بعد اجتماعات وحوارات مجتمعية ومناقشات استمرت أكثر من 10 سنوات، خرج قانون التأمين الصحي الشامل الجديد للنور في عام 2017، حيث يعد ذلك النقطة "المنيرة" في وزارة جميع قطاعاتها "مظلمة"، بسبب المشكلات المتراكمة بلا حل، مثل نقص الأدوية، والعجز المستمر في أسرة الرعاية المركزة والحضانات. فقد أعلنت الحكومة موافقتها علي مشروع القانون، وإحالته إلي مجلس النواب لمناقشته، علي أن يتم تطبيقه على 6 مراحل خلال 15 عامًا، بداية من عام 2018 حتي 2031، بتكلفة مبدئية تتراوح ما بين 80 و120 مليار جنيه. وتمت مناقشة مشروع القانون بمجلس الوزراء أكثر من مرة قبل إقراره من قبل عدة وزارات، هي: "الصحة، والمالية، والاتصالات، والإنتاج الحربي، والداخلية، والحربية، والتضامن الاجتماعي، والتعليم العالي، والتخطيط، والتنمية المحلية، وقطاع الأعمال"، وقدمت بعض الوزارات ملاحظاتها علي القانون خلال المناقشة، وتمت دراستها ومناقشتها ومراعاتها في البنود النهائية للقانون قبل إقراره. ومن المقرر أن يطبق مشروع قانون التأمين الصحي الشامل بشكل إلزامي علي جميع المصريين، ما عدا الجيش، الذى لديه قانون خاص به، بينما موظفو الشرطة يطبق عليهم القانون، لأنهم مدنيون طبقًا لقانون 79 لسنة 1975. وقد بدأت وزارتا الصحة والاتصالات، خلال الفترة الماضية، في تفعيل "الكارت الذكي"، الذي أصفه ب"كارت الأمان الصحي للمصريين"، حيث من خلاله يستطيع أي مواطن الحصول علي الخدمة الصحية في أي مكان بجمهورية مصر العربية، وتكون المعلومات المخزنة على "الكارت" مرئية للطبيب فقط، فضلًا عن أن جميع معلومات المرضى تكون لدى طبيب الأسرة. وتأتي اشتراكات المواطنين في التأمين على رأس مصادر الدخل، بجانب الضرائب على التبغ، وإسهامات المشتركين في المشروع، ثم حصة خزانة الدولة، حيث إن الدولة ستدفع اشتراكات غير القادرين، وعددهم يتراوح بين 30 و35 % من الشعب المصري، وعرفت وزارة التضامن غير القادرين بمن يقل دخلهم الشهري عن الحد الأدنى للأجور. وتبلغ نسبة اشتراك المواطنين في القانون الحالي 1% للموظف من الأجر التأميني، و3% من صاحب العمل شهريًا، بينما في القانون الجديد ستكون بتلك النسبة نفسها، ولكن علي إجمالي الدخل، فضلًا عن دفع رب الأسرة اشتراكات من هو مسئول عنهم، للزوجة غير العاملة 2.5%، وباقي أفراد العائلة 75.% عن كل شخص. وسيدفع المشترك في التأمين الصحي الجديد نسبة "إسهامات" رمزية وقت إجراء التحاليل تصل ل10%، والأشعة 20%، وذلك لعمل "كنترول" في تقديم الخدمة، بينما العمليات الجراحية ستكون بدون أي مساهمات، سوي دفع الاشتراك الأساسي. وجاء قانون التأمين الصحي الجديد فى 5 أبواب، تضم 68 مادة، ومرفقات "العائل، والتمويل، والاشتراكات، واشتراكات ذوي الإعاقة، والأطفال بلا مأوى، وغير القادرين، وأصحاب المعاشات". وتُعد الأسرة النواة الحقيقية لمشروع التأمين الصحي الجديد، الذى يعتمد علي فصل الخدمة عن التمويل، حيث إن النظام الحالي هو من يجمع الاشتراكات ويقدم الخدمة ويقيمها في الوقت نفسه، وهذا لا يحدث في أي مكان في العالم، فالقانون الجديد ستكون به جهة منوطة بالتمويل والإدارة، وأخري للرعاية الصحية تقوم بالتعاقد مع مقدمي الخدمة، وجهة ثالثة للاعتماد والجودة وتقييم الخدمة. إضافة إلي "الإتاحة" المنوطة بوضع حرية الاختيار أمام المريض في اختيار الطبيب المعالج، والمستشفيات التي يفضل العلاج بها. والقانون الجديد لا يلغي التأمين الطبي الخاص، فمن يرغب في العلاج في مستشفيات "خمس نجوم" من أصحاب الدخول المرتفعة، فإنهم سيشتركون في التأمين بحكم القانون، ومن خلال القانون الجديد سيتم علاجهم في الأماكن المفضلة لديهم، ولكن بمميزات وخصومات التأمين نفسها. وهنا يكون القانون الجديد قدم الخدمة لأصحاب الدخول المرتفعة، وفي الوقت نفسه، شاركوا في الواجب المجتمعي التكافلي، بدفع اشتراكات قد تساعد غير القادرين. وعن موقف المستشفيات الحكومية بعد تطبيق القانون، فإن هذه المستشفيات تم وضع برنامج لها محدد خلال فترة زمنية محددة يستهدف تطويرها، بحيث يتم شراء الخدمة الطبية منها. وبعد تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد، سيسعي الأطباء إلي العمل بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة، حيث إن المرضي في هذه الحالة لن يذهبوا إلي العيادات الخاصة. ومن المقرر إلغاء برامج العلاج علي نفقة الدولة أو علاج غير القادرين، بعد تطبيق مشروع قانون التأمين الصحي الجديد، وستحول الأموال التي كانت تنفق عليها إلي ميزانية قانون التأمين الصحي الجديد. وقد بدأت وزارة الصحة، منذ فترة زمنية قصيرة، تطوير وحدات الرعاية الأساسية، حيث إنها ستكون البوابة الأساسية لتقديم الخدمة للمرضي في قانون التأمين الصحي الجديد، فضلًا عن بدء تطوير المستشفيات الحكومية والتابعة لهيئة التأمين الصحي. ويتوقف دور وزارة الصحة والسكان، بعد تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد، علي تقديم خدمات الإسعاف والطب الوقائي والأوبئة والكوارث والتطعيمات والطوارئ. وجاءت مراحل تطبيق قانون التأمين الصحي الجديد كالتالي: الأولي من عام 2018 إلي 2020 في محافظات "بورسعيد والإسماعيلية والسويس وجنوب سيناء وشمال سيناء"، والمرحلة الثانية من 2021 إلي 2023 في محافظات "الأقصر ومطروح والبحر الأحمر وقنا وأسوان"، والثالثة من 2024 إلي 2026 في محافظات "الإسكندرية والبحيرة ودمياط وسوهاج وكفر الشيخ". بينما المرحلة الرابعة من 2017 إلي 2028 في محافظات "بني سويف وأسيوط والمنيا والوادي الجديد والفيوم"، والخامسة في عام 2029 إلي 2030 في محافظات "الدقهلية والشرقية والغربية والمنوفية"، والمرحلة السادسة والأخيرة 2031 إلي 2032 في محافظات "القاهرة والجيزة والقليوبية". وقد انفردت "بوابة الأهرام" بحوار مع الدكتور علي حجازي، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي، في 20 مارس 2017، كشف خلاله عن تفاصيل مشروع القانون الجديد، وذلك تحت عنوان " بالفيديو.. "حجازي" يكشف ل"بوابة الأهرام" التفاصيل الكاملة لقانون التأمين الصحي.. من يستحق وكيفية الاستفادة".