نجيب محفوظ في إسرائيل أكبر من مجرد أديب . وهو أحد أبرز الشخصيات التى يهتم بها الأدباء والمثقفون والباحثون في الدولة العبرية. وقد ظهر ذلك بوضوح منذ حلول الذكرى المئوية لميلاد الكاتب الكبير قبل أيام، حيث امتلأت الملاحق الثقافية لكبرى الصحف الإسرائيلية وهي "إسرائيل اليوم" و"يديعوت أحرونوت" و"معاريف" و"هاآرتس" بالكثير من المقالات النقدية عن محفوظ. وهي موضوعات التي وضعت جميعها في إطار احتفالي بمناسبة حلول مئوية الكاتب الكبير. اللافت أن محفوظ يحظى بصورة عامة بمكانة كبيرة في قلوب غالبية الإسرائيليين الذين قرأوا أو تابعوا رواياته، ولم يكن اهتمام الصحافة بذكرى ميلاده إلا تعبيرا عن قوة الاعتزاز والحب والتعلق به. على سبيل المثال أشار التليفزيون في تقرير له بثه أخيرا إلى أن هناك ما يقرب من 120 رسالة دكتوراة وماجستير أجراها الباحثون والطلبة الإسرائيليون على أعمال محفوظ الأدبية، خاصة الثلاثية التي يصفونها برائعة الأدب العربي، لأنها تسرد أحد أهم وأبرز مراحل التاريخ المصري. أوضح الأديب الشهير ساسون سوميخ الرئيس الأسبق للمركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة وأحد أهم المتابعين لأعمال محفوظ أن الكثير من الإسرائيليين يعشقون أعمال الكاتب الكبير، الأمر الذي دفع بعدد من دور النشر إلى ترجمة أعماله الأدبية وعرضها في الأسواق والمنتديات الثقافية الإسرائيلية. جدير بالذكر أن الرسالة التي أعدها سوميخ للحصول على الدكتوراة كانت عن أعمال نجيب محفوظ ومناقشة تأثيرها على الأدب العربي. اللافت أن حب محفوظ انتشر بين العديد من الأدباء والمفكرين الإسرائيليين، خاصة من ذوي الأصول العراقية. ومن هؤلاء الكاتب الإسرائيلي سامي ميخائيل الذي كان أول من ترجم ثلاثية محفوظ للغة العبرية، واستغرقت هذه الترجمة قرابة العشر سنوات وحققت الكثير من المكاسب لميخائيل بعد طرحها في الأسواق. وفي حديث لميخائيل مع الملحق الثقافي لصحيفة هاآرتس أشار إلى أنه استمتع مع ترجمة الثلاثية إلى اللغة العبرية، خاصة أن محفوظ استلهم شخصيات هذه الراوية من الواقع المصري، الأمر الذي جعل ميخائيل يشير إلى أن من يقرأ الثلاثية فقد قرأ شرائح المجتمع المصري بكل طوائفه. من جانبها، أوضحت صحيفة يديعوت أحرونوت في ملف لها إلى أن الثلاثية ليست وحدها مركز الإبداع الفكري لمحفوظ، ولكن هناك الكثير من الأعمال الأخرى مثل اللص والكلاب أو أولاد حارتنا وثرثرة فوق النيل التي تم طرحها في أحد الأفلام الإسرائيلية، بالاضافة إلى تمثيلها على أحد المسارح في حيفا . الغريب أن الصحيفة أعربت عن أسفها الشديد من عدم زيارة محفوظ إلى إسرائيل، معتبرة أن عدم حضوره إلى تل أبيب خسارة كبيرة، مؤكدة أن أملها في النهاية تحقيق التطبيع الثقافي والفكري بين الأدباء العرب وإسرائيل، من أجل تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون والتعايش بين العرب وإسرائيل.