تعتبر ظاهرة غسيل الأموال إحدى أخطر الظواهر السلبية العالمية التى تؤثر على الوضع الاقتصادى لأى دولة وتلقى بظلالها على نمو أى استثمار سواء كانت داخليا أم خارجية. ويؤكد خبراء مصرفيون أن جريمة غسيل الأموال تصيب أى دولة بشلل فى عملية نموها وتؤدى إلى عدم القدرة على اتخاذ القرار الاقتصادى السليم بسبب عدم القدرة على معرفة حجم المعروض النقدي الحقيقي والمزيف وتأثيرهما على الأوضاع الاقتصادية من حيث عمليات الإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار، إضافة إلى إسهامها فى إحداث حالة انكماش وتدهور عام في الأداء الاقتصادي واتساع نطاق الفقر والتوتر الاجتماعي، مؤكدين أن هذه الظاهرة تهدد الاقتصاد العالمي وخاصة اقتصاديات الدول النامية حيث بلغ حجم ظاهرة غسيل الاموال وفقا لأخر التقديرات الاقتصادية العالمية 600 مليار دولار على مستوى العالم وبلغ نصيب مصر منها 5 مليارات دولار. ولذا فقد تزايد الاهتمام أخيرا بالتصدى لجريمة غسيل الاموال ومواجهة خطورتها من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية والمراكز المالية الكبرى، حيث تستضيف القاهرة غدا الأربعاء مؤتمر"إنقاذ العالم من التزوير والتزييف وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب" على مدار يومين لوضع الخطط والرؤى الجديدة للتصدى لهذه الجريمة العالمية. حيث أكد الدكتور سمير الشاهد – المدير التنفيذى لوحدة غسيل الأموال المصرية أن غسيل الأموال باتت أحد أخطر الجرائم الاقتصادية التى تؤثر على العديد من الأقتصاديات الكبرى حول العالم ويعانى منها الأسواق النامية بوجة الخصوص حيث تتم عملية غسيل الأموال علي أموال تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة مثل الرشوة والاستيلاء علي المال العام والاختلاس وتجارة المخدرات والأسلحة ويمتاز مرتكبى هذه الجرائم بقدراتهم الفائقة على إخفاء معالم الجريمة عن طريق إيداع الأموال في حسابات بأسماء أشخاص آخرين أو إيداعها في استثمارات مشروعة سواء كانت عقارية أو سوق أوراق مالية بهدف قطع الصلة بين هذه الأموال وبين الجريمة التي ارتكبها بحيث يصعب الوصول إلى مصدرها. ونظرا لتطور التكنولوجيا الهائل زاد تفوق هؤلاء المجرمين حيث أصبحت جريمة غسيل الأموال الشغل الشاغل لجميع الدول فانتشارها ينعكس سلبا علي الاستقرار الاقتصادي والمالي والأمني لأية دولة لذا فقد كثفت مصر جهودها من أجل مكافحة هذه الظاهرة من خلال الدور الذي تقوم به وحدة مكافحة غسيل الأموال بالتنسيق والتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية والرقابية على مستوى الجمهورية. وأشار الشاهد إلى أن الاقتصاد القائم على أموال مصادرها غير شرعية لا يحقق أي تنمية حقيقية موضحا أن الأموال غير الشرعية تدخل في استثمارات قصيرة كالمضاربات والمراهنات والتي من شأنها تحقيق عائد عاجل لضمان الخروج السريع من السوق ومن أكثر الدول تأثرا بهذه الجريمة هى الدول النامية حيث تستغل هذه العملية الإجرامية في البورصات الناشئة من خلال عمليات تداول ضخمة عن طريق وسطاء وشركات سمسرة وإنشاء شركات لتحويل الأرصدة إليها للتبييض وغسيل الأموال. وأضاف الخبير المصرفى الدولى - رشاد عبده أن قضية غسيل الأموال وتمويل الإرهاب قد اكتسبت اهتمام العديد من دول العالم حيث أصبحت تشكل تهديدا للاستثمار والاستقرار في النظام السياسي والاقتصادي لأي دولة مشيرا إلى أن التداعيات السلبية لجرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب لا تقتصر فقط علي الجهاز المصرفي والقطاع المالي بل تمتد لتشمل كل القطاعات الاقتصادية ويزيد من خطورة تلك العمليات أنها تتم خارج إطار الإحصاءات الاقتصادية المعتادة وتنتشر في الدول التي تفتقر إلى القوانين والتشريعات والمؤسسات اللازمة لمكافحتها. وأشار إلى أن التداعيات السلبية التى تنتج من جراء هذه الجريمة تتمثل فى التأثير علي كفاءة توزيع الموارد الاقتصادية من خلال تسرب الأموال المغسولة للاقتصاد المحلي مما يؤدي إلى سوء توزيع الموارد من خلال عدم استغلال المدخرات القادمة من أعمال غير مشروعة كما تؤثر أيضا على ميزان المدفوعات حيث إن خروج الأموال المغسولة من الاقتصاد المحلي إلى الدول الأخرى يؤدي إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات وحدوث أزمة سيولة في النقد الأجنبي كما تؤدي إلى تذبذب الاستقرار المالي داخل البورصات أو الأسواق المالية التي تستثمر بها تلك الأموال. وأضاف أن انتشار أنشطة غسيل الأموال يؤدى إلى زيادة مشكلة عدم العدالة فى توزيع الدخل ويخلق حالة من فقدان الثقة فى النظام الأقتصادى القائم تهديدا لاستقرار النظام المالي والمصرفي بوجه خاص ولاستقرار النظام المالي والمصرفي العالمي بوجه عام.