اثارت قضية تورط جماعة الاخوان المسلمين في جرائم غسيل اموال والحصول علي تمويل من الخارج لدعم انشطتها المحظورة ردود فعل واسعة حول جهود مصر لمكافحة جرائم غسيل الاموال القذرة وتمويل الارهاب طبقا للاتفاقات التي ابرمتها الحكومة المصرية وكان من نتائجها انشاء عدة ادارات متخصصة لمكافحة مثل هذه النوعية من الجرائم والتي تعمل وفق خطط سرية لتتبع مصادر تلك الاموال في الداخل والخارج مثل ادارتي مكافحة جرائم غسيل الاموال التابعتين لوزارة الداخلية والتي تتبع احداهما ادارة مباحث الاموال العامة والثانية تتبع الادارة العامة لمكافحة المخدرات كما تم انشاء وحدة متخصصة في مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب بمقتضي القانون رقم 80 لسنة 2002 تتبع وزارة العدل. الجديد هو ما اعلن عنه مؤخرا من قيام تلك الادارات بتتبع مصادر اموال عدد كبير من مودعي شركات توظيف الاموال في القضايا المثارة حاليا في المحاكم وخاصة الموظفين العموميين منهم للتأكد من أن مصدر تلك الاموال ليس من متحصلات جرائم الرشوة والاختلاس والتربح واستغلال النفوذ. مزيد من التفاصيل حققناها في سياق هذا التحقيق؟ تفشي الظاهرة في البداية يؤكد المستشار سري صيام مساعداول وزير العدل ورئيس مجلس امناء وحدة مكافحة غسيل الاموال ان المقصود بمصطلح غسيل الاموال يغيب عن الكثيرين فهمه والوقوف علي ماهية غسل الاموال فهناك جرائم تندرج تحت عنوان "الفساد مثل الرشوة وملحقاتها واختلاس الاموال العامة والاستيلاء عليها والاستيلاء علي الاموال الخاصة" وهي الجرائم التي استحدثت مؤخرا وتم تعديل القانون وفقا لها خاصة بعد انتشار ظاهرة توظيف الاموال التي طغت علي السطح مرة اخري وبكثافة ومن ثم ادرجنا جريمة توظيف الاموال ضمن الجرائم التي تعاقب علي غسل الاموال المتحصلة منها فهناك جرائم كبيرة وجسيمة ترتكب من اجل الحصول علي الاموال فالجاني في هذه الجرائم في الغالب يكون علي وعي تام ولذلك يستطيع اخفاء الجريمة التي ارتكبها وتصبح الجريمة في طي الكتمان والخفاء ومع تطور الاجرام بما نسميه الجريمة المنظمة والجريمة العالمية التي نطلق عليها جرائم عابرة للحدود اصبحت الاموال تنساب في سهولة ويسر عبر الحدود وهذا ما ادي الي اجرام منظم فأصبح هناك اموال ضخمة جدا يتم الحصول عليها من هذه الجرائم. ويضيف انه لكي يستفيد الجاني من هذه الاموال يدخلها في اوجه نشاط مشروع كالاستثمار في سوق الاوراق المالية او الاستثمار في سوق العقارات وغيرها من المجالات الكثيرة المفتوحة او يودع هذه الاموال في مصارف باسماء اخرين لكي يقطع الصلة بين هذه الاموال وبين الجريمة التي ارتكبها بحيث يكون من الصعب الوصول الي مصدر هذه الاموال وعندما نجد عمليات تجري وشكلها غير عادي وليست مناسبة مع الشخص الذي يجريها نطلق علي هذه العمليات جريمة غسيل اموال اذا فان معني غسيل الاموال انها صور تتخذ بالنسبة لاموال معينة بعمليات مالية معينة وهذه الاموال هي في الواقع نتاج جرائم لم تكتشف. ودور الوحدة في هذه الحالة عمل التحريات دون المساس بشخص المتهم او حرية امواله او حركتها الي ان نكتشف حقيقة مصدرها ونبدأ بابلاغ النيابة العامة لكي تقوم بعملها. أركان الجريمة ويؤكد المستشار سري صيام انه لابد من توافر ثلاثة عناصر اساسية لكي تكتمل اركان جريمة غسيل الاموال منها ان تكون هناك الجريمة المرتكبة ونطلق عليها جريمة المصدر او الاصل وقد حدد المشرع المصري الجرائم التي نطلق عليها جرائم اصلية او مصدر في المادة رقم 2 وهي 22 جريمة اشهرها جرائم الرشوة والفساد والاختلاس والاستيلاء علي الاموال والاتجار في المخدرات والسلاح والآثار وتمويل الارهاب وتوظيف الاموال والتهريب الجمركي والكسب غير المشروع ولابد ان تكون الجريمة الاصلية منصوصا عليها في المادة رقم 2 لكي تندرج تحت جرائم غسيل الاموال وهذا هو العنصر الثاني اما العنصر الثالث وهو ضرورة توافر سلوك من صور غسيل الاموال وهذا السلوك لابد ان ينطوي علي اكتساب اموال او حيازتها او التصرف فيها او ادارتها او حفظها او استبدالها او ايداعها او استثمارها او نقلها او تحويلها او التلاعب فيها وبدون هذه الشروط لا نكون امام جريمة غسيل اموال. وعن وحدة مكافحة غسيل الاموال يقول انها انشئت بمصر بمقتضي القانون رقم 80 لسنة 2002 وهي وحدة