على مر العقود، حلم المصريون والعالم بصرح يليق بعظمة حضارتهم الضاربة في عمق التاريخ،ذلك الحلم تجسد أخيرا في المتحف المصري الكبير، الذي يعد اليوم أكبر متحف في العالم مكرس لحضارة واحدة ،الحضارة المصرية القديمة. بدأت الفكرة في تسعينيات القرن الماضي، وتحولت بخطوات متتابعة إلى واقع ملموس يفتح أبوابه رسميا في الأول من نوفمبر 2025، بعد مسيرة طويلة من العمل والإنجاز. اقرا أيضأ|حسين عبد البصير: افتتاح المتحف المصري الكبير حدث تاريخي وفرصة للاحتفاء الفكرة تتحول إلى مشروع قومي انبثقت فكرة إنشاء المتحف في تسعينيات القرن العشرين، لتكون مصر مركزا عالميا يعرض إرثها الفرعوني بشكل حديث ومتكامل. وفي فبراير 2002، وضع الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك حجر الأساس للمشروع قرب أهرامات الجيزة، عقب استكمال الدراسات الأولية. وفي العام ذاته، أطلقت مصر مسابقة معمارية دولية تحت رعاية اليونسكو والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين لاختيار التصميم الأفضل. الاختيار المعماري والرؤية الجمالية في يونيو 2003، فاز بالمسابقة مكتب استشاري أيرلندي،صيني مقره دبلن،جاء تصميمه فريدا يعتمد على امتداد أشعة الشمس من قمم الأهرامات الثلاثة لتلتقي في كتلة مخروطية تمثل المتحف، بحيث يبدو من الأعلى كأنه هرم رابع يكمل المشهد الأيقوني لهضبة الجيزة. مرحلة التنفيذ والإعداد بدأت أعمال إزالة العوائق الطبيعية والتمهيد للموقع عام 2005، واستمرت ثلاث سنوات، بتمويل من هيئة التعاون الدولي اليابانية (JICA). وفي العام التالي (2006) أنشئ مركز ترميم الآثار ضمن المشروع لترميم وصيانة القطع الأثرية التي ستعرض داخل المتحف. وفي يونيو 2010، افتتحت سوزان مبارك، قرينة الرئيس الأسبق، مركز الترميم ومحطتي الطاقة والإطفاء، بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى والثانية للمشروع. تحديات الثورة واستئناف العمل توقف العمل في المتحف عقب ثورة 25 يناير 2011، لكن المشروع استعاد زخمه في عام 2014 بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليعود إلى مسار التنفيذ بخطط زمنية محددة. وفي عام 2016، أصدر مجلس الوزراء المصري قراراً بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم شؤون المتحف، أعقبه صدور القانون رقم 9 لسنة 2020 الذي أعاد تنظيم الهيئة ك هيئة عامة اقتصادية تتبع وزارة الآثار. إنجازات على الطريق نحو الافتتاح يناير 2018: نقل تمثال الملك رمسيس الثاني إلى موقع المتحف، كأول قطعة أثرية تستقر في أروقته. 2021: اكتمال أعمال التشييد على مساحة نحو 500 ألف متر مربع، تضم بهو المدخل، والدرج العظيم، وقاعات الملك توت عنخ آمون، ومتحف الطفل، والمرافق الخدمية وأنظمة الأمن والمراقبة. 16 أكتوبر 2024: انطلاق مرحلة التشغيل التجريبي للمتحف، المصمم ليضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية. الافتتاح المنتظر في 25 فبراير 2025، أعلنت الحكومة المصرية عن إقامة حفل الافتتاح الرسمي في الثالث من يوليو بحضور قادة وزعماء العالم. إلا أن التوترات الإقليمية الناتجة عن الصراع العسكري بين إسرائيل وإيران دفعت السلطات المصرية إلى تأجيل الموعد إلى الأول من نوفمبر 2025، ليكون الحدث في أجواء أكثر استقرارا واحتفاء. بعد رحلة امتدت لأكثر من عقدين من التخطيط والإنشاء والتحديات، يقف المتحف المصري الكبير اليوم شاهدا على عبقرية المصري القديم والمصري المعاصر معا. فهو ليس مجرد متحف، بل رسالة ثقافية وإنسانية تربط الماضي بالحاضر، وتعيد تعريف علاقة العالم بالحضارة المصرية.