرآن الكريم، وتعلم الإنشاد الدينى. وفى طهطا حفظ القرآن وتعلم الإنشاد الدينى فى حلقات الذكر بين مريدى الطريقة النقشبندية، فحفظ النقشبندى مئات الأبيات الشعرية للإمام البوصيرى صاحب بردة المديح، وسلطان العاشقين عمر بن الفارض، وأمير الشعراء أحمد شوقي، ولم يكتف الشيخ النقشبندى بهذا بل ارتوى من ينابيع الأدب العربي فأقبل على قراءة الكثير من عيون أدبنا العربى مثل مؤلفات المنفلوطى فى نظراته وعبراته، والعقاد فى عبقرياته، وطه حسين فى معاركه الأدبية. وفى ريعان الشباب رأى الشيخ النقشبندى رؤيا كانت كفيلة بتغيير مسار حياته، فقد سمع هاتفاً يدعوه للسفر إلى رحاب السيد البدوى فى طنطا، ومن طهطا إلى طنطا، انتقل النقشبندى إلى جوار مواكب المداحين، وجلسات الذكر، وحضرات الصوفية، حيث يختلط الإيمان ببركة الأولياء، فصادف صوت النقشبندى قبولا بين رواد مولد السيد البدوى. ومن جوار البدوى انطلق صوت النقشبندى ليعم الآفاق، فانطلق أولاً عبر أثير الإذاعة المصرية عام 1967 ليترك ثروة كبيرة من الابتهالات والأدعية الدينية، وضرب موعدًا ثابتًا مع المصريين فى شهر رمضان المبارك، حيث كان يشدو مبتهلاً إبان موعد الإفطار، حتى قيل إن الشهر الفضيل قد ارتبط بصوت شيخ القراء محمد رفعت وصوت إمام المداحين سيد النقشبندى. ومن أثير الإذاعة إلى شاشة التلفزيون، ظهر الشيخ النقشبندى بعد أن حجز صوته مكانة كبيرة فى قلوب ووجدان المصريين، وقد سنحت له تلك الفرصة عندما قدمه الإعلامى الكبير أحمد فراج فى برنامجه الشهير "فى رحاب رمضان" أنشد خلالها طائفة من الابتهالات والمدائح الدينية. لم يقف الشيخ النقشبندى عند هذا الحد، بل كانت الخطوة الأبرز فى مسيرته حبن عانق صوته الشجى ألحان الموسيقار الفذ بليغ حمدى، وقذ ذكر الإعلامى الكبير الراحل وجدى الحكيم أن الرئيس السادات كان صاحب هذه الفكرة حين قال له إنه يريد أن يستمع إلى عمل مشترك بين بين النقشبندى وبليغ حمدى. لم يستوعب الشيخ النقشبندى هذه الخطوة فكيف يجتمع الذكر والمديح مع ألحان بليغ "بتاع الهشك بشك" بحسب قول الحكيم، لكن الحكيم أبلغه أن يذهب ويستمع إلى بليغ أولاً قبل أن يصدر قراره، وبالفعل ذهب الشيخ النقشبندى إلى دار الإذاعة، وهناك استمع النقشبندى إلى لحن "مولاى قد بسطت يدى"، ولم تمر سوى نصف ساعة حتى قلع الشيخ جبته وافترش الأرض يستمع إلى بليغ مرددًا: "بليغ ده عفريت من الجن"، ولم يخرج الاثنان من الاستوديو حتى أنجزا أشهر إنشاد دينى موسيقى فى تاريخ الإذاعة المصرية. انطلق الشيخ النقشبندى فى عدة رحلات خارجية، جاب بها فى أرجاء العالم الإسلامى، فسافر إلى سوريا وبلدان المغرب العربى، ودول الخليج، وعدد من الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا وغيرها . توفي الشيخ النقشبندى إثر نوبة قلبية في 14 فبراير 1976م، وبعد وفاته كرمه الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام 1979 بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى، كما حصل عام 1989 على وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، كما كرمته محافظة الغربية التي عاش فيها ودفن بها حيث أطلقت اسمه على أكبر شوارع طنطا والممتد من ميدان المحطة حتى ميدان الساعة. ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى ذكرى شيخ المداحين النقشبندى بليغ حمدي النقشبندي الحان اناشيد دينية مولاي اني ببابك