مستقلة قائمة بذاتها وليست تابعة للبنك المركزي المصري وهذه الوحدة تتعامل مع مؤسسات مالية وجهات غير مالية وهذه الوحدة تعمل وفق سرية تامة جدا بالنسبة للاخطارات التي تأتي الي الوحدة لاننا مقيدون بقواعد شرعية مفادها المتهم بريء حتي تثبت ادانته فوحدة غسل الاموال تلقت 1876 اخطارا من المؤسسات المالية عن حالات اشتباه في جرائم غسل اموال منذ بداية عمل الوحدة وحتي 30 يونيو 2008 ونحن لا نقوم بالاستعانة بمكاتب تحريات خاصة وهذه ضمانة يجب الحفاظ عليها ولهذا جاءت مصر في مقدمة الدول العربية التي تضمنها تقرير البنك الدولي الاخير الذي اصدره حول تقييم نظم مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب. خطوات متلاحقة وعن تقييم دور مصر في مكافحة جرائم غسيل الاموال يقول سمير الشاهد المدير التنفيذي لوحدة مكافحة غسيل الاموال ان مصر خطت خطوات متلاحقة وجادة لتحقيق غايات مكافحة غسيل الاموال وواكب ذلك متابعة دائمة للتطورات السريعة علي المستوي العالمي ومنذ ذلك حرصت مصر علي انشاء نظام فعال لمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب علي المستوي القومي يكون محوره وحدة مركزية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب كذلك من التشريعات والضوابط الرقابية التي تكفل مكافحة الجريمة طبقا للمعايير الدولية وكل ما يصدر عن مجموعة العمل المالي الدولي fatf والتي استحدثت نظاما لتقييم نظم مكافحة غسل الاموال كل خمس سنوات ومصر هي عضو مؤسس في هذه المجموعة لمنطقة الشرق الاوسط. وقد اشاد التقرير في تقييم لمصر بحصولها علي درجة ملتزم في 47 توصية كما اشاد البنك الدولي بمصر نظرا لتوافر نظام لمكافحة غسل الاموال الذي يتماشي مع المعايير الدولية وتمتع الوحدة بهيكل اداري قوي يوفر لها الاستقلالية وتتمثل استقلالية الوحدة في عدم قابلية رئيسها للعزل وقيامه برفع تقاريره مباشرة الي رئيس الجمهورية. ويضيف ان الوحدة تقوم بتقديم التوجيهات والاشادات للمؤسسات المالية الملزمة بالابلاغ في ظل وجود اطار رقابي فعال من قبل البنك المركزي وهيئة سوق المال لالزام المؤسسات المالية الخاضعة لها باحكام القانون واللائحة التنفيذية وقواعد التعرف علي الهوية والتنسيق والتعاون المحلي بين الجهات المعنية في مجال مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب. لذلك فان مصر قطعت شوطا كبيرا في مجال مكافحة جرائم غسل الاموال وتمويل الارهاب وبذلت جهودا متوالية في هذا النطاق عن ايمان عميق وعقيدة راسخة باهمية دورها المحوري علي المستويين الاقليمي والعالمي في مكافحة هاتين الجريمتين ولقد اقتضي ذلك اعداد بنية تشريعية ورقابية متوافقة مع جميع المعايير الدولية حيث اشاد تقرير البنك الدولي بهذه البنية. تأثيرات سلبية تؤكد د. هالة السعيد مديرة المعهد المصرفي المصري ان جرائم غسيل الاموال لها عدة تأثيرات سلبية علي الاقتصاد المصري من بينها ان تسرب الاموال المغسولة للاقتصاد المحلي يؤدي الي سوء توزيع الموارد من خلال عدم استغلال المدخرات القادمة من اعمال غير مشروعة وثانيا ان خروج الاموال المغسولة من الاقتصاد المحلي يؤدي الي زيادة العجز في نيران المدفوعات وحدوث ازمة مالية في النقد الاجنبي وكذلك تؤدي عملية غسل الاموال الي تذبذب الاستقرار المالي داخل البورصات او الاسواق المالية التي تستثمر بها تلك الاموال فضلا عن ان نشاط غسل الاموال يؤدي الي انشاء ظاهرة عدم عدالة توزيع الدخل وايجاد حالة من فقدان الثقة في النظام المالي والمصرفي في الدول المعنية بهذه الظاهرة. وعن دور المعهد المصرفي المصري في التوعية بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب تؤكد انه من قانون البنك المركزي المصري رقم 88 لسنة 2003 وضم مادته رقم 45 والذي يؤكد دور المعهد المصرفي بالعمل علي تنمية المهارات في الاعمال المصرفية والمالية والنقدية ومكافحة غسيل الاموال للعاملين بالبنك المركزي المصري والبنوك والجهات العاملة في هذه المجالات بهدف مسايرة التطور العالمي وترسيخ قواعد العمل المهني السليم وبناء علي هذا فانه بمجرد صدور القانون رقم 80 لسنة 2002 قام المعهد بتقديم مجموعة من البرامج والندوات التعريفية ولم يقتصر دور المعهد علي خدمة القطاع المصرفي فقط بل امتد ليشمل العديد من الجهات الاخري.