انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار بخيت إسماعيل، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى تأييد سابق إفتائها بخصوص مدى أحقية الشركة القابضة للنقل البحري والبرى في استرداد عائد حصة المساهمة في شركة الجسر العربى للملاحة، في إطار الشكل القانوني لطبيعة العلاقة التي تربط الشركة القابضة للنقل البحري والبري وشركة الجسر العربي للملاحة، متمثلة في قيامها بأداء حصة حكومة جمهورية مصر العربية "وزارة النقل" في رأس مال الشركة المذكورة، وليس بصفة شراكتها في هذه الشركة أو اشتراكها في تأسيسها أو مساهمتها فيها ابتداء عند إنشائها. استعرضت الجمعية العمومية فتواها السابقة الصادرة بجلسة 5/3/2008 وكذا فتواها الصادرة بجلسة 24/3/2010 في الموضوع المعروض وما انتهت إليه من أن الحكومة المصرية هي المساهم في شركة الجسر العربي للملاحة وما ينتج من أرباح عن هذه المساهمة يئول إلى الخزانة العامة للدولة. وشيدت الجمعية العمومية هذا الإفتاء على أسباب حاصلها أنه ولئن كان المشرع بالقانون رقم (203) لسنة 1991 قرر أن تحل الشركات القابضة والشركات التابعة لها محل هيئات القطاع العام والشركات التي تشرف عليها الخاضعة لأحكام القانون رقم (97) لسنة 1983، وأن تنتقل إلي الشركات القابضة والشركات التابعة لها بحسب الأحوال جميع ما لهيئات القطاع العام وشركاته الملغاة من حقوق، كما تتحمل جميع التزاماتها، مما مؤداه أن كل ما كان لهيئة القطاع العام للنقل البحري من حقوق والتزامات مالية وغيرها يئول إلى الشركة القابضة للنقل البحري والبري التي حلت محلها وغدت خلفًا لها وفقًا لقانون قطاع الأعمال العام رقم (203) لسنة 1991 المشار إليه، إلا أن لشركة الجسر العربي للملاحة طبيعة خاصة، تفرضها أوضاع تأسيسها وهيئة مؤسسيها والأساس الذي على قواعده تم هذا التأسيس. فقد تأسست هذه الشركة بموجب اتفاقية دولية للتعاون الملاحي بين حكومات جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية العراق تم توقيعها في 26/11/1985، وصدر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم (177) لسنة 1986، وأقرها ووافق عليها مجلس الشعب بجلسته المعقودة في 16/6/1986، وقد اعتبر عقد تأسيسها ونظامها الأساسى القانونين الحاكمين لنشاطها، وقد حدد عقد تأسيسها الدول الأعضاء المساهمة فيها، وعين رأس مالها بمقدار ستة ملايين دولار أمريكي، ونصيب كل دولة مساهمة فيها، وقصر المساهمة في رأس مال الشركة على الدول المتعاقدة، وقررأن الجمعية العمومية تتكون من وزراء النقل بالدول المتعاقدة، ويرأسها أحد وزراء النقل بالتناوب فيما بينهم، وأن مجلس الإدارة يتكون من تسعة أعضاء موزعين بالتساوي على الدول المتعاقدة ويسميهم وزير النقل بالدولة المتعاقدة. وحددت المادة الثامنة عشرة كيفية تعديل أي من مواد العقد والإجراءات واجبة الاتباع في هذا الخصوص، مقررة إمكان حصوله بموجب موافقة جمعيتها العمومية ومصادقة حكومات الدول المتعاقدة وفقاً للإجراءات الدستورية المتبعة فيها، وأجازت تعديل النظام الأساسي بقرار من الجمعية العمومية فيما لا يخالف المبادئ الأساسية الواردة بعقد التأسيس، الأمر الذي يقطع بأن تعديل أي من مواد عقد تأسيس الشركة المعنية– ومنها شخص المساهم في رأس مال الشركة– إنما تختص به جمعيتها العمومية، وفق إجراءات مقررة واجبة الاتباع إن أريد لهذا التعديل أن يستوي على جادة كل من المشروعية الداخلية وفق النظام القانوني المصري، والشرعية الدولية بحسبان أن تلك الشركة قد تأسست بموجب اتفاق دولي يضع كلًّا من الدول الأطراف عرضة لمسئوليات دولية إن هي خالفت أحكامه، وعليه فلا فكاك والحال هذه من وجوب لزوم كل من الدول الأطراف جميع الأحكام التأسيسية لهذه الشركة وعقدها التأسيسي، لا سيما أن تغيير أي من مواد التأسيس هو من الأهمية بمكان، إذ قرر النظام الأساس له إجراءات خاصة، ومن ثم يغدو لإجراء تغيير شخص الموقع على الاتفاقية، والمساهم في رأس مال الشركة، وهو التغيير الذي يندرج ضمن أحكام تعديل مواد عقد التأسيس، لزوم موافقة الجمعية العمومية للشركة ومصادقة حكومات الدول المتعاقدة وفقًا للإجراءات الدستورية المتبعة فيها، ولا محيد عن لزوم تلك الأحكام إن أريد لهذا التعديل أن يوافق قواعد المشروعية الداخلية وألا يرتب مسئوليات دولية. وتدارست الجمعية العمومية ما جاء بكتاب طلب إعادة العرض وما ورد فيه من أسانيد، وتبين لها أنها كانت تحت نظرها عند إبداء الرأي في الموضوع، وأنه لم يطرأ من الموجبات ولم يجد من الأوضاع القانونية، ما يحدو بالجمعية العمومية إلى العدول عن وجه الرأي الذي خلصت إليه في إفتائها سالف البيان والذي كشفت فيه عن صائب حكم القانون في الموضوع